حسن الهاشمي
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي اْلأَمْرِ مِنْكُمْ. ( النساء : 59).ظاهر الآية الكريمة يدل على أن الله سبحانه وتعالى أمر بطاعة أولي الأمـر على وجـه الإطـلاق والجـزم فـي جميـع الحالات دون أن يقيّد طاعتهم بحالة معيّنة أو شيء ما، ومن كان الأمر بطاعته على هذا الشكل فإنه يجب أن يكون معصوماً، وإلاّ لما صحّ الأمر بطاعته على وجه الإطلاق وبلا قيد أو شرط .وبما أنّ الأئمة الإثنى عشر هم الذين يمارسون وظيفة النبي (صلى الله عليه وآله) في التبليغ عن الله - ما عدا الوحي - بأمر من الرسول وبأحاديث متواترة، فوجب لهم العصمة حتى لا يصدر منهم خطأ في بيان حكم شرعي أو غيره، وبما أن الحكم مطلق فإنه يتسع لكل زمان ومكان إلى قيام الساعة وهو يتناسب مع فكرة وجود الحجة المنتظر التي تؤمن بها الإمامية ولولا وجوده المبارك لساخت الأرض بمن فيها. أما في زمن الغيبة كزماننا هذا لمن تكون الإطاعة؟! يجيب على ذلك الإمام الحجة نفسه بقوله: وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله، وهم الفقهاء العدول الذين تجتمع فيهم شرائط التقليد من التقوى والعلم والزهد والإعراض عن الدنيا وصيانة النفس عن الهوى، هذا ما يؤمن به المذهب الإمامي، أما بعض المذاهب السنية فهي تذهب إلى أن أولي الأمر هو السلطان الذي تقلد الحكم برا كان أو فاسقا فإطاعته واجبة بمقتضى الآية الكريمة؟! والحال أن الكثير من الحكام في الدول العربية والإسلامية تبدر منهم المعاصي والذنوب، فكيف تكون طاعتهم مرادفة لطاعة الله ورسوله؟! وحاشا لله أن يأمر المؤمنين بطاعة الفجار والفاسقين بل يأمرهم بطاعة الأبرار المؤمنين وهم الأئمة الميامين الأطهار بمقتضى اللطف والعدالة الإلهية، ونحن نقول أين طاعة المجتهد الجامع للشرائط في زماننا هذا من طاعة السلطان الجائر المتجاهر بالفسق والفجور؟! أين الثرى من الثريا وأين الحصا من نجوم السما؟!وقلت بعض المذاهب السنية تدعي أن أولي الأمر ينطبق حتى على السلطان الجاهر، لأن هناك من علماء السنة يرى غير ذلك فهذا الفخر الرازي في كتابه التفسير الكبير عند تفسيره آية الطاعة يؤكد على افادتها عصمة أولي الأمر فيقول: إن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية ومن أمر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع لابدّ وأن يكون معصوماً عن الخطأ إذ لو لم يكن معصوماً عن الخطأ كان بتقدير إقدامه على الخطأ يكون قد أمر الله بمتابعته فيكون ذلك أمراً بفعل الخطأ، والخطأ لكونه خطأ منهـي عنه ، فهذا يقضي إلى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد، وأنـه محال، فثبت أن الله أمـر بطاعة أولي الأمـر على سبيل الجزم، وثبت أن كل مـن أمر الله بطاعته على سبيل الجزم وجب أن يكون معصوماً عن الخطأ، فثبت قطعاً أن أولي الأمر المذكور في الآية لابد وأن يكون معصوماً. (تفسير الفخر الرازي 10/144).
https://telegram.me/buratha
