( بقلم : علي حسين علي )
مع احترامنا الكبير وتقديرنا البالغ لثقافة الرأي والرأي الآخر فإن مناقشة بعض المسائل الهامة وتفحصها وتسليط الضوء عليها من زوايا مختلفة يبدو امراً هاماً هو الآخر مع رغبتنا الشديدة ان ننأى بهذه المسائل عن الاعلام وساحاته لكن الأمر بات غير ذلك بعد التصريحات الثلاث التي اسقطها زعماء التوافق خلال يومين فهي تصيح فاجأ به الرأي العام العراقي قال الدكتور عدنان الدليمي زعيم جبهة التوافق العراقية انه طلب من رئيس الوزراء شخصياً بأن يبيّن موقف حكومته من الجرائم والمخططات التي تستهدف أهل السنة من دون غيرهم في عدد من مناطق بغداد واضاف الدليمي: (إذا كانت الحكومة متواطئة أو عاجزة فعليها أن تعلن ذلك)، وفي وقت قريب من اطلاق الدليمي لتصريحه الذي أثار لغطاً واسعاً في الشارع العراقي قال الدكتور طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية ما مفاده بأن الدافع وراء اشتراك التوافق في العملية السياسية هي عدة أمور من بينها وحدة الشعب العراقي وضمانها، واشار الى أن التوافق ربما ستراجع موقفها إذا لم تتحقق بعض الأمور المتفق عليها مع الحكومة قبل تشكيل الوزارة الأخيرة.
وفي اثناء ذلك دعا الدكتور سلام الزوبعي نائب رئيس الوزراء لشؤون الامن والخدمات في تصريح صحفي له : (إلى تطهير الاجهزة الأمنية من العناصر التي تتواطأ مع قوى التخريب والعبث بأمن المواطنين)، وكان السبب وراء هذا التصريح ما حدث في مدينة الحرية يومي الخميس والجمعة الماضيين. ثلاث تصريحات تحمل معاني كثيرة أولها : هو أن السادة الثلاثة غير راضين عن أداء الحكومة.
وثانيها: تلميح إلى أن شهر (العسل) المفترض! لم يبق من أيامه إلا القليل، ومعنى هذا أن جبهة التوافق التي يمثلها الثلاثة، ستترك الحكومة ولن يطول صبرها عليها.
وثالثها: هو أن ما لم يقوله الثلاثة داخل مجلس الوزراء قد قالوه خارجه، مما دفع الحكومة الى تكليف الناطق باسمها بالرد على تصريح الدليمي ووصفه بأنه يثير الشارع العراقي ويأخذه الى حالة من الهياج..واضاف الناطق باسم الحكومة (د.علي الدباغ)بأن تصريحات تضر بالواقع القائم وتزيد من تعقيدات الأزمة..وبالتأكيد كان الدكتور الدباغ يلمح الى الاخرين الذين اطلقوا تصريحات متزامنة وباتجاه محدد.
المراقبون السياسيون توقفوا طويلاً أمام تزامن التصريحات المناوئة في مضمونها للحكومة الحالية..وقد ابدى بعضهم استغرابه الشديد من حالة غير مألوفة في الدول الديمقراطية وهي أن تكون شريكاً حقيقياً وتأخذ مكانتك المرموقة في الحكم والحكومة وبنفس الوقت تكون معارضاً لها! وبين بعض المراقبين أن من حق جبهة التوافق وممثليها في مجلس النواب وفي الحكومة أن تقول ما تريد وتعترض على كل ما لا ترضى عنه شرط أن يكون ذلك داخل المؤسسة(البرلمان أو الحكومة).ويضيف أحد المراقبين السياسيين : أن التقاليد الديمقراطية تلزم الاحزاب المؤتلفة أن لا تنقل صراعاتها الى خارج المؤسسات، ويجوز لها ذلك في حال عجزت عن اقناع الحكومة أو مجلس النواب برأيها شرط أن تتخلى عن الائتلاف الحكومي، وعندها-يضيف المراقب السياسي-من حقها أن تطلع على الرأي العام بحقيقة موقفها وتشرح له كل ما ورد في جلسات مجلس الوزراء في نقاشات بشأن القضية المختلف عليها. ولعل الغريب في كل هذا هو أن جميع الاطراف الداخلة في العملية السياسية كانت قد اتفقت على توحيد خطابها بأتجاه المصالحة والتهدئة.
وقال مراقب سياسي يعنى بالشؤون البرلمانية العراقية: ان من حق جبهة التوافق أن تطرح على البرلمان رأيها باداء الحكومة واجهزتها، فليس هناك من مانع في ذلك، فضلاً عن ذلك فان البرلمان هو المكان المناسب-وليس وسائل الاعلام لمناقشة قضايا حساسة تقتضي الظروف الصعبة التي يعيشها المواطن العراقي التأني والجهد الكبير والحوارات المعمقة داخل أروقة البرلمان وفي مجلس الوزراء قبل نقلها الى صفحات الجرائد وشاشات القنوات الفضائية.
ويقول مراقب سياسي آخر: ان الكتلة العراقية تمثل النموذج المقبول في العمل السياسي، فهي كثيراً ما تطرح داخل المؤسسات رأيها وتتحاور مع جميع الاطراف، فهي وان كانت مؤتلفة ضمن الحكومة، فان لها رأي مختلف في امور كثيرة..ومع ذلك فان معارضة الدكتور صالح المطلك مفهومة، ومع أنه متخاصم مع أهل الدنيا ومع أهل الأخرة وحتى مع نفسه! ومع ذلك مع الحكومة فلا بأس عليه أن يقول ما يريد داخل البرلمان، وما يؤخذ عليه أقل الف الف مرة مما يؤخذ على الشركاء الفعليين الذين يظهرون مرة كشركاء وآخرى كمعارضين ولا يستوي هذا وذاك أبداً!!.
واشار أحد المراقبين السياسيين الى أن الخطأ الذي وقع فيه الآخرون، وكان على الدكتور الدباغ أن يتجنبه وكان عليه أن يقنع من كلفه بهذه المهمة بأن في الوقت متسع لمناقشة الأمر داخل المؤسسات قبل الانسياق وراء وسائل الاعلام واشراكها في جدل يضر ولا ينفع في هذا الوقت العصيب بالذات ويثير لغطاً في الشارع في وقت غير مناسب.
https://telegram.me/buratha