المقالات

إخلاف الوعود الانتخابية ....فساد صارخ


علي محمد البهادلي

بعد أن مرت عملية تمرير قانون الانتخابات بعد نقضه من قبل نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بخير ، فإن الكتل السياسية ستعمل على تكثيف جهودها للاستعداد للحملات الانتخابية ، ومن المؤكد أن كل هذه الكتل قد استعدت لتقديم برامجها الانتخابية للجمهور ، وهذا ما يحدث بشكل اعتيادي في كل الدول التي تتمتع بالحرية والديمقراطية ، لكن ما يجب أن نشير إليه أن الكثير من هذه الكيانات والكتل السياسية تغرق المواطن العراقي في فضاء واسع من الخيال والطوباوية ، إما لكونها غير قادرة على تشخيص الواقع والإمكانات التي تمتلكها بحيث تستطيع أن تفي بالتزاماتها للجمهور ، وإما لأنها قوى سياسية ضعيفة تحاول أن تطلق بالونات انتخابية ( عسى ولعل ) أن تلفت أنظار الناخبين الذين استاؤوا من الوضع الراهن ومن القوى السياسية الحاكمة التي لم يلمس المواطن من وعودها الانتخابية التي قدَّمتها في هذه الدورة إلا اليسير الذي لا يسمن ولا يغني من جوع ، وهذا يمثل أبشع استغلال يمكن أن يخرج من أقبية تلك الكيانات السياسية ؛ لأن من يخدع المواطن بوعود فارغة لا يمكن تحقيقها ويخون الأمانة والثقة التي يمنحها المواطن إياه ، فمن اليسير عليه بعد الفوز من إخلاف وعوده والغرق في مستنقع الفساد الإداري والمالي ، فعلى المواطن العراقي أن يكون على وعي انتخابي عالٍ بحيث يقوِّم أداء المرحلة السابقة والأحزاب التي تسنمت السلطة خلالها ، فنحن قد مررنا بعمليتي انتخاب للبرلمان ومثلهما لمجالس المحافظات ، وقد قاربت هذه المدة خمسة سنوات ، وهي مدة كافية جداً لتقويم الأداء الحكومي والبرلماني ، فالبرامج الانتخابية التي قدَّمتها هذه القوى للجمهور والوعود الخلابة كم منها قد تحقق على أرض الواقع ؟ هل تحسن الوضع الأمني ؟ ما مدى التطور في القطاع الاقتصادي ؟ هل استطاعت الحكومة أن تقلل من ساعات القطع المبرمج للكهرباء ؟ الوضع الصحي والخدمات التي تقدمها للمواطنين هل هي على ما يُرام ؟ هل وفرت الحكومة لهم النفط والبنزين والغاز ؟ ما مدى فاعلية البرلمان العراقي ومستوى أدائه في دورته الانتخابية الحالية من حيث تشريع القوانين والرقابة على السلطة التنفيذية ؟ كل هذه الأمور يجب أن نجيب عنها بموضوعية وواقعية ، فبقدر ما تحقق من إنجازات في هذه الملفات في المرحلة السابقة يمكننا أن نحدد أن القوى السياسية المتصدرة للمشهد السياسي الحالي ناجحة أو فاشلة ، و الأسباب التي أدت إلى عدم تمكنها من عدم الالتزام بوعودها للناخبين ، وعندئذٍ ستكون عملية الإدلاء بالأصوات وإعطاء الثقة للكتل السياسية التي ستتولى استلام السلطة بعد الانتخابات عملية واعية وناضجة ؛ كونها لم تتم إلا بعد المراجعة والمحاسبة وتحكيم العقل والمنطق ، أما الانفعالات والعواطف سواء منها الدينية أو القومية ، فإنها سوف لن تكون ـ إن التزم الناخب الموضوعية ـ هي المحدد للمشهد السياسي المقبل ،

 إذ رأينا كم من القوى الإسلامية والقومية قد عزفت على الوتر الديني والقومي ، لكن جماهيرها أدركت بعد هذه السنوات العجاف أن العواطف والانفعالات لا يمكنها أن تخدم المواطن ولا يمكنها التأثير في الواقع الحياتي اليومي وتقديم الخدمات إلا تأثيراً سلبياً ، ولا تكفي الشعارات والواجهات الإسلامية ، فالرسول الأكرم صلى الله عليه وآله يقول : " خير الناس من نفع الناس " فالذي بذل جهده لخدمة المواطن العراقي هو من يستحق أن يدلي الناخبون بأصواتهم له ، وعليهم الحكم على من أخلف وعوده الانتخابية ولم يطبق برنامجه الانتخابي بالفساد وعدم المصداقية ، وعدم التصويت لصالحه ؛ تنكيلاً به ، فالمستقبل سيكون ـ إن شاء الله ـ للنزيه ذي الخبرة والمهنية العالية الذي يستطيع الوفاء بوعوده وخدمة هذا الشعب المنكوب بهمة عالية وإخلاص ، ولنذكر القوى الإسلامية التي يُفترَض أنها تدعو الناس إلى سبيل الله ، والتي أمسكت بزمام الأمور السياسية والاقتصادية للبلد ، بقوله تعالى : ()يـأَيـُّـهـَا الَّـذِينَ ءَامـَنـُوا إنَّ كـَثـِيراً مـِّنَ الأَحبـَارِ وَ الرُّهبـَانِ لـَيـَأكـُلـُونَ أَمـَوالَ النـَّاس ِ بـِالبـَاطـِل ِ وَ يـَصـُدُّونَ عـَن سـَبـِيل ِ اللَّهِ والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أَليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنت تكنزون )) فمراجعة الأداء ومحاسبة المقصرين والعزم على تنفيذ الوعود الانتخابية التي لم يفلحوا في الإيفاء بها للمواطن في الدورة الانتخابية الماضية بغض النظر عن الأسباب يجب أن تأخذ مكانها المناسب من مساحة تفكيرهم ، والحليم تكفيه الإشارة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك