المقالات

- 3- بحث في مضامين مشروع سماحة السيد عمار الحكيم في الاستراتيجية الوطنية


كريم الوائلي

الكتابة عن الدولة العراقية ليس سابقة لاوانها ، بل على العكس من ذلك تماما ، فالدولة العراقية كيان قائم بالفعل وتتوفر فيه كل مستلزمات وركائز واساسيات الدولة الحديثة ومكتسب الشرعية ومن الخطأ الفادح التشكيك بحقيقة وجود الدولة العراقية ، بل ان التشكيك بحقيقة الدولة العراقية وانكارها او الادعاء بأنهيارها او بذوبان كيانها يستبطن اغراض واهداف خطيرة جدا يتعيّن التصدي لها وافشال المرامي الكامنة خلفها ، وقد ارتبط انكار الدولة العراقية الحديثة بالمتخرصين المعادين للعراق ، ومن الانصاف ان نذكر بأن الدولة العراقية هي من اقدم واعرق دول العالم ، ومن السائد في البحوث والدراسات الخاصة بالتاريخ والآثار التي نطلع عليها بين الحين والآخر الاشارة الى دولة الفراعنة بوصفها ((دولة حديثة)) في حين نجد ان الدولة الحديثة وفق مبررات تلك الدراسات تنطبق على مجموع الدول التي اقيمت في العراق القديم ، ومن الجدير ذكره ان الحضارة العراقية يغلب عليها التدوين والتنصيص في حين يغلب على الحضارة الفرعونية العمارة والمنشآت ، والقاريء لملحمة كلكامش يستشف مقومات الدولة واضحة ولا سيما وجود الملمح البرلماني ، القانوني والتشريعي ، ونحن اذ نسوق هذه المقدمة نرمي من وراء ذلك الاشارة الى الاشكالية التي يقع فيها بعض الكتاب والمتصدين لماهية حالة الدولة العراقية المعاصرة وهو اشكال يقع في الخلط بين حقيقة وجود الدولة العراقية الحديثة وبين الدعوة الى تحديثها واستكمال ما ما فقد من مكملاتها ، ومعلوم ان الغناصر الاساسية للدولة هي منظومة الحكم او الحاكمية والجماعة او الشعب والارض ، ولكي تكتسب احترام الدول والشرعية الدولية فأنها تحتاج الى سيادة كاملة على ارضها وسمائها وثرواتها ومياهها الاقليمية واحقيتها بحماية شعبها وامتلاكها للمؤسسات الوطنية والقانونية التي تعبر عن وجودها وهيبتها ،ومن الغريب ان نقرأ بين فترة واخرى في الصحف والمجلات العراقية دعوات غير مبررة الى ((اقامة دولة عراقية حديثة)) وهذه الدعوة تنتقص من المنجز العراقي الذي اظهر كيان دولة عراقية حديثة ومعاصرة منذ تأسيس الدولة العراقية في عام 1921 واقامة الحكم الملكي ويجب التفريق بين تأسيس دولة واقامة حكومة واريد من وراء ذلك الاشارة الى ان الحكومات العراقية المتعاقبة هي التي اساءة لمفهوم الدولة العراقية والحقت الضرر البالغ بأركانها ومفهومها ومضامينها وذلك لتنصلها عن تطبيق ما ورد في دساتيرها على ما فيها من نواقص واخفاقات وكذلك تنصلها عن مسؤوليتها في تحديث دولة تماشيا مع مستحقات العصر واقامة العدل والمساوات .ان الدعوة الى تحديث الدولة العراقية يعني فيما يعنية ادخال فواعيل جديدة سياسية واقتصادية وقانونية وثقافية على منظومة الدولة العراقية وهذا ما حدث بعد اسقاط النظام الدكتاتوري عام 2003 حيث كتب دستور جديد ودائم وتم التصويت عليه واقيمت المؤسسات الدستورية ومناقلت السلطة وفق سياقات ديمقراطية وسلمية واحرز المواطن العراقي حريته في اختيار الحكومة التي يريدها من خلال سن قانون انتخابي ومن ثم تعديله من قائمة مغلقة الى قائمة مفتوحة وفق المقاييس الدولية ، وحازت الاقليات على المزيد من حقوقها واحترمت الحريات العامة وتأسست منظمات المجتمع المدني واطلقت المبادرات الاولية في تفعيل الاقتصاد وتحريرة من القيود وسن قانون مجالس المحافظات والاقاليم وتوفرت الحرية للاداء الثقافي والاعلامي الحر ، غير ان ذلك كله لا يعني اكتمال مضامين الدولة العراقية المعاصرة والمنشودة ، وهذا ما كان يرمي إليه سماحة السيد عمار الحكيم في مشروع الاستراتيجية الوطنية الذي اطلقه عشية اجراء الانتخابات العامة المقبلة .ان ارساء مرتكزات الدولة العراقية المعاصرة شيء واستكمال تحديثها وتفعيلها شيء آخر اذ ان مرتكزات وهيكلية الدولة حالة مكتسبة الوجود والشرعية غير ان اداءها مترد جراء المعوقات الكثيرة التي تمنع تعديلها وتحديث مضامينها الى مستوى المراحل التي اجتازتها التحولات الوطنية الجارية الان والتي وصلت مع قرب اجراء الانتخابات العامة الى منعطف حاد ومصيري يضع العراق على اعتاب مرحلة تحوّل جديدة لقد اظهرت السنوات الستة الماضية ، ومن خلال التطبيقات الواقعية والمباشرة الى وجود ثغرات حقيقية سواء كان على مستوى سن القوانين والتشريعات او على مستوى آليات وسياقات العمل التنفيذي للحكومة ، وعلى الرغم من ان الاطراف العراقية ذات الصلة تتفق على ان الدستور ليس وثيقة او عقد عصي على التعديل ، إلّا ان استمرار التحولات الوطنية واعادة الاصطفافات السياسية على انماط جديدة لاسباب افرزتها مستجدات الفاعل السياسي المتسارعة اوجد ممانعة للتعديلات الدستورية وذهب البعض منها الى تغيير انقلابي على مجمل بنود الدستور الى درجة الاجهاز على المنجز الديمقراطي المتحقق وبالتالي تعويق الدولة بالكامل لاجهاض محاولات تحديثها وتفعيل اداء مضامينها .ان المعني ببناء الدولة العصرية والحديثة هو استكمال الاستقلال والسيادة المنجزتان وادخال عوامل القوة والمهنية على المؤسسات الحكومية ودحر الفساد الاداري والمالي وتحقيق الامن والاستقرار وخلق ثقافة الانتماء الوطني واحترام المال العام وهزيمة الارهاب وتجذير القوانين واحترامها وفك قيود الاقتصاد الوطني واطلاق القطاع الخاص وتقويته وازالة آثار الماضي الاستبدادي وتشريع بقية القوانيين التي تصون الثروة الوطنية وتحميها واقرار حقوق الشهداء والسجناء والمعتقلين السياسيين وتعويض المتضررين من الانظمة البائدة ومن الاعمال الارهابية والمهجرين وتخليص الثقافة الوطنية من الوصايات التقليدية ، والاهم من ذلك كله الحاق الهزيمة التامة بالارهاب التكفيري ومنتهجي الجريمة السياسية من ذيول النظام البائد وحرمان حزب البعث الفاشي من اية فرصة للعودة الى العمل السياسي وتقويض اركان الدولة العراقية من جديد وتشغيل ماكنة القمع والاستبداد .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك