المقالات

الاحد الدامي..وطوفان الدم العراقي..وقطرات من الحياء والخجل


الدكتور يوسف السعيدي

في الصالحية وهي حي في بغداد ألحبيبه ( ...كذا. ) مواطناً قتلوا غيلة وهم في وزارتهم و مساكنهم ومحالهم بين رجل وامرأة وطفل وشيخ... في ذلك النهار كان الدعاء أن يعود المرء سالما إلى بيته عندما يخرج منه للعمل أو للدراسة، أو للعلاج أو عندما يعود إليه... لكن الجميع كانوا يشعرون بالأمان وهم في بيوتهم على الأقل.... وهم كسائر الناس يحملون هم العيش ويحلمون بحياة أفضل، يحزنون ويفرحون كسائر الناس... لم يفكر أحد منهم في ذلك النهار إن الأرض سوف تزلزل زلزالها، وان السقوف التي ينظرون إليها وهم يتوجهون بالدعاء إلى الله أو يستدرجون ذكريات الماضي أو يستحضرون آمال المستقبل... السقوف التي بناها لهم الأجداد أو الآباء بعد أن ذاقوا عذابات الجهد حتى اخشوشنت الأكف والأقدام...وحتى إن كان بناة الوزارات والمؤسسات ألحكوميه شركات أجنبيه لكنها قبضت الكثير من حقوق وأموال المواطن العراقي المحروم من ابسط مستلزمات العيش...هذه السقوف تحولت إلى مقابر جماعية مسحت الرؤوس والأجساد فيها أكداس الطابوق والاسمنت والحديد والتراب أما الشظايا فقد سبقت هذه كلها لتمزق زجاج النوافذ وتستقر في اللحم الآدمي... هكذا هو مصير الإنسان ... نثار من لحم ودم إذا اخرج من الأنقاض... إما الآخرون الذين ظلوا تحت الركام فلقد اختلطوا بتراب الأرض ولسوف تزيلهم سكاكين الجرافات دون أن تفكر طبعا بان هذا دم طفل رضيع وذاك دم معتمرة أو معتمراً جاء تواً من كعبة الله... وآخر شاب ينشد موطنا آمنا أو كان يجهد نفسه بالدراسة ليحصل على المنال وتلك كانت فتاة تحدثوا عن خطبتها لابن العم فكانت عند وقوع الزلزال تسرح شعرها بمشط العافية... إنهم سيظلون إذن موتى دون قبور مع الاعتذار للفيلسوف الفرنسي الراحل (جان بول سارتر) إذ استعرت عنوان مسرحية له... ولكن كم عدد هؤلاء ؟ الجثث التي (نجت) لتذهب إلى القبور( كذا ) جثة والأجسام المضرجة بالدم تجاوزت أل ( ) ... وهكذا صرنا لا نأبه بالأرقام.. فالعشرات الذين يموتون يمرون في الخيال كشعاع خاطف من غيمة بعيدة... وحتى موت المئات لم يعد يثبت في المخيلة إلا قليلاً...صار الموت عادة....صار الموت مهنة....صار الموت صديقاً يرافق الإنسان العراقي...في الحل والترحال..... بل صار هو الإنسان... و:كنا ننام على الزعيق فمذ طغى صرنا ننام على الزعيق ونهجع أما المنازل التي كانت تهب العوائل دفء الشتاء ونسائم الصيف والتي كان يسمع فيها صراخ الأطفال وضحكاتهم، ورنين الملاعق في أقداح الشاي ( في المقاهي المجاورة ) فقد محق أكثر من ( كذا ) منزل فصارت قبوراً للساكنين و( كذا ) منزل تصدعت حتى لم تعد صالحة للسكن إلا إذا أراد سكانها أن تكون قبوراً أخرى...فهل يستحق أهل العراق ذلك ؟ وهم المواطنون الصابرون ؟ وهم الآمنون الحالمون؟ وهم الوطنيون والمتحضرون ؟ حتى الأسئلة لم تعد لها قيمة وليس هناك من يسمعها لكي يجيب...ومع ذلك فهي تطرح كدخان سيجارة يلتف في الهواء ثم يغيب...من فعل هذا ؟ إذا كان الفاعل من أدعياء الدين فبئس الدين الذي يدعون إليه فما كان دين محمد (ص) إلا حياة وإلا رحمة للعالمين... وما كان دين محمد(ص) إلا جنة تحيتهم فيها سلام... وليس في الإسلام عصابات للجريمة ولا مافيات وحتى العصابات التي تمتهن الجريمة فإنها تقتل لمصلحة ... أما أن تقتل الناس بالجملة دون هدف فلم نسمع عن مافيا صقليه وآل كابوني أنهم فعلوا ذلك... إذن فهذا الذي يؤمنون به دين إبليس وليس دين الله الحق... وكل هؤلاء الذين ماتوا غيلة أو في السيارات المفخخة أو الأحزمة الناسفة أو القنابل الناسفة سيقفون أمام الله مع كل مؤودة ليسالوا ... بأي ذنب قتلوا؟ وحتى جدران المنازل التي محقت ستشكو إلى الله تعالى وستطالب أن يذهب المجرمون إلى نيران الجحيم...وإذا كانت الفعلة البشعة من تيار قومي أو عنصري أو يدعي الوطنية فان ما حدث في الصالحية سيمحوهم من لوحة الشرف... ولن يجدوا لهم مكانا ليس في الحياة السياسية وحدها بل في الحياة الاجتماعية كلها وسيظلون منبوذين تطاردهم اللعنة على مر الزمن... وحيثما ولوا الوجوه سيجدون أمامهم صورة جروح فاغرة... وأشباح بشر راقدين ألان في المستشفيات ويرفضون الخروج بعد الشفاء قائلين: إلى أين نذهب ولم يبق لنا أسرة ولا خل ولا دار ولا عمل ؟ أما ما تداولته وسائل الإعلام من أخبار عن وجود متفجرات بالأطنان كان القصد منه قتل العشرات من العراقيين وهدم الوزارات الحكومية و منازل المواطنين الآمنين ومحالهم ... وان صح ذلك فانه من سوء الطالع، ومن بؤس الفكر، وانعدام الحس أن تقع الاجهزه الامنيه في كمين ينصبه لها المجرمون كما حدث في الأربعاء الدامي بينما المفروض أن تنصب الاجهزه الامنيه وأجهزة المخابرات الكمائن ليقع فيها المجرمون... إن التعامل مع هذه الظواهر يحتاج إلى العقل قبل اليد، ويحتاج الشجاعة المشفوعة بالحكمة وليس الشجاعة المتهورة... فلم تعد حرب العصابات ولا أي حرب مجرد (فزعة) وإطلاق الرصاص ورمي المتفجرات بطريقة كأنها قضاء فرض... وكم مرة انفجرت سيارة فهرعت إليها الشرطة وتجمع الناس لتنفجر أخرى في نفس المكان وتحصد عدداً مضافا لتزهو الجريمة بحجمها ولقد قيل ( إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين) ولكن حكومتنا( ألوطنيه) وأجهزتها الاستخباريه والامنيه وشرطتها لدغت مرات ومرات.... ويجب أن لا يكون فهمنا للعدو كفهم دون كيشوت عندما راح يقاتل بسيفه الأعداء وينتصر وما كان الأعداء إلا أجنحة الطواحين... طواحين الهواء..الشهداء عددهم ( ) و منهم تحت الأنقاض..... ولا أمل في وجود ذرة حياء وقطرة خجل لبعض المسؤولين وأتباعهم ... وقد آن الأوان أن نعرف الرقم وما يقابله وعن ماذا يتحدث ....قتل أحباؤنا وأهلونا وأصدقاؤنا ...فإما أن نمنع هذه المجازر أو نعفر وجوهنا بالتراب ونتسلل إلى خارج المسؤولية بل إلى خارج الوطن.الخلود وجنات النعيم لشهداء الصالحية.... ولكل شهداء العراق...ولعنة الله من اقترف هذه الجريمة وسهل أمر وقوعها...ووقوع الجرائم الأخرى بحق العراقيين الشرفاء...وحسبنا الله ونعم الوكيل.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
army
2009-10-28
الحكومة اليوم والبرلمان يواجهان تحدي كبير.هذا التحدي يتمثل بالشارع العراقي الذي اصبح امام امرين لاثالث لهما وهو ما تؤكد عليه الفضائيات الداعمة للارهابيين. من خلال ذلك لابد للحكومة ان تثبت العكس وخصوصاً في تنفيذ الاحكام العادلة بحق المجرمين والا سينقلب كل شيء ضدها بل يصل الى اتهامها بتنفيذ تلك الاعمال وهو ما تلمح به الفضائيات المسخرة والداعمة للارهاب الصدامي، حينها لايجد المواطن المغلوب على امره الا تصديق ذلك الكذب استناداً الى المقوله الشهيرة لوزير اعلام هتلر "اكذب اكذب حتى يصبح الكذب حقيقة"
الدكتور يوسف السعيدي
2009-10-28
شكراً army ...نعم قلناها سابقا....في معظم مقالاتنا...ان محاولات عودة قرود البعث والعفالقه...الى واجهة الحياة العراقيه...نذير شؤم ...وأي شؤم....الا يتعظ البعض مما جرى ويجري؟؟؟ تحياتي
army
2009-10-28
الدكتور يوسف السعيدي المحترم : ان تلك التفجيرات الاجرامية ليست الا ضغوط لمكاسب سياسية . وهؤلاء نحن نكتب عنهم كمجرمين لكنهم في الواقع وواقع حياتنا الماساوي هم قيادات ورموز سياسية مشاركة وتشارك في العملية السياسية من جهة وتقوم بعملياتها الاجرامية من جهة اخرى. ان الاصرار على عودة البعثيين الصداميين بل وتسلمهم مواقع المسؤولية والسلطة في هيئات الرئاسات الثلاثة سيجر البلد الى كارثة الحرب الاهلية. انهم مرتبون ومنظمون وفق ستراتيجية اكثر مما يتصور بعض القيادات بل ان كثير منهم قد اخترق تلك القيادات.
الدكتور يوسف السعيدي
2009-10-28
اخي العراقي..العزيز...لك ولك الشرفاء دعائي ..بالامان...والعافيه...وحسن المعيشه...انه سميع الدعاء
العراقي
2009-10-28
بارك الله فيك يادكتور يوسف.والله لقد وقعت يداك على جراحنا.أتعلم يادكتوركنت متوجها لعملي اليوم فسأني ابني اليوم في الصباح اين ذاهب؟فأجبت للموت
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك