( بقلم : عدنان آل ردام العبدي / رئيس اتحاد الصحفين / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة )
ربما كنا أول من أشار صراحة الى خطورة الاجتهاد غير النزيه بالقانون القضائي وضغط العاطفة الذي يولده ذلك الاجتهاد في نافذتنا المنشورة قبل عشرة اعداد تقريباً.التحذير جاء بعد ان لاحظنا الانزلاق الأول للقاضي الرئيسي للمحكمة الجنائية العليا المختصة بمحاكمة صدام، والذي تنبأنا من خلاله بأن القاضي تكاد تكون مهمته اعطاء شهادة حسن سلوك لصدام او وضع المشتكي موضع المتهم وتوبيخه للادعاء العام الذي يمثل في هذه القضية بالخصوص الجانب الانساني كله باعتبار ان المحاكمة المقامة حالياً مختصة بمقاضاة مجرمين تسببوا بجرائم شن الحروب ضد الانسانية واستخدام اسلحة الدمار الشامل..
يبدو أن القاضي لم يكن مصيباً عندما اشار في الجلسة الخامسة انه الوحيد الذي يستطيع أن يضع المحاكمة بالاتجاه الذي يريد وكل شيء ما عداه ليس ذا قيمة ان كان عواطف بشرية مليونية او نظام قضائي يخضع له اداؤه، او ادعاء عام يمثل الحق الانساني وحق الدولة او مشتكون يطالبون بالحق الشخصي او ورثة مشتكين لملموا أشلاء ضحاياهم بايديهم او ارواح مئة واثنين وثمانين الف ممن ازهقت ارواحهم الغازات السامة والاسلحة الفتاكة والقسوة البعثية المفرطة.
نعم القاضي يمتلك مساحة واسعة من الصلاحيات في الممارسة والاداء وحتى الاجتهاد، ولكن ذلك لا يعني بأن هذه المساحة القانونية تتيح للقاضي ان يحوّل من من خلالها أخطر مجرم عرفه التاريخ العراقي المعاصر الى بريء بشهادة القاضي الذي قال أنه لا يرى في صدام دكتاتوراً.
لقد حذرنا من المنهج الذي سلكه القاضي العامري الذي تسببت ردوده على الادعاء العام والمشتكين معاً بتمادي المتهمين ليزدادوا ابتزازاً ونابية ضد الضحايا بل وشجعهم ليس فقط بالخروج عن جوهر القضية انما بتوجيه التهديد لكل من الادعاء العام والمشتكين بل وربما للقاضي نفسه دون ان ينبري القاضي بالرد على هكذا صلف ووقاحة ونابية أتاحتها المحكمة لمجرمين محترفين كصدام وعلي كيمياوي.نتائج الاجتهاد غير الواقعي وعدم الاكتراث لضغط العاطفة البشرية العراقية المنكوبة والآليات القضائية العليا لم تتح للقاضي الاستمرار بنهجه الابتزازي للمتابع الى ما لا نهاية فلا يوجد بكل اصقاع الدنيا نظام قضائي فيه هذه الدرجة من الميوعة والابتزاز النفسي الذي ظهرت عليه محكمة الجنايات التي قادها القاضي عبد الله العامري وهو يدرك حقيقة صدام ورجاله وحقبته ليس من خلال الوثائق والافادات فقط انما من خلال معايشته لتلك الحقبة التي يقول عنها بانها كانت لا تنتمي لدكتاتور.
النقطة الاهم ان الادعاء العام الذي طالب في احدى مداخلاته القاضي بالتنحي عن القضية قد انتصر وبانتصار الادعاء انتصرت ارواح الضحايا والروح البشرية العراقية وغير العراقية في كل مكان فيما كان المهزوم من كان يعتقد انه وحده الذي يمتلك حق تحديد المسارات في جريمة تعد واحدة من بين اكبر عشرة جرائم عرفها العالم منذ تكوينه.
https://telegram.me/buratha