المقالات

التسلسل الهرمي بين البنك المركزي والمصارف التجارية


الدكتور مجيد الشرع

نعني بالعلاقة الهرمية في هذا الصدد ان ترتبط المصارف التجارية بالبنك المركزي ضمن امتداد للصلاحيات في تفويض تلك المصارف في اجازة التعامل المصرفي ضمن ضوابط يقننها البنك المركزي وهو بهذه الحالة( اي البنك المركزي) يشكل قمة الهرم الذي يرسل اشارات الصلاحيات الى القاعدة التي نعني به (المصارف التجارية).واذا مانظرنا الى شفافية التعامل والعلاقة التي ينبغي ان تسود بين البنك المركزي والمصارف التجارية يمكننا التقرير ان كل من الطرفين يسعى الى تحقيق مصلحة عامة فضلا عن المصلحة الخاصة.ان الظرف الراهن في الدول ومنها العراق هوسيطرة الازمة المالية على اقتصاديات تلك الدول ولا زال تأثيرها مستمرا رغم القناعات المشكوك في عمقها بان الشفاء قريب وعودت الاقتصاد العالمي الى النمو.وقد طرحت لجنة بازل مؤخرا توصيات عشر على المصارف محاولة بذلك سد الثغرات التي ظهرت اخطارها اثناء الازمة المالية.ان خلاصة هذه التوصيات تلقي على البنوك المركزية والتي تمثل الجانب الحكومي في ادارة الازمة دورا كبيرا في الرقابة على اداء المصارف ولا سيما الجارية منها حيث اوضحت هذه التوصيات بان على كل دولة الحصول على الادوات اللازمة والمهمة التي تساعد على استقرار انظمتها المالية والتقليل من حجم الاخطار فتحمي المودعين والمستثمرين وتضمن حسن اداء اسواق المال.واذا ما اردنا تطبيق مفهوم هذه التوصيات على وضعنا العراقي نجد ان البنك المركزي يتكأ على عصا القاضي ان صح التعبير وهو مفهوم اجتماعي لا يسمح المجال في شرحه الا ان مدلوله ان البنك المركزي لم يتابع نشاط المصارف التجارية على ارض الواقع الا من خلال تقارير ترفع له عن نشاطات تقليدية اضحت مختصرة ومقتصرة على جوانب ضيقة من العمل المصرفي دون المضي في استثمار النقدية الفائضة لدى تلك المصارف وخاصة الحكومية منها