المقالات

منظمات المجتمع المدني في الميزان


فراس الغضبان الحمداني

تراهن الدول الديمقراطية على أهمية المشاركة الشعبية في صنع القرار وتطور الشعوب من خلال مجموعة كبيرة من منظمات المجتمع المدني الطوعية غير النفعية ، المتخصصة فعلا في مجالها لتكون بديلا عن فساد الأجهزة الرسمية والبيروقراطية ، والعراق جرب حظه في هذا المجال .

غير إن تجربة الأعوام الماضية منذ سقوط النظام في 9 نيسان 2003 شهد (فورة) لتأسيس المنظمات و لكل الاختصاصات بعد إن فتح الأمريكان والدول المتعددة الجنسية الأبواب لتكوين نواة لمنظمات حقيقية تسهم بصورة جادة بالإسراع بالتحولات الديمقراطية في العراق المصاب بالطائفية والاثنيات المتصارعة والبيروقراطيات المتوارثة .

وفعلا تم تسجيل عدد كبير من المنظمات وتلقت أموالا طائلة من تلك الدول والمنظمات الدولية المعنية في إحداث تغيير في العراق ، وتصل المبالغ المدفوعة مباشرة لهذه المنظمات أو التي تم إنفاقها على الورش التدريبية والتاهيلية داخل البلاد وخارجه بمليارات الدولارات ، ولكن يحق لنا بعد سبعة سنوات إن نضع هذه المنظمات في الميزان وتحت المجهر لنعرف حقيقة دور هذه المنظمات والنتائج التي تمخضت عنها .

ويمكن لنا إن نذكر بعض النقاط وهي ليست بعيدة أو متقاطعة مع نتائج أي دراسة علمية أكاديمية تحاول قياس اثر هذه المنظمات في التحول الديمقراطي ونلخص هذه النقاط بالاتي وندعو كل الجهات المعنية والمختصة لعقد مؤتمر وطني لتسليط الضوء على هذه المنظمات ومعرفة الحقيقية منها وهي على عدد أصابع اليد والشبحية منها التي تمارس النصب والاحتيال وأشياء أخرى تمس الأمن القومي وأخلاقيات المواطن العراقي .

أولا لقد تكالبت المنظمات المحسوبة على القوى المهيمنة في العملية السياسية العلمانية والإسلامية على حد سواء والمسيحية أيضا و لكل من يدعي تمثيل القوميات والكيانات الأخرى لتأسيس منظمات وهمية مستغلة علاقة كتلهم بسلطة الائتلاف وقوات الاحتلال وبشخصيات معنية في المنظمات الدولية خارج العراق وتم استحصال مبالغ ضخمة ذهبت إلى جيوبهم الخاصة رغم أنهم كانوا يمارسون نشاطات ظاهرها تطوير الإعلام وحماية الحريات الصحفية وحقوق الإنسان والحقوق الدستورية ومساندة المرأة والمعاقين ومسميات أخرى كثيرة .

ثانيا انخدعت المنظمات الدولية ببعض الشخصيات المرتزقة على بعض الاختصاصات وتم تكليفها بتنظيم ورش في الداخل والخارج كان في حقيقة الأمر مجرد القيام برحلات مكوكية لأشخاص من كلا الجنسين طارئين على الاختصاص أصلا وذلك في إطار المنافع المتبادلة والنصب والاحتيال المشترك ، فكم سيدة ذهبت لعشرات الورش الصحفية والاقتصادية والديمقراطية واختصاصات أخرى هي في حقيقة الأمر بعيدة عن اختصاصها وغير معنية لأنها أصلا معنية بمجاملة شخصية لأسباب يعرفها منظموا تلك الورش !! .

ثالثا لقد ثبت إن العديد من أصحاب هذه المنظمات خاصة التي نجحت بالترويج لأسماء منظماتها قد خرقت مبادئ العمل في منظمات المجتمع المدني وحولوها إلى منظمات ربحية للاستثمار الشخصي فهم يقبضون من الداخل والخارج والدليل الثراء الذي ظهر عليهم علما أنهم لا يمارسون أي عمل أو نشاط آخر يمول منظماتهم أو يسدد احتياجاتهم الأسرية والشخصية فمن أين لهم هذا ..؟ ! .

رابعا استغل هؤلاء الطارئين على هذه المنظمات علاقاتهم الشخصية ببعض الفاسدين الذين يعملون في الرئاسات الثلاث واستحصلوا على مبالغ كبيرة من بند المنافع الاجتماعية بالإضافة إلى استلامهم آلاف الدولارات من السفارات الأجنبية والمنظمات العالمية ، وقد ذهبت هذه الأموال أيضا لجيوبهم الخلفية ، وهم بذلك ساهموا بتحويل هذه المنظمات إلى واجهات سياسية لتلك الشخصيات التي تدفع ولها طموحات سياسية في الانتخابات المقبلة ، وتحولت هذه المنظمات أدوات للصراع السياسي بدلا من دورها في تعزيز السلم الأهلي ومراقبة السلطات .

خامسا لقد نتج عن هذه العمليات التي تنطوي على النصب والاحتيال إلى إضاعة فرصة تاريخية لنشر المبادئ الحقيقية لتفعيل دور المنظمات في تثقيف المواطن العراقي المثقل بقيم التخلف والواقع تحت العديد من قوى الظلام ، ودعم الإعلام العراقي من خلال قادة أكاديميون وليس طارئين نصابين لا علاقة لهم بهذه المهنة المقدسة لا من بعيد أو قريب ، فضلا عن تهميش ادوار المصلحين الحقيقيين والكفاءات المتميزة والمتخصصة والقادرة على تأسيس منظمات حقيقية ومستقلة على أسس نظيفة بعيدة عن الممارسات النفعية والمصلحية .

إن هذه النقاط وغيرها تجعلنا ندق ناقوس الخطر ونقول إن هذه المنظمات لا ينحصر خطرها في إضاعة فرص التقدم لاستثمار الطاقات بل أنها أسهمت في تشويه الحقائق والإساءة إلى المبادئ التي ترفعها هذه المؤسسات مما أدى عزوف كل الشرفاء من مساندتها والانخراط فيها وعدوها واجهات أخرى للفساد الذي عم البلاد .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك