المقالات

إفشاء الأسرار بواسطة الانترنت

3387 19:37:00 2006-09-24

( بقلم : د. عمار عباس الحسيني )

يعيش عالم اليوم ثورة من المعلومات والاتصالات التي أحدثت تغييرات جذرية في العديد من المفاهيم وفروع العلوم ومنها القانون, هذه الثورة التي بدأت تظهر معالمها وتتحدد ملامحها منذ منتصف القرن العشرين وما وصلت إليه في الوقت الحاضر, وما أدت إليه هذه الثورة التكنولوجية من بروز مصالح جديدة وحقوق متعلقة بها فضلاً عن تهديد واضح للعديد من تلك الحقوق والحريات.....

لذا ظهرت طائفة جديدة من الجرائم عرفت بـ ( الجرائم المعلوماتية) أو ( جرائم الكومبيوتر والانترنت ). ومن هذه الجرائم جريمة ( إفشاء الأسرار). وهذه الأخيرة جريمة معروفة في إطار قانون العقوبات التقليدي, تناولها معظم إن لم نقل كل قوانين العقوبات العالمية تحديداً وتجريماً ومنها قانون العقوبات العراقي الذي تناولها وجرمها وعاقب عليها في المواد (437- 438).

فجريمة إفشاء الأسرار تعرف بأنها الكشف عن واقعة لها صفة السر صادر ممن علم بها إنها سر... هذا كله وفقاً لقانون العقوبات التقليدي الذي كان يخاطب الأفراد المرتكبين للجرائم وفقاً للطرق التقليدية, بيد إن الجديد في الأمر هنا هو استخدام شبكة المعلوماتية والانترنت في ارتكاب هذه الجرائم ومنها جريمة إفشاء الأسرار. ولعل هذه الشبكة تعتبر وسيلة فاعلة وسريعة في ارتكاب هذا النوع من الجرائم, ولعل هذه الجريمة- إذا ارتكبت بواسطة تلك الشبكة – تتخذ عدة صور لعل أهمها:أ. إفشاء أسرار الدفاع الوطني : وهنا يعمد الجاني إلى إفشاء أسرار حصل عليها تتعلق بالدفاع الوطني أو الأمن القومي, ولا شك في أهمية مثل هذه المعلومات والأسرار وخطورة الإفشاء بها, وإعلانها على شبكة الانترنت.

ولم يكن قانون العقوبات العراقي النافذ ببعيد عن تجريم مثل هذه الأفعال الماسة بسلاسة البلاد وأمنها, حيث تناولها في المواد ( 177-178) وان كان تناول إفشاؤها بالطريق الاعتيادي التقليدي, ونرى انه لا مانع من التوسع في تفسير النص ليشمل إفشاء أسرار الدفاع عن البلاد وأسرار الأمن الوطني وان ارتكبت بواسطة الانترنت, بل ما نراه هو جعل استخدام هذه الشبكة في مثل هذه الجريمة ظرفاً يشدد عقاب مرتكبه نظراً للأعداد الهائلة التي تستخدم الانترنت.

ب. إفشاء الأسرار المهنية: لا نشك في أهمية الأسرار المهنية وأسرار العمل بالنسبة لكل صاحب عمل أو مهنة, بل إن نجاح الكثير من الأعمال والمهن يتوقف على سرية معلوماتها, حتى إن العديد من الشركات الكبرى والمصارف في العالم تتحفظ على أسرار عملائها والمتعاملين معها. ولاشك في إن إفشاء تلك الأسرار المهنية يشكل خطراً كبيراً يضر بتلك المؤسسات وقد يؤدي إلى انخفاض نسبة المتعاملين معها, إن لم نقل إفلاسها, ناهيك عما يشكله هذا الإفشاء من احتمال وارد لتعرض حياة أصحاب هذه المهن والمتعاملين معهم للخطر....

ج. إفشاء الأسرار الشخصية: قد نتخذ المعلومات التي ينصب عليها الإفشاء صور التعاملات اليومية كالخطابات والمراسلات والمحادثات الهاتفية, ناهيك عن العديد من الأسرار الشخصية والعائلية والصحية..., وهنا يمكن لمن يحصل على هذه المعلومات القيام بنشرها وتعريض صاحبها للخطر والإحراج.ناهيك عن إن العديد من تلك المعلومات الواردة في السطور الثلاث أعلاه قد يتم الحصول عليها عن طريق العبث بشبكة الاتصالات وانتهاك العديد من مواقع البريد الالكتروني, وهو ما يبنبئ عن تفشي هذا النوع من الجرائم في الحاضر والمستقبل القريب والبعيد.

د. عمار عباس الحسينيرئيس قسم القانون في الجامعة الإسلامية

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك