المقالات

الائتلاف الوطني العراقي وتحديات العصر الجديد


مهند العادلي

تعتبر الانتخابات البرلمانية العراقية القادمة مهمة وحيوية جدا بالنسبة للعراق,فالأوضاع والأزمات في العراق وفي المنطقة تلقي بظلال قاتمة على أجواء هذه الانتخابات حيث يتطلب من الأحزاب والشخصيات والتكتلات السياسية العراقية بل من جميع ممثلي القوميات والطوائف والتيارات العراقية أن تكون على دراية دقيقة ليس بما يجري داخل العراق وحسب بل وأيضا بما يجري في محيط العراق وأقصد به كل منطقة الشرق الأوسط من أجل أن تكون القوائم أو التكتلات السياسية التي ستدخل الانتخابات وتشارك بها مبنية على أسس من معرفتها بهذه الأحداث والأوضاع لتأتي برامجهم السياسية منسجمة وما يحقق مصالح العراق وخاصة الإستراتيجية والحيوية منها.ومن هنا جاءت الحاجة الفعلية لتوسيع الائتلاف العراق الموحد وبناءه بشكل جديد يلائم الأوضاع الجارية في المنطقة والعراق ليكون قادرا على أداء عمله السياسي بشكل أقوى,فالمرحلة الحالية بحاجة ماسّة إلى حضور الشعب بصورة أكبر من السابق في عملية صنع القرارات السياسية والتي ستكون مهمة وحيوية وتحتاج إلى أن يكون أبناء الشعب العراقي أصحاب الدور الأكبر في إنجازها وهذا لا يتحقق إلا بقيام الشعب العراقي باختيار الجهة السياسية التي يعتبرها تمثله بكل صدق كمّاً وكيفياً.ولهذا سنعرض بشكل مختصر لمجمل الأحداث والأوضاع في المنطقة والعراق ثم نرجع إلى تأكيد ما قلناه آنفا. يشهد العراق وعموم منطقة الشرق الأوسط تصاعدا في سخونة الأحداث وحدة المواجهات بين أطراف عديدة فاعلة وحول قضايا شائكة ومتعددة يمكننا معها القول أن هناك اضطرابا عاما في مجمل الوضع السياسي والأمني في العراق والشرق الأوسط,وهذا الاضطراب يكاد يوحي للمراقب والمتفحص أن هنالك في الأفق حدثا خطيرا ومهمّاً سوف يتمخض عنه هذا الاضطراب المتصاعد شدةً واتساعا.فمن باكستان حيث اشتداد القتال بين الجيش الباكستاني والحركات الإسلامية الموسومة بالتشدد والعنف من حركة طالبان وغيرها إلى أفغانستان حيث تدور معارك تشارك بها قوّات حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضد ما تسميه واشنطن بالقوى الإرهابية من القاعدة وطالبان وفي العراق حيث تتعدد المواضيع والقضايا حتى نرى من الأفضل تجنب تعدادها وسردها بسبب خوف الإطالة لكثرة هذه المشاكل والأزمات ,العراقيين يجب ان يكون أكبر جهدهم وهمهم وأكثر تركيزهم في عملهم على وحدة العراق أرضا وشعبا مما يشير إلى استشعار المرجعية وجود مخاطر في هذا المجال, بينما تتصاعد أزمة المياه ولم تجدِ مناشدات المسؤولين العراقيين للقادة الأتراك بزيادة حصة العراق من المياه المتدفقة إليه عبر نهري دجلة والفرات شيئاً وهو ما ترك وسيترك آثارا سلبية خطيرة على الوضع الزراعي وعلى مجالات أخرى كثيرة تمس حياة العراقيين وأمنهم المائي والغذائي والصحي,ولا يبدو هناك تطورا ملحوظا في قطاع الكهرباء وتتصاعد هنا وهناك محاولات التفجيرات الانتحارية وغير الانتحارية لتدفع إلى الشاشة من جديد التساؤل عن متانة الوضع الأمني وصلاحيات رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية والحكومات المحلية في الإقليم وغيرها. وقبل أن نغرق في مستنقع اللقاءات الأميركية التركية مع بعض القوى التي وقفت ضد العملية السياسية السلمية وتعتبرها الحكومة العراقية قوى إرهابية ,ننتقل إلى مجال آخر تخوض فيه الشخصيات واللجان الأميركية حوارات ومفاوضات لا يعلم الكثير من مضامينها مع القادة السوريين وتتعرض سورية فيها إلى أشكال متناقضة من المعاملة التي تتراوح بين تهديد هنا ووعود هناك.أما في فلسطين حيث القضية المحورية في الشرق الأوسط بسبب وجود الكيان الصهيوني والذي يريد ومعه الولايات المتحدة وقوى دولية أخرى حمايته وضمان أمنه بكل السبل الممكنة المشروعة وغيرها وبسبب ذلك ترتكب المجازر المتكررة في فلسطين وما حولها دون أن يتمكن العالم من إدانة إسرائيل قانونيا أو محاسبتها بشيء على بعض ما تقوم به,ولعل وصول حكومة يمينية متشددة إلى الحكم في إسرائيل دليل على توجه خطير لدى إسرائيل والتي تم التعبير عنه من خلال رفضها للكثير من بنود مشاريع السلام أو التسوية التي تقدمت بها جهات دولية ووافقت عليها حكومات إسرائيلية سابقة وأخيرا تحديها للمطلب الأميركي والدولي بإيقاف الاستيطان كأحد بنود خارطة الطريق الذي وافقت الحكومة الإسرائيلية السابقة عليها ووضعها شروط جديدة لاستمرار مفاوضات التسوية مثل قيام العرب بالتطبيع مع إسرائيل والاعتراف بيهودية الدولة العبرية.وهناك تحضير لتنتقل الحرب الإسرائيلية إلى أماكن أبعد مما حولها حيث يدّعي الإسرائيليون أنها هناك أخطار تتهدد أمنهم تنبع من تلك الأماكن البعيدة ولذلك يطلق القادة الصهاينة تهديداتهم بتوجيه ضربة عسكرية على إيران بسبب البرنامج النووي الإيراني كما تقول إسرائيل رغم تحذير الكثير من قادة العالم واستراتيجيين ومفكرين من جر المنطقة والعالم إلى كارثة كبرى في حال حدوث ذلك.وإذا انتقلنا إلى مصر فهناك في الأفق احتمال تزايد احتمال وقوع أزمة بين مصر وبعض الدول الأفريقية حول مياه نهر النيل فقد أعلنت بعض هذه الدول أنها ستقيم مشاريع وسدود جديدة على النهر وتريد تغير بعض بنود الاتفاقية التي تحكم عملية استفادة مصر من هذا النهر الذي هو حياة مصر وبقائها وقد قال الرئيس المصري السابق أنور السادات أن الحرب مع مصر إذا وقعت في المستقبل فستكون بسبب المياه,وهنالك أيضا تصاعد الاعتقالات لأعضاء حركة الأخوان المسلمين فضلا عن تضعضع مكانة مصر عربيا وإسلاميا بسبب موقفها أثناء الحرب الإسرائيلية على غزة وخصوصا حول فتح معبر رفح حيث رفضت الحكومة المصرية فتحه في حين كان الفلسطينيون بأمس الحاجة إلى ذلك.وفي السودان حيث مشاكل الجنوب مع الحكومة المركزية وقضية دارفور وما يجري فيها من مذابح وتدخل القوى الدولية فيها وتدخل الدول المحيطة بالسودان إلى قيام بعضها بضربات عسكرية داخل الأراضي السودانية واتهام الرئيس السوداني عمر البشير من قبل المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في دارفور وإصدار حكم قضائي دولي باعتقاله كل ذلك وغيره من الصراعات المحتدمة على السلطة بين الأحزاب والفرقاء المتخاصمين يجعل السودان ينوء بثقل مشاكله وأزماته ويكاد أن يغرق فيها إلى حد يتوقع له البعض بالتقسيم بعد حدوث معارك داخلية تبيد الأخضر واليابس. ولا أريد الحديث عن الصومال فالمشهد المعروض يوميا على شاشات التلفاز يعني عن الحديث عن كابوسه المقيت.والى السعودية حيث تجدد النشاط الطائفي ضد الشيعة في داخل السعودية وخارجها وقيام قوى الأمن السعودية باعتقالات كثير لأبناء الشيعة في المنطقة الشرقية من المملكة وقيام جهات وهابية بمضايقة زوار مقبرة البقيع حيث قبور بعض أئمة الشيعة عليهم السلام وحتى مضايقة الحجاج الشيعة القاصدين لبيت الله تعالى وإصدار الفتاوى من أكبر مواقع الفتوى في السعودية بتكفير الشيعة وعلمائهم قاطبة دون أن ترد الحكومة السعودية على هذه الفتوى بشيء وهو ما يشعر بوجود توجه سعودي رسمي جديد له أهدافه وغاياته المريبة حيث صرّحت بعض الجهات الدولية أن هنالك موجه وهابية جديدة تقودها أطراف من داخل الحكومة السعودية وأنها سمحت مؤخرا بتقديم بعض المساعدات إلى حركات اعتبرتها السعودية بعد أحداث 11 سبتمبر في أمريكا بأنها حركات إرهابية وقطعت كل مساعدة لها بل وقامت بمحاربتها.والى اليمن حيث المعارك بين الحوثييّن وقوّات الجيش اليمني وتجدد المظاهرات في جنوب اليمن ضد الأوضاع السيئة التي يعيشها اليمنيون هناك ووقوع الكثير من القتلى والجرحى بعد قيام قوى الأمن اليمنية بالتصدي لهذه المظاهرات التي اتهمتها الحكومة اليمنية بأنها تنفيذ لمخطط خارجي لم تحدد من هو.أما في الكويت فمعارك البرلمان فيما بين أعضاءه أولاً وبين أعضاءه والحكومة الكويتية وهو ما يعني وجود أزمة سياسية داخل الكويت وأيضا تزايد اعتراض الكويت على أخراج العراق من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي فرضه عليه مجلس الأمن بعد اجتياح العراق للكويت عام 1990 ومازال مفروضا عليه رغم زوال النظام الصدّامي في العراق ومجيء حكومة تسعى جاهدة لتحسين علاقاتها مع دول الجوار العربية مما أشعل أزمة في العلاقات الكويتية العراقية دفعت رئيس الوزراء العراقي في زيارته الأخيرة للولايات المتحدة أن يطالب الرئيس الأميركي باراك أوباما بالتدخل لإخراج العراق من تحت طائلة هذا الفصل حسب ما أقرته الاتفاقية الأمنية بين العراق وأمريكا عام 2008وهو ما وعد الرئيس الأمريكي بالقيام به مما دفع بعض أعضاء الحكومة والبرلمان الكويتيين إلى اعتبار ذلك تدخلا في شؤون الكويت الداخلية وإعطاء ممن لا يملك (أوباما) إلى من لا يستحق(العراق) وهو تصعيد غريب من جهة الحكومة الكويتية ضد العراق بحيث تقف الحكومة الكويتية تناطح الحكومة الأمريكية التي حررتها من الجيش العراقي من أجل منع حصول العراق على بعض حقوقه وتحقيق بعض مصالحه في الوقت الذي يحتاج العراقيون بشدة بالغة إلى وقوف أخوتهم العرب إلى جانبهم وخصوصا الكويتيون منهم لاشتراك الجانبين فيما أصابهم من ظلم الطاغية حاكم العراق السابق.