سالم كمال الطائي
بعد الحدث الجلل الأليم الذي أصاب المواطنين في التفجيرات الأخيرة والخطيرة, لم يعد ينفع نشر وإعادة نصب الأعمدة الكونكريتية "المخزية"! فهي ليست دليل قوة وذكاء! .. بل هي إشارة ضعف وخوف وغباء!!؟
المطلوب اليوم خلق أعمدة وأسس إستخباراتية واعية وجريئة, وكذلك يجب ان يكون الحال في الأجهزة الأمنية وعناصرها.. هذا هو الحل يا وزارة الداخلية ويا قيادة عمليات بغداد المتواطئة مع الإرهابيين أو تخشى بطشهم !! كما يبدو! وليس زيادة الأعمدة الكونكريتية التي لم ولن تمنع الإرهابيين من اختراقها.
كثير من الدول في المنطقة وفي العالم معرضة لعمليات إرهابية ولعصابات ما يسمى بـ "القاعدة" أو غيرها وحتى بعض الدول الغربية وفي أميركا نفسها.. لم تعمد هذه الدول وأجهزتها الأمنية بإقامة الأعمدة الكونكريتية السيئة المظهر والمقصد.. بل تعتمد على إقامة أجهزة أمنية وإستخباراتية محترفة ذكية غير محسوسة أو ملموسة!! ويقع عليها عبء حفظ الأمن والنظام وحماية الناس والممتلكات بكل جدارة وثقة ولا يخترقها إلا القليل من العمليات التي سرعان ما يتم السيطرة عليها وكشفها ومعاقبتها, قوام هذه المؤسسات هو الوعي المهني والذكاء المتميز والإخلاص للمهمة, وأمانة مطلقة للقيام بالواجب الوطني المقدس.
إن واقع دوائر الأمن والمخابرات في بلدنا؛ واقع مأساوي ومؤلم بسبب وجود عناصر غير كفوءة وليس لديها من الوعي المطلوب للقيام بهذه المهمة الخطيرة والأساسية من أجل المحافظة على الأمن والاستقرار في البلد, إضافة إلى عدم جعل مصلحة الوطن والشعب نصب أعينهم بل أن نصب أعينهم المكاسب أولاً ثم انتماءهم إلى هذا الحزب وتلك المنظمة والجماعة أو هذه المرجعية أو تلك!! وكلٌّ يأتمر بأوامر حزبه أو منظمته أو جماعته أو مرجعيته, ومما يزيد الطين بلة وجود عناصر معادية للعملية السياسية بكاملها وهم يتواجدون في مراكز حساسة في مفاصل الحكومة ومن ثم تقديم المساعدة والتوجيه والمعلومات للمنظمات الإرهابية... إضافة إلى المستوى المتدني في إدارة شؤون هذه الدوائر الحساسة في قياداتها وعند أفرادها وعناصرها.
إن المواطن غير مجبر في هذه الظروف المخيفة!! البائسة أن يكون حارسا وحامياً لوزير الداخلية وقائد عمليات بغداد أو غيرهم من الذين يناشدون باستمرار - خوفاً وجبناً- ويطالبون المواطن بـ"التعاون" !! مع السلطات (أيْ سلطاتهم الأمنية)!؟ ومن ثم يتعرض للقتل والخطف والمعاقبة من قبل عناصر بعثية صدامية ومن الإرهابيين الآخرين عندما يُكْشَفُ أمره في تلك الدوائر الأمنية!!؟ .. وسوف نجد هذا المواطن المغلوب على أمره في هذه الظروف ومتى ما يشعر بالأمن والاستقرار وتحقيق متطلباته وتوفير وسائل عيشه المتواضعة! ويشعر بالاطمئنان عندها سوف نجده متعاوناً في الدفاع عن هذه المكاسب والمنجزات بالتلاحم مع السلطة والمسئولين, وهو كذلك رغم كل تلك التضحيات والمعاناة اليومية ولكن بحذر!.
أن تشديد إجراءات التفتيش وإعادة العوارض والموانع في الشوارع بعد كل عملية إرهابية مجرمة هي زيادة في معاناة المواطنين وعرقلة تحركهم إلى أعمالهم ومصالحهم ومواقع كسب أرزاقهم؛ وهو الهدف الآخر للإرهابيين وفي نفس الوقت دليل على ضعف وخوف الأجهزة الأجهزة الأمنية والإستخباراتية وقياداتها على وجه الخصوص!!, ورغم كل ذلك تحدث الكارثة مرة أخرى رغم كل تلك الإجراءات البائسة السابقة؛ ويعود وضع الأمن والاستقرار إلى مربعه الأول الرهيب والمؤلم. وفي الوقت الذي يلوم المسؤولون بعضهم بعضاً اليوم .. نجد وبالحدس والتجربة!! أن الإرهابيين يخططون لعملية أخرى غير هيابين من السلطة وقياداتها التي كل مجموعة منهم تمثل حزباً هنا وحزباً هناك و يتخندق البعض الآخر في ائتلافات مختلفة!! مما يجعنا ندرك أننا في ساحة صراع حكومات في داخل ما يسمى بالحكومة وفي ظل غياب المركزية في الحكم بل "كل حزب بما لديهم محتفظون"!! وإن الأيام القادمة تنذر بخطر التصادم في الشوارع!! بين هذه التكتلات والأحزاب وقواعدها بل مرتزقتها! وخاصة التي تدعي بأنها شيعية, حينها سنجد أن البعثيين والمتربصين للإستيلاء على الحكم - بعد موافقة الأمريكان طبعا-!!؟ ينسحبون مؤقتا ويتخندقون وينتظرون الوقت المناسب للظهور بل للهجوم على مَنْ يخرج منتصراً!!؟ من هذه المعركة "المقدسة" للقضاء عليه واستلام الشارع والشعب المنهك الذي أصبح يردد اليوم: "والله عمي زمن صدام والبعثيين هوايه أحسن"!!؟
إن الرد الصحيح والإجراء الأمثل والمتوازن هو رفع كل الحواجز والموانع من شوارع بغداد الداخلية خاصة!! وإتاحة الحرية الكاملة للإرهابيين بسياراتهم المفخخة للوصول إلى "مخابئ المسئولين"!!؟ عن الأمن كما يدعون ويفجرونهم في جحورهم! ويذوقونهم المرارة التي يذوقها المواطن البريء, وبعد ذلك فسوف يصحوا من نومهم وينتبهوا إلى غباءهم ويشخصوا أعداءهم الذين هم بين ظهرانيهم.. ثم يؤدوا واجبهم كما هو مطلوب منهم بكل أمانة وجرأة وإخلاص...
أيها المسئولون الأمنيون إن كنتم رجال...أرفعوا جميع الحواجز عنكم وواجهوا الإرهابيين بشجاعة ووعي وخلصوا المواطن الذي جعلتموه درعاً لحمايتكم وعرضا للموت والأذى بسبب استهانتكم وجهلكم وجبنكم.. ومن ثم تطالبوه بالتعاون والمساندة وأنتم تضحكون!!؟
https://telegram.me/buratha
