( بقلم : سعد البغدادي )
اما الاشكال الثالث لدى المعترضين يتضمن نفي العلاقة بين الفدرالية والخلاص من الارهاب في الواقع قبل الخوض في اصل هذه العلاقة لابد لنا من النظر الى التصاعد البياني للعمليات الارهابية ومعرفة الحواضن التي نمت ورعت هذه الظاهرة بعد دخول قوات الاحتلاللا يجد الباحث المنصف اي صعوبة في فرز القواعد الارهابية في المناطق الغربية من العراق اضافة الى صلاح الدين وديالى وكركوك وبغداد, تحولت هذه المناطق الى بؤر ارهابية ذات تنظيم عالمي تمتد قواعدها الى افغانستان وسورية والسعودية والكويت والاردن وعالميا تشترك مخابرات دولية في تغذية وتمويل هذه العمليات التي تطال الابريا ء ويذهب ضحيتها يوميا المزيد من العراقيين
ان نمط الارهاب في العراق مختلف كثيرا عما يشهده العالم فبينما تتخذ العمليات الارهابية في كل العالم اسباب دينية وسياسية اي حربا ثقافية ذات طابع حضاري تتخذ في العراق سلوكا مذهبيا طائفا موجها ضد المدنيين وتغذي هذه الاعمال بعض القوى السياسية التي دخلت مؤخرا في العملية السياسية لاحراز نقاط تفاوضية من اجل كسب المزيد من المواقع الحكومية بمعنى اخر اننا نشاهد ان منشا الارهاب هو تلك المناطق التي كانت قبل تاريخ 9/4متنفذة ومستحوذة على كل خيرات العراق فلا احد ينكر ان الانبار وصلاح الدين وديالى هي من المناطق المتنفذة واستطاعت في فترة ثلاثين عاما ان تتحول الى اقطاعات شبيهة باقطاعات القرون الوسطى وكيف لاحظنا ان الشعور الذي تملك اهالي هذه المحافظات يذكرنا بنظرية التفوق النازية فنظرية لااحد يحكم العراق غيرنا هي اللغة السائدة في هذه المناطق وعلى المستوى الشعبي تسمع كثير من القصص التي تؤيد هذا التمذهب وما القتال الدائر الان والمتستر باسم المقاومة الا من اجل اعادة الروح الى هذه النظرية او على الاقل التذكير بها فكلنا يعلم العلاقة بين الاستعمار والاقلية الحاكمة على مدى ثمانين عاما
هذه العمليات الارهابية في حال تحقق النظام الفدرالي سوف تتقوقع في مناطقها ولاتجد من يحتضنها في الاقاليم الفدرالية وبالتالي انحسارهابفعل القوانين والانظمة والتشريعات الفدرالية التي تسمح بتحسين الوضع الامني والاحوال المعيشية للمواطن العراقي.حيث لا شك ان تشكيل اقليم الوسط والجنوب الذي سوف يتمتع بمجلس وزرائه وبرلمانه وقضائه المستقل وقواته الامنية والحدودية الخاصة به، كل تلك المؤسسات السياسية والاقتصادية والعسكرية المستقرة في الاقليم تشارك بشكل فعال في قلع جذور الارهاب ورفع مستوى معيشة المواطن، وهكذا ايضا بالنسبة للمناطق الاخرى تنطبق عليها نفس الحالة، حيث كل مكونة في اماكن تواجدها التاريخية تقع على عاتقها حماية نفسها من الارهابيين والتكفيريين وعليها ان تبذل اقصى جهودها من خلال تطوير وبناء المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ضمن حدود اقليمها. هذا ناهيك عن التعاون الاجتماعي والاقتصادي والسياسي بين تلك الاقاليم حيث تؤدي في نهاية المطاف الى نجاح الفيدرالية كنظام حضاري في العراق وتحقق الامن والازدهار الاقتصادي في عامة البلاد. واعود الى تجربة كردستان التي نجحت نجاحا منقطع النظير في القضاء على كل بؤر الارهاب بكافة اشكاله والسبب هو تلك التشريعات والقوانين التي سنها البرلمان الكردستاني في مكافحة الجريمة اضافة الى التشريعات الاقتصادية والسياسية والقضاء على مسببات الارهاب
اذن هناك ملازمة منطقية بين الفدرالية والارهاب في حال تحقق هذه الاقاليم وبمجرد تشكيل البرلمان والحكومة المحلية سيكون الارهاب قد انتهى الامر الاخر هو المناطق الاسيرة الانبيد الارهابين وهي صلاح الدين والانبار وديالى ماذا سيكون مصيرهما
حسنا اعترف قادة السنة السياسيون ومنهم خلف العليان وظافر العاني بان تحقيق فدرالية الوسط والجنوب يعني سقوط المناطق السنية بيد الارهابيين واضاف العليان انهم سيمارسون الذبح ضد السنة طبعا هو يقصد دعوهم يذبحون الشيعة في ظل نظام مركزي اما في ظل دولة فدرالية فانهم غير قادرين سوى ذبح السنة ؟
اعتقد ان هذا فهم خاطئ للفدرالية لان من شروط الفدرالية التي اقرها الدستور العراقي هو احتفاظ الدولة المركزية بالجيش وهو من اختصاصات الدولة المركزية وهذا الامر سوف ينهي المشكلة باقل التوترات والاتهامات بالطائفية حينما يتم الاستنجاد رسميا بالدولة المركزية لتطهير المناطق السنية من الارهابين اضف الى ذلك الشعور الذي يتولد لدى اهل تلك المناطق نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي او مايسميه علماء الاقتصاد القلق الاقتصادي سيكون عاملا مهما لتهدئة وبناء واعمار الفدرالية السنية ان صح التعبير على غرار باقي الفدراليات
اما الاعتراض الرابع لدى المعترضين هو الاقتتال الحزبي الشيعي الشيعي او السني السني في الفدراليات المنظرة لا اعرف منشاء هذا الاعتراض ولا اعرف من اين اتى لهم مثل هذا التصور الخاطئ فلم نسمع في التاريخ العراقي اقتتال شيعي شيعي او سني سني, وبالتالي لايمكن لاي باحث ان يتصور امرا هي لم تحدث ويبني عليها استنتاجاته ربما رائ المعترضون في الاقتتال الشيعي الشيعي في لبنان بين امل وحزب الله قاعدة لهم ورغم اني استبعد ه الا اني الا اعرف تجربة للاقتتال الشيعي الشيعي غير تجربة لبنان السياسية وليس على اقتسام نفوذ بل بين توجهات دول كانت تتصارع لبسط نفوذها مما نفتقده في العراق
المنشا الاخر الذي يتوهمونه هو الاقتتال من اجل الاستحواذ على الثروة النفطية بين المجلس الاعلى والتيار الصدري وحزب الفضيلة الى اخرها من التسميات الحزبية واذا كان مثل هذا الفهم موجود فهو حالة خطيرة جدا في الوعي السياسي العراقي ذلك لان النفط ليس ملك للمجلس ولا التيار الصدري او غيره من الاحزاب هناك دستور شرعي وقانوني حدد ونظم علاقة الاقليم بالدولة المركزية ونظم توزيع الثروات بما فيها النفط بين الاقاليم فليس من حق احد ان يتلاعب بهذه الثروة ثم هناك محكمة اتحادية وبرلمان مركزي وبرلمان محلي وحكومة مركزية كل هذه المؤسسات الدستورية تمنع اي خرق مفترض للحقوق والواجبات في الاقليم وبالتالي منع من حدوث اي فرصة للاقتتال الداخلي اما ما يردده البعض من سيطرة الميليشيات المسلحة في الجنوب على تهريب النفط فسيحدث اكثر من هذا في ظل استمرار الدولة المركزية لان مفهوم الرقابة الان لم يتضح مما يجعل الاحزاب هناك على سرقة ممتلكات الدولة على عكس وجود حكومة محلية متخبة من ابناء الاثليم نفسه
الامر الاخر الذي يستند له المعترضون ان هناك سرقات وهدر للمال العام في مجالس المحافظات الحالية فكيف لو تحققت الفدرالية وهذا الامر مردود فالسرقات والتسيب المالي المتفشي الان هو ظاهرة الدولة المركزية وليس من نتاج الفدرالية
كل هذه الامور تجعلنا نرفض استباق النتائج ان نظام الاقاليم او الفدرالية هو حق دستوري استفتى عليه الشعب العراقي في ملحمة تاريخية في 15/ تشرين الثاني من 2005 وبالتالي اي تعطيل او تاجيل هو خرق دستوري لايمكن التساهل معه او الترويج له فضلا عن المسايرة معه اما من يهدد بالانسحاب او مقاطعة البرلمان الى غير ذلك من اساليب فاشية فعليه ان يتعلم لغة الحوار والخضوع لمبدء الا غلبية
https://telegram.me/buratha