( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
العراقيون شعب عريق ومتحضر وعدم ممارسته للديمقراطية لا تمنع من الاطلاع على مسيرتها في بلدان عديدة بمشرق الارض ومغربها.. ولهذا فوجئ العراقيون بالشجار العنيف والزعيق والصراخ الذي حدث داخل قاعة مجلس النواب يوم أمس وقبله. وقد يقول قائل بان تجربة النواب في مجال النقاش والحوار وثقافة الاستماع الى الرأي الاخر قد جاءت متأخرة الى هذا البلد.. ونقول ان اهل هذا البلد قد ورثوا تقاليد وعادات وتربوا ـ معظمهم ـ على شريعة الاسلام التي تضع لكل شيء حدودا وقد ترسخت في نفوس وضمائر أهل العراق كل معاني الحكمة والحديث الهادئ والتبصر وضبط اللسان الذي (لو صنته صانك).
ما شاهدناه وسمعناه، بالامس كان مفجعا بكل معاني الكلمة، وكأنه كابوس، ففي مجلس نواب الشعب العراقي لا ينبغي ولا يجوز لاحد ان يرفع صوته صارخا بوجه الاخر، بل ان تصرع الحجة بالحجة، وبالكلمة الطيبة يرد حتى على الاساءة.. هكذا تعلمنا، وهكذا نريد ان نسمع ونرى من احاديث السادة النواب لانهم قدوتنا ولانهم ممثلو شعبهم وباسمه يتحدثون، فلا يجوز لمن يتحدث باسم الشعب ان يتشاجر مع أخوته وزملائه النواب مع ان هناك اكثر من وسيلة للاقناع ولعل الصراخ أبعدها عن تحقيق أي غرض.
لا نريد ان نرجع كل شيء الى نظرية المؤامرة فنقول ان هناك تعمدا في الاساءة الى الديمقراطية بالممارسات التي عمت قاعة مجلس النواب.. لاننا ندرك ان حضرات السادة النواب يطمحون بالعودة الى البرلمان بعد اربعة أعوام.. واسلوب المصايحات والمشاجرات سيقنع الناخبين بلا فائدة من انتخابهم!!
ولا نطلب من نوابنا الا العمل الجدي الهادئ والرصين لمعالجة قضايا مطروحة او ستطرح على جدول اجتماعاتهم. لان ما ظهر عليه بعضهم في اليومين الاخيرين ـ ولحسن الحظ انهم أقلية ـ كاد ان يهز قناعات الكثير من المواطنين بصلاحية البعض لفهم وتفهم الديمقراطية!
وأخيرا نقول لنواب الشعب العراقي.. ان امامكم قضايا على اساسها يبنى العراق الجديد وعلى هديها ينطلق في رحاب الدنيا، فما بال بعضكم يستسهل الكلام الحاد والمتفجر في كثير من الاحيان، ولا يعتد بالحكمة القائلة: خير الكلام ما قل ودل.. ولا يأخذ باختها التي تقول: الصراخ يضيع الحق.. والله من وراء القصد.
https://telegram.me/buratha