( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
من اهم ميزات النظام السابق على صعيد السياسة الخارجية انه افقد العراق لعلاقاته مع محيطه العربي والاسلامي والدولي عبر سياسة اصطلح عليها المراقبون الدوليون بسياسة تجريف المحيط وهو المصطلح الرديف لمصطلح سياسة تسوير المحيط الذي تعمل كل الانظمة بموجبه بما فيها الشمولية.
النظام السابق انفرد عن غيره بهذه الممارسة السياسية فكان من نتائجها انه قد ادخل العراق في ازمة علاقاتية مع جيرانه العرب والمسلمين والمجموعة الدولية كالعربية السعودية والكويت وايران والاردن وسوريا وتركيا بعضها اصطدم معها بحروب كارثية واحتلال وخيم وبعضها عاش معها ازمات سياسية لا تقل خطرا عن سياسات الحروب التي ادخلت العراق اتفاقات مظلمة طيلة عقدين من الزمن.
هذه الصورة او المشاهد السياسية لعلاقات العراق مع محيطه قد تكون اقل ازمة وارباكاً من علاقاته مع المنظومة الاقليمية والدولية اذ ان العراق خلال عقدين من الزمن كان يمثل الدولة المعزولة عن العالم الغربي والاسيوي والاممي ولم يشهد العراق خلال تلك المرحلة أي نشاط اقليمي او دولي على ساحته وكلنا نتذكر كيف طُرد العراق من المنظمة الدولية للامم المتحدة وكيف انتزعت منه فرصة ضيافته للمؤتمر السابع لدول عدم الانحياز وكيف توقفت بسببه مؤتمرات القمم العربية او عدم دعوته اليها.
الذي يلاحظ حركة الدولة العراقية الجديدة فانه سيرصد بسهولة حجم الجهد الذي تبذله في مجال اعادة العراق لمحيطه بكافة اتجاهاته الدولية والاقليمية ولعل اهم مؤشرات هذه العودة هو ان العالم اسقط عن العراق خلال العام الحالي ما يقرب من المئتين مليار دولار كديون كانت مستحقة على النظام السابق فضلاً عن رصده لمليارات الدولارات لاجل دعم المشروع الوطني العراقي الجديد والوصول به سريعاً الى آفاق جديدة متطورة. وهذا ما اعلنت عنه الدول الدائنة في نادي باريس وكذلك الدول المانحة في مؤتمر مدريد.
ونحن نستحضر هذه الاشكاليات فاننا لابد ان نشير الى ان حركتنا السياسية والدبلوماسية خلال الفترة الماضية والتي امتدت من الامارات العربية المتحدة وطهران الى واشنطن وجاكارتا والقاهرة وعمان وعواصم عربية واوربية مهمة وفاعلة الغرض منها إحياء المنهج العلاقاتي الآخر المسمى (تسوير المحيط) او عودة العراق الى منظومته او عودة منظومته ان كانت اقليمية او دولية اليه لا فرق وهذا ما يؤشر اهمية العراق السياسية والاقتصادية كونه دولة لها الدور الاكبر في صنع الامن والاستقرار وحركة السوق في كل العالم.
وهنا لابد من الاشارة الى جولة السيد رئيس الجمهورية الاخيرة والتي تكللت بزيارته الى الولايات المتحدة الامريكية ولقائه الرئيس الامريكي جورج بوش والقائه كلمة العراق من على المنصة الدولية للامم المتحدة وبحضور ما يقرب اكثر من مئة وخمسين ملكاً ورئيس دولة ورئيس حكومة وقد لاحظ العالم باجمعه الاهتمام البالغ الذي اظهرته الوفود المشاركة بالكلمة التي القاها رئيس الدولة العراقية وهذه ظاهرة لم تشهدها الامم المتحدة منذ ثلاثة عقود تقريبا فضلا عن ان الشعب العراقي لم ير أي رئيس جمهورية له وقد اعتلى اعواد المنصة الدولية ليقول كلمته بجرأة وصراحة وموضوعية، واللافت للنظر ان هذا تزامن مع حركة السيد نائب رئيس الجمهورية السيد عادل عبد المهدي ووزير خارجية العراق السيد هوشيار زيباري ومشاركة وزير داخلية العراق بمؤتمر جدة لوزراء داخلية دول الجوار العراقي . كل ذلك بالتأكيد اشر بصراحة على اهمية العراق واهمية عودته الى محيطه ان كان اقليميا او دوليا.
https://telegram.me/buratha