( بقلم : عبد الكريم الجيزاني )
بعد مخاض عسير وجدل قانوني وسياسي وصل في بعض الاحيان حد الاحتدام توصلت الكتل النيابية في مجلس النواب الى التوافق بين الفرقاء على تأجيل تنفيذ قانون الاقاليم بعد ان يقر كقانون في مجلس النواب الى ثمانية عشر شهراً اعتباراً من يوم صدور القانون الذي سينظم مشروع الفيدرالية. هذا التوافق بين الكتل النيابية جرى على مسارين الاول قانوني وهو اقتراح بعض التعديلات الدستورية باعتبار مبدأ التوافق ازاء أي اقتراح للتعديل وقد شكلت لجنة لذلك من سبعة وعشرين عضواً من مختلف ممثلي الشعب العراقي في مجلس النواب لانجاز هذه المهمة خلال عام واحدأما من الناحية السياسية وهي المرحلة الاصعب والتي لا تخضع في اغلب الاحيان الى ما يريده الجمهور بل تخضع الى رؤى وأفكار ومتبنيات وإطروحات فئوية قد تتقاطع في عدد من مفاصلها مع انجاز العملية السياسية الجارية، رغم ان هناك اجماع من قبل اغلب الكتل النيابية الكبيرة التي شكلت حكومة المشاركة في الحفاظ على الدستور الدائم الذي صوت عليه الشعب العراقي بأغلبية ساحقة وأستطاعت-الكتل-من إبعاد شبح الغاء الدستور الذي لوح به بعض الفرقاء، وهذا ما دعا هذه الكتل وبحرص منها على المنجزات الكبيرة التي تحققت على أرض الواقع اعتماد التوافق كمبدأ للتعديل وليس الالغاء.
ما يلاحظ على بعض الفرقاء في مجلس النواب لم يكونوا بمستوى المسؤولية وخاصة بعد النتائج التي تمخضت عن الصراع السياسي على السلطة والثروة والارض والهوية والتي تعتبر من اهم تركات النظام البائد ولم يتم حلها بطريقة سلمية خاصة بعد افتعال هذه الاطراف التي دخلت العملية السياسية ازمات سياسية خانقة اجهضت او أخرت العديد من المشاريع الكبيرة في بناء دولة القانون ودولة المؤسسات دون الرجوع الى مبدأ المشاركة الذي شكل حكومة الوحدة الوطنية.
السيد رئيس مجلس النواب الدكتور محمود المشهداني اعتبر هذا التوافق هو هدية مجلس النواب الى ابناء الشعب العراقي وهذا أمر جيد يستحق التقدير وألاحترام لان الشعب العراقي يريد لممثليه في مجلس النواب ان تتوحد كلمتهم دون اقصاء للآخر والتعامل مع المشاريع التي تخدم اهداف الشعب العراقي وتحقق مصلحته الوطنية بروح الاخوة والمحبة والالفة وإن انطوت على بعض التنازلات من هذا الهدف أو ذاك طالما لم تمس الثوابت الوطنية لكن تبقى هناك مسألة اكثر اهمية وأشد خطورة، فالشعب العراقي يريد من ممثليه المحترمين أن يتعاملوا مع ملف الارهاب بشفافية ووضوح ولا بد من تسمية هذا السرطان الذي بدأ يسري في مفاصل الحياة اليومية خاصة وأن العمليات الاجرامية التي تنفذ اصبحت معروفة ومشخصة وواضحة المعالم والاتجاهات ولعل من البديهي ان نقول ان اغلب هذه الجرائم تنفذها الزمر التكفيرية القادمة من خلف الحدود تحت اسماء ولافتات اصبحت معروفة لدى ابسط الناس بالاضافة الى بقايا النظام الصدامي البائد ومن اجهزة مخابراته وأجهزته القمعية وخاصة من البعثيين الذين تلطخت ايديهم بدماء ابناء الشعب العراقي، فالهدية الكبيرة وبمناسبة هذا الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك يرى العراقيون ان تسمية الارهاب بشكل واضح وشفاف من قبل مجلس النواب هي الهدية الاكبر التي يمكن ان يقدمها للعراقيين في محنتهم هذه.
https://telegram.me/buratha