المقالات

ماذا بعد إقرار قانون الانتخابات ؟


علي محمد البهادلي

بعد مخاض عسير وشد وجذب واحتجاج وتهاتر وصراخ وضجيج إعلامي وتهديد كاد يعرض العملية السياسية برمتها إلى منزلق خطير ، لا يعلم مداه إلا الله والراسخون في العلم ، أقرَّ مجلس النواب قانون الانتخابات . إن الأيام القليلة الماضية بما شهدته من مشاكل وعقبات رافقت قانون الانتخابات وإقراره حملت في طياتها مخاوف الشعب العراقي من العودة إلى المربع الأول بعد التغيير وحالة الفوضى السياسية والأمنية ؛ لأن المواطن شاهد بأم عينيه ، وسمع بأذنيه ما دار في أروقة مجلس النواب أو في الفضائيات ، وشخَّص حالة التوتر السياسي الذي بلغ حد الأزمة المستحكمة والمستعصية على الحل ، والذي سلَّط الضوء على هشاشة الوضع السياسي وإمكانية استغلاله من قبل بعض الأطراف الدولية والإقليمية للإطاحة بالوضع الجديد ، أو على أقل تقدير العودة بنا إلى مرحلة العنف الطائفي الذي أكل الأخضر واليابس ، وخلَّف وراءه آلاف الشهداء ومئات الآلاف من الأرامل واليتامى . لكن الأمر الإيجابي الذي خفَّف بعض الشيء من حنق الجماهير على السياسيين هو إقرار القانون بما تضمنه من مكسب جماهيري باعتماد نظام القائمة المفتوحة الذي سيتيح للناخب خيارات متعددة مكشوفة يستطيع تشخيص الأصلح والأفضل بعيداً عن الشخصيات المقنعة والمسدل عليها ستار القائمة المغلقة . .

والآن بعد إقرار القانون يجب أن يُلتَفَت إلى أن الواجب الوطني والمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق النخب السياسية العراقية في هذه المرحلة المهمة من تأريخ العراق هو النظر بعين الجد لترميم الوضع السياسي ، فهناك الكثير من التشنجات التي رافقت المشهد السياسي العراقي خلال هذه السنين الست التي ربما كان لبعضها مبرراته الموضوعية ، لكن هناك من التشنجات لا تتصف بتلك الصفة ، وإنما كانت في أغلب الأحيان مفتعلة يُراد منها تهييج الشارع والاستفادة منه في الدعاية الانتخابية ، فيجب على جميع النخب والكتل السياسية أن تلقي بهذه التشنجات في سلة الماضي والسعي من أجل التقارب والتصافح ، وإيثار مصلحة الشعب والبلد ونبذ صفة الاستئثار والاستحواذ ، فهذا أوان العمل الجاد من أجل إثبات الوطنية والأمانة والمصداقية مع الجماهير .

والشيء الآخر هو التهيؤ لخوض غمار الانتخابات النيابية والاستعداد بشكل جيد ومدروس وهذا يتطلب رسم رؤية واضحة للوضع السياسي والاقتصادي في العراق من خلال تقويم التجربة السابقة وتشخيص الأخطاء والهفوات واستشراف المستقبل وتحديد ما يتطلبه من إعداد وتخطيط لمواجهة المصاعب والمشاكل المحتملة ، وعرض ذلك كله في برنامج انتخابي محدد وواضح المعالم وواقعي بعيد عن مثاليات جمهورية إفلاطون والمدينة الفاضلة ، وإنما ينبثق من صميم الواقع ، كي لا تظهر وعود السياسيين كأنها سراب بقيعة ، لأن ذلك ينعكس على ثقة المواطن بهم وبالتالي اختلالها ، وهذا ما لا نريده ، فالذي يريده الشعب هو أن تكون في البلاد نخب سياسية تتسم بالموضوعية والواقعية والشفافية والنزاهة ؛ كي يستطيع انتخابها لتطبق برنامجها السياسي والاقتصادي على أكمل وجه ، مما يؤهلها أن تنال ثقة الجماهير والفوز بولاية ثانية .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك