( بقلم : مصطفى الكويي )
المنطقة الخضراء كانت والى وقت قريب نسبيا تمثل مركز المحتل الاجنبي في العاصمة بغداد و ثقله السياسي و قلعته الحصينة المحصنة امنيا وعسكريا و التي يجب دكها!المنطقة الخضراء التي كانت الى وقت قريب تعتبر معقل اذناب الاحتلال واولئك القادمين على ظهور الدبابات الامريكية والذين سولت لهم انفسهم الانصياع الى المؤامرة الكبرى والتي راح ضحيتها البوابة الشرقية العراق. وهؤلاء هم الذين نفذوا اجندة المحتل وشكلوا برعايته حكومات ناطقة باسمه وداروا عملية سياسية من اجل ادامة بقاءه في العراق,والذين رفضوا جلائه اي المحتل بحجه التريث ريثما يتم بناء اجهزه امنية وقوة عسكرية عراقية قادرة على تسلم مهامها من القوات المحتلة!!
في هذه الخانة كانت اراء واطروحات اعداء المنطقة الخضراء والتي كانت واضحة جلية في بياناتهم وخطبهم وفتاويهم وتصريحاتهم ومقابلاتهم.لكن هذا الموقف السلبي والعدائي قد تحول بقدرة قادر الى موقف ايجابي انسيابي في الاونة الاخيرة ولوحظ واضحا لالبس فيه عبر الاداء السياسي والاعلامي لاعداء الامس اصدقاء اليوم.ففي حين كان كل من يسكن ويجتمع في المنطقة الخضراء يعتبر خاءنا للوطن وذنبا للاحتلال وجزءا من اجندته الهدامة بحسب زعم زعماء الاقلية السنية العربية في العراق,واصبحوا اليوم هم انفسهم من اكثر روادها وساكنيها الجدد بعد دخولهم النوعي في العملية السياسية وطرئ تحول جذري في مواقفهم المتشددة والرافضة للقوات المتعددة الجنسيات من ضرورة انسحبها الفوري من العراق الى ضرورة بقاءها بل والدعوة الى زيادة حجما! وكلنا يتذكر مطالب جبهة التوافق في الحصول على شقق لنوابها في المنطقة الخضراء.وحيث كان الحزب الاسلامي العراقي قبل عام مضى يطالب بالرحيل الفوري للقوات الامريكية غير ان زعيمه طارق الهاشمي احد نواب الرئيس رفض رحيل القوات الاجنبية قائلا ان الوضع قد اختلف وان مغادرة القوات الاجنبية ستترك البلد في فراغ امني مما يؤدي من دون ادنى شك الى الدخول في مرحلة حرب اهلية.صحيفة النيويورك تايمز.هذه الاطروحة التي طالما رفضها زعماء الاقلية العربية السنية خلال السنوات الثلاث الماضية,واعتبروها جزءا من دعاوى الاحتلال المراد منها تنفيذ اجندته من خلال التعذر بهذه الحجة,المحرمة بالامس والمحللة اليوم!
في حين ان العراق في ذلك الوقت كان يفتقر الى وجود قوة امنية وعسكرية قادرة على توفير مستوى من الحماية النسبية للوطن و المواطن والاخذ بزمام المبارة من القوات الاجنبية والحكومة كانت ضعيفة وليدة بحاجة ماسة الى كل اشكال الدعم المادي الاقتصادي والسياسي والاعلامي اضافة الى الاسناد والدعم الامني واللوجستي كي يجعلها قادرة على تاسيس بنية تحتية امنية عسكرية كي تخلق منها نواة لقوة عراقية وطنية قادرة على الاعتماد على نفسها دون التوكئ على عكاز القوات المتعددة الجنسيات,وبعد انقضاء الشوطين الاول والثاني من ذلك وفي اثناء ظهور البوادر الايجابية لاهلية القوات العراقية خصوصا بعد تسلمها المهام الامنية في بعض محافظات العراق ابتداءا بالمثنى والاسقرار الامني الممتاز في اقليم كوردستان والاستقرار الامني الجيد في محافظات الجنوب والوسط مع تزامن تصريحات المسؤولين العراقيين وعلى راسهم رئيس الجمهورية بان القوات العراقية ستستلم المهام الامنية لباقي محافظات العراق بحلول نهاية العام الحالي,يوازي ذلك ويسبقه تصريحات المسؤولين الاميركان ببدء التفكير بتخفيض القوات بعد صدور بوادر تحسن الاداء للقوات العراقية وصعود جهوزيتها,الامر الذي يفرح له جميع العراقيين ويفترض به ان يفرح الزعماء السنة,كون مطالبهم بدات تتحقق,فهم الذين ما فتؤا يطالبون بالرحيل الفوري للقوات الاجنبية واتهامها بانها السبب وراء عمليات القتل والاغتيال والتفجير التي طالت العراقيين خصوصا الشيعة والكورد,وذلك الزعم موجود ضمن بياناتهم الاستنكارية الكارتونية.لطالما سقط العديد من منتسبي الاجهزة الامنية والعسكرية العراقيين مع سياسيين واعلاميين ومترجمين وعمال بسطاء ومواطنون ابرياء ضحايا لتهم اذناب الاحتلال وعملائه او المطالبين ببقائه او المتعاونيين معه والمنفذين لاجندته والتي كان يتمسك باطلاقها قادة الاقلية السنية في العراق.ولطالما قالوا واكدوا ان حال جلاء القوات الاجبية فان الامور سوف تهدا في العراق والوضع سوف يتجه نحو الاستقرار والعنف سوف يخمد كون الاحتلال حسب زعمهم هو المسبب الوحيد والراعي لكل ذلك,متناسين التكفييرين والطائفيين والشوفينيين والارهابيين وايتام صدام و صعاليك البعث ومجرمي الاجهزة الامنية الصدامية وضباط الجيش قامعي الانتفاضات الشعبية والتحررية يضاف لهم الماجورين العرب والافغان والشيشان والمساندين والاوين لهم من العشائر و المناطق الجغرافية الغربية العراقية.