والأغرب من كل ذلك إصرار ملك البحرين على أن يقوم العرب بالتطبيع مع إسرائيل حيث أدلى بذلك خلال تصريحين في أوقات متقاربة.إن هذا الوضع المتأزم في منطقة الشرق الأوسط يحتاج إلى رؤية عميقة لتحليله وتفسيره تعتمد أدوات تحليل متكاملة وتمتلك معلومات دقيقة وكافية عن كل ما يجري في المنطقة من أجل الوصول إلى معرفة حقيقة ما يحدث ومعرفة الأهداف التي تسعى إليها تلك القوى العاملة على إحداث كل هذه الأزمات والأوضاع الملتهبة.ولسنا هنا بصدد تحليل ما يجري ومعرفة أسبابه والقوى المؤثرة فيه وكيفية ذلك ولكن ما نريد قوله هنا هو أن الواقع الشرق أوسطي ومنه الأوضاع في العراق خلال هذه المرحلة يتسم بخطورة ما يحدث فيه من قتال وحروب وأزمات ومشاكل يشير بوضوح إلى أن كل هذه الأزمات والحروب تحقق أهداف استراتيجيه لدولة معينة ذات نفوذ أو مجموعة دول وتشترك هذه الدولة أو تلك الدول في تعميق حدة هذه الأزمات وتفجيرها إن كانت خامدة إذا اقتضى الأمر وتمتلك هذه الدول قدرات هائل ووسائل متمكنة من الوصول إلى ما تريد إثارته وتفجيره.إن ما يجري في المنطقة والعراق يجعلنا ندرك أن هذه الأحداث ليس منقطعة عن بعضها البعض وهي تمثل حلقات متصلة مترابطة فيما بينها وهذا يعني أن هناك حدثا مهما وخطيرا ستتمخض عنه هذه التطورات فلا يعقل أن تضطرب كل منطقة الشرق الأوسط بهذا الشكل العنيف وتشترك فيه حكومات دول المنطقة وبمساندة دولية واضحة من قبل ألولايات المتحدة وحلف الناتو وغيرها من المؤشرات دون أن يشير ذلك إلى أن المنطقة ذاهبة إلى أوضاع جديدة وغير معهودة أو غير مسبوقة وكل ذلك يتطلب من القيادات السياسية الحريصة على مصالح شعبها ووحدة أراضي بلدانها أن تستعد منذ الآن لبناء مجتمع متماسك وموّحد بين الحكومة والشعب ليكون قادرا على مواجهة التحديات والأخطار المتوقعة,فهذه الوحدة هي الضمانة لتحقيق ذلك.

إن ما نريد الوصول إليه أن يدرك العراقيون أن بلدهم يواجه تحديات خطيرة جدا تمس أمنه الوطني ووحدته في الصميم وتضع على كل فرد في الحكومة أو الشعب ومن كل المكونات القومية والدينية والطائفية مسؤولية عدم إتاحة المجال لهذه التحديات أن تضعضع من أمن العراق ووحدته وعلى الجميع أن يسعوا إلى أن تكون برامجهم وتكتلاتهم السياسية قائمة على أسس وطنية أولا وقبل كل أساس آخر وهو ما دعا إليه سماحة السيد عبد العزيز الحكيم زعيم الائتلاف العراق الموحد في رسالته حول إعادة بناء الائتلاف العراقي وتوسيعه ليشمل أكبر عدد ممكن من مكونات الشعب العراقي حتى يكون هناك تكتلا سياسيا قادرا على تمثيل الشعب العراقي بشكل أقوى في إدارة أمور البلاد وإصدار القرارات المهمة في المرحلة القادمة وهو ما يأمله كل عراقي يحب أن يرى وطنه قادرا على عبور أوقات المحن والأخطار وحفظ وحدة العراق وتحقيق آمال شعبه

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك