عباس المرياني
لم يمضي وقت طويل بعد على مرارة أيام النقاشات الحامية التي شهدتها أروقة البرلمان العراقي حول تمرير قانون الانتخابات التشريعية القادمة وفق التغييرات الجديدة للقانون القديم ومن أهمها اعتماد القائمة المفتوحة. وبعد جهد مضني بذل من قبل الراغبين بتجاوز المعضلة المفتعلة عن مستقبل كركوك العراقية استطاع الخيرين من حسم الجولة الأولى لصالح التصويت على القرار واعتقد الطيبين والحالمين إن الجميع يعملون من اجل المصلحة الوطنية العليا وان خطر الفراغ الدستوري قد ولى مع مخاوفنا بعد التصويت على القرار الجديد... لكن الهاشمي أرادها مفاجئة جميلة للباحثين عن المشاكل وبأي ثمن فكان لهم ما أرادوا وباسم الوطنية القاتلة.
ومشكلة المهاجرين وليس المهجرين وفي ذلك فرق كبير يتلاشى بين الإلف والراء والتي يتباكى عليها الهاشمي والمطلك وباقي الرفاق البعثيين ليست وليدة اليوم بل هي مشكلة تتجدد مع كل مرحلة من مراحل مسيرة عراقنا الجديد .وما يطلق عليهم بالمهجرين هم الذين حطوا الرحال في بقاع الله المختلفة رغبة" ورهبة" من أنفسهم وهم الذين توجهوا إلى ارض الله الواسعة بإرادة حرة مع سبق الإصرار والترصد لغرض التنزه والتجارة والاستجمام.. دون أن تجبر الدولة أحدا على مغادرة العراق أو تفرض عليه إتاوة مقدارها أربعمائة إلف دينار لكل من يريد مغادرة العراق.
ورغم إن عراق اليوم ليس عراق ما قبل عامين أو عراق ماقبل عام فانه كان ولازال بإمكانه أن يتسع جميع أبنائه الراغبين بالاستظلال بأفيائه من الجنوب إلى الشمال وبإمكان من ضاقت به السبل في بلدة ما الانتقال إلى مرابع طيب وأمان في مكان أخر والدليل أن الذين هجروا من مساكنهم ممن لا يملكون قوت يومهم لم تضق بهم الأهداب في محافظات ومدن وقرى أخرى لا تزايد في وطنيتها ولا تشعرك بمنة أو إذلال. هؤلاء هم من يستحقون الاهتمام والتقدير والتعويض وعلى الذين يراهنون إن يرجعوا عقارب الزمن إلى الوراء ..عليهم إن لا يحلموا كثيرا في يقظتهم.
فرق كبير بين من سكن في خيمة مع نساء وأطفال واكتوى بحمم الطائفية البغيضة وفقد أعزة وأحبة وخلف زرع وضرع وبين من شد الرحال وحزم الحقائب بما خف وزنه وغلى ثمنه مفضلا السلامة على الندامة دون أن يطرق بابه أحدا" رغبة منه في التغيير والاستثمار أو شعورا منه بعقدة الخوف أو الجبن أو ممن اقترفت يداه ذنبا" بحق العراقيين.
مهما كانت المبررات والنوايا والتعكز على راي المرجعية المعروف رايها مسبقا والتي استند عليها الرافضين لكنها بكل تاكيد جولة أخرى يخسرها الشعب العراقي المظلوم أمام قاتليه والباحثين عن تعاسته لصالح الراغبين في التسكع في الساحة الهاشمية أو خان الخليلي أو ميدان السيدة زينب! حتى وان كانت لاجل مسمى.
https://telegram.me/buratha
