( بقلم : مروان توفيق )
عندما يضع الانسان نفسه في غير مكانها الانساني تختلط عليه الامور والاحداث ويتخبط في اراءه وافكاره, ومثال على ذلك الانسان الذي ينصب نفسه محل الخالق ويشرع احكاما وفقا لاهواءه فهو في برجه التشريعي لايفترق عن اخيه الانسان الاخر الذي يتجرد من ادميته لتحكمه الغرائز والاطماع المادية ليعيث فسادا في الارض . الاول في تماديه وتعاليه والثاني في غيه وافساده كلاهما يزيدان من مصائب البشر ويعجلان في خراب المجتمعات الانسانية.
هذه المقدمة المقتضبة لابد وان خطرت في بال الكثيرين الذين سمعوا بتصريحات السيد أشرف قاضي أحد ممثلي الامم المتحدة في العراق, فقد صرح السيد قاضي واظهر اسفه لأحكام اعدام صدرت مؤخرا بحق 140 مجرما في العراق, فالسيد قاضي يغض الطرف عن جرائم المحكومين لتأخذه رأفته وشفقته بعطف على المجرمين ويتمنى بقاءهم على قيد الحياة حاله حال الكثير من المتدمنين والمتحضرين الذين يجلبون الانتباه بملابسهم الانيقة وسلاسة السنتهم الطيبة وهم يتوارون عن حقائق الحياة وراء مكاتبهم الفاخرة مستمتعون بموسيقى هادئة ترقق الروح والفؤاد ومتنعمون بوجبات طعام طيبة من ايدي طهاة مهرة! أقول للسيد قاضي وغيره من دعاة حقوق الانسان والحيوان, جربوا وعذرا بل تخيلوا ياسادتي وياسيداتي أن ترقصوا عراة بين ثلة من وحوش بشرية وهم يركلوكم بالاقدام ويدخلوا عصيهم في فتحات اجسادكم!
جربوا يوما ان تمتنعوا عن الطعام الطيب الهنئ وتصوموا عن الشراب ليوصلكم الجوع والعطش للبحث عن فضلات الطعام في القاذورات تماما كما يفعل السجناء في زنازين الطغاة والقتلة الذين تشملهم رأفتكم وانسانيتكم. جربوا أن تعيروا نساءكم لأيام وليس لسنين لوحوش بشرية للمضاجعة في اقبية القتلة والسفاحين الذين تشفقوا عليهم! هل خطر على بالكم يوما أن لايعود اطفالكم لبيوتهم الى الابد لأنهم خطفوا واغتصبوا على ايدي قتلة ترأفون بهم؟ أو ماتوا بانفجار صنعه مسخ بشري ورحلوا مع مئات من عابري الطريق بلا ذنب ولا جريرة!
هذه الويلات التي اقترحها عليكم مر بها الكثير وبأمكانهم ان يسردوا لكم مئات الامثلة التي تقشعر لها ابدانكم عند قراءتها فما بالكم ان عشتموها , هل تراكم سترددوا ماقلتم وتعيدوا علينا اقوال المتفلسفين المرضى في عقولهم وهم متسترين بكتبهم المزخرفة ومكاتبهم الجميلة.
اسمعوا عويل الثكالى ولطم الحزانى بدل الموسيقى والسمفونيات الكاذبة, زورا المرضى ومقطعي الاعضاء في المصحات, عاشروا الذين اصابهم مس الجنون من التعذيب والغم. صوموا عن الطعام لايام, وامتنعوا عن العيش مع الاهل والاحباب حينا ثم تعالوا واتحفونا برحمتكم وشفقتكم على قتلة سفاحين. ولماذا الغاء الاعدام في بلادنا وهل اصبحت بلادي حقل تجارب لاهل الحضارة والمدنية, وهذه الارض واسعة تعج بالخراب, اليس الغرب ورحمته بالمجرمين خير دليل على فساد منطقكم, لماذا لا تزروا سجون الغرب المرفهة التي يقضي فيها القتلة سنين قصيرة وكأنهم في اجازة ليعودوا الى فسادهم وتخريبهم ثانية بعد العفو الانساني لهم والناس الابرياء يدفعون اثمان تلك السجون الباهضة من دخلهم اليومي . اذا كنتم بتصريحكم هذا عنيتم العفو عن طاغية العراق المسخ وحاشيته الاراذل- وارجو ان لا يكون كذلك- فعلى الانسانية السلام وللحديث صلة اخرى. ولماذا الرأفة بأناس يفخخون انفسهم من اجل الدمار, هم اصلا لا يبتغوا الحياة وبكامل ارادتهم فما دخلكم بحريتهم يا اهل الحرية, وهل نسيتم الراحل ( دي كويلار) الرجل الطيب من منظمتكم الانسانية وكيف مات بأيدي انتحاري مسخ هل ستعفوون عن ذلك المسخ اذا ماوهبت له الحياة بعد فعلته الشنيعة؟ اذا كان كذلك وعلى مسار طيبتكم وانسانيتكم, اقترح ان تقدموا باقة زهور للطغاة القتلة عندها سينظروا اليكم بعجب ويترنحوا مرحا بانسانيتكم ويقولوا بازدراء لكم وبصوت خفيض لايسمعه سواهم:............ حمقى!. مروان توفيق
https://telegram.me/buratha