احمد عبد الرحمن
سبعة وعشرون عاما مرت على تأسيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي في ظل ظروف واوضاع سياسية اتسمت بقدر كبير من التعقيد والتشابك والتداخل، بالنسبة لاي حركة سياسية تبدي معارضتها لنظام البعث الصدامي الذي كان في ذلك الوقت يتمتع بمقدار كبير من القوة والسطوة والنفوذ، ويحظى بدعم مختلف دول العالم، لاسيما القوى الكبرى، والاطراف الاقليمية والعربية المؤثرة.
ابصر المجلس الاعلى النور بفضل ثلة خيرة من المجاهدين المؤمنين، وفي مقدمتهم شهيد المحراب اية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره)، في وقت لم تكن الظروف مهيأة لاي عمل سياسي او عسكري نوعي ضد نظام البعث الصدامي، ولم يكن واضحا ماالذي يمكن ان يفعله كيان سياسي لايمتلك من القدرات الامكانيات المادية والبشرية واللوجيستية الا النزر اليسير.
من يجري مقارنة سريعة بين ماكان عليه المجلس الاعلى في بدايات تأسيسه عام 1982 ، وبين ما اصبح عليه بعد 27 عاما، يجد ان صورة الامس مختلفة بالكامل عن صورة اليوم، ولم يبق من معالمها وملامحها الا المباديء والثوابت الدينية والوطنية، التي شكلت الاسس والمرتكزات الرئيسية لمشروع المجلس الاعلى السياسي والجهادي والثقافي، والذي يعود الفضل الاكبر لوضع لبناته الاولى، وترسيخ اسسه ومرتكزاته الى شهيد المحراب، وبعده عزيز العراق، السيد عبد العزيز الحكيم (طيب الله ثراهما). ومن يمر ولو سريعا على مختلف المحطات خلال ما ينيف على الربع قرن، سيجد امامه مسيرة حافلة وزاخرة بالعطاء والتضحيات.
ان المجلس الاعلى الاسلامي العراقي كمشروع سياسي وجهادي وثقافي ماكان له ان يبقى ويستمر ويتواصل لولا المباديء الحقة التي تأسس عليها وانطلق منها وتمسك بها. وماكان له ان يصبح رقما صعبا في المعادلات السياسية لولا قياداته المضحية والمخلصة والصادقة، ولولا قواعده الجماهيرية الواسعة التي باتت تعد بالملايين بعد ان كانت تحسب بالمئات والالاف، وما كان لتلك الملايين ان تلتف حول المجلس الاعلى وقياداته، لو لم تر فيه المعبر الحقيقي عن توجهاتها وطموحاتها وتطلعاتها. ولم تختل ولم تختلف ولم تتغير مباديء وثوابت المجلس الاعلى بعد الاطاحة بنظام صدام، وبقيت المصلحة الوطنية تمثل بالنسبة له اولوية، وكذلك الدفاع عن المظلومين والمضطهدين والمهمشين والمحرومين من ابناء الشعب العراقي. ومثلما يقال ان المقدمات الصحيحة تفضي الى نتائج صحيحة، وهذا هو التعبير الافضل والاقرب الى واقع مسيرة الـ(27) عاما للمجلس الاعلى.
https://telegram.me/buratha