وحيث انهم من اشد المطالبين والمدافعين المستميتين عن المقاومة الشريفة الموصومة بالارهاب والعهر والشذوذ من قبل العراقيين لممارسة حقها الطبيعي والمشروع في طرد المحتل,اي وبكلمة اخرى ممارستها القتل والخطف والتفخيخ والتهجير الممنهج حسب اطروحتها واجندتها الطائفية القومية التكفيرية الارهابية الاستئصالية وقس الشهداء من العراقيين بعدد القتلى من القوات الاجنبية مع عدد الجرحى والمصابين والمعاقين والارامل والايتام العراقيين بمثيلهم من القوات الاجنبية ترى الفرق الشاسع والبون الواسع وتنجلى لك الصورة.
عودة على بدء فمع مطالبتهم ودفاعهم عن هكذا مقاومة في استمرارها المشروع بطرد المحتل نراهم اليوم يجمعون بالورقتين معا وفي يد واحدة وهي مسمى المقاومة والمطالبة ببقاء القوات الاجنبية المحتلة وزيادة حجمها بل والاحتماء بها كما حصل اكثر من مرة!!
تناقض سافر في المدئ وازدواجية واضحة في الاداء السياسي والاعلامي..كل هذا في وقت يمر فيه العراق في مرحلة تعد الاهم في تاريخيه الحديث من حيث نوعيتها في ظل وجود دستور دائم منتخب من الشعب وبرلمان وحكومة دستوريين منتخبين من الشعب ذوي دورة دستورية كاملة هي الاولى في تاريخ العراق مع جهوزية مطردة في اداء القوات العسكرية والامنية الوطنية العراقية واستلامها لبعض مهامها وقرب انجاز المتبقي من ذلك في وقت قريب يوازي ذلك كله وجود الارضية التحاورية التصالحية عبر مبادرة المصالحة والحوار الوطني المفعلة على ارض الواقع والتي دخلت حيز التنفيذ منذ مدة مع اشتراك حقيقي لقوى الاقلية السنية العربية في البرلمان والحكومة والرئاسات الثلاث مرورا بباقي اجهزة ومفاصل الدولة.
هنا يتبادر في الذهن تساؤل مهم وهو في كل هذه المجريات والمعطيات يفترض الان بالقيادات السنية مشاركة بقية القيادات العراقية الداعية الى تسليم القوات العراقية الملف الامني كي يعجل ذلك في رحيل القوات الاجنبية والتي طالما طالب برحيلها السياسيين السنة وبشكل فوري!
ولكن الاجابة تاتي عكسية وسلبية ومطالبة ببقاء القوات الاجنبية بحجة وجود الميليشيات المستهدفة والمكفرة من قبل الارهابيين لابحجة وجود وفعالية الميليشيات والتنظيمات الاهابية التكفيرية التي اهلكت الحرث والنسل مع استمرار حواضنها العشائرية والسياسية والدينية الجغرافية في تقديم الدعم والغطاء لها وعلى كل الصعد.ان المشاركة في تقديم مشورع جدولة الانسحاب من قبل القوى السنية تحتم عليهم التوقف عن كيل الاتهامات المضلة للقوى العسكرية والامنية العراقية وعدم التلويح بخطر نشوب الحرب الاهلية حال انسحاب القوات المتعددة الجنسيات وتسلم القوات العراقية كامل مهامها. كي تكون النوايا صادقة وليس ازدواجية ادائية على المستوى السياسي والاعلامي او مزايدات في الوطنية ليس الا.ان الاستمرار في نهج مخالفة الاجماع العام والقفز على رأي الاكثرية والاغلبية ومنها الحق الدستوري في اقامة الفيدرالية في جنوب ووسط العراق وبغداد واكمال فيدرالية اقليم كورستان بضم كركوك وبقية المناطق الكوردستانية المقتطعة التي يتبعه زعماء الاقلية السنية العربية في العراق منذ اليوم الاول لسقوط الصنم ان لها ان تنتهي ونظرية التغريد خارج السرب يجب ان تتوقف هي والازدواجية الادائية الاعلامية والسياسية بعد اتضاح زيف الشعارات والمبادئ وحيث انهم اصبحوا جزءا مشاركا وفاعلا في العملية السياسية وادارة اجهزة الدولة.وعليهم ان يحيدوا ويوضحوا الموقف من الارهاب وداعميه وحواضنه والقوات الاجنبية وبقاءها كي تتوفر الارضية التفاوضية والتحاورية للاتفاق على النهج العام وعليهم ان يقدموا المصلحة الوطنية العراقية على الاجندة العربية الخارجية وعلى المصلحة الطائفية والمناطقية التي ما برحوا الجهر بها.
لان في تغيير المبادئ والرؤى وفق نفس الاسباب التي كان الطرف الاخر يطرحها ويلاقي اعتراضا عليها بل ويلاقي تخوينا عليها يثير الشكوك في مدى صدقية الشعارات والمبادئ والنوايا في السابق واللاحق وبل ويكشف زيف التمسك ببعض تلك الشعارات والتباكي عليها وجعلها كقميص عثمان! الذي اوصل الطليق معاوية الى الحكم!
https://telegram.me/buratha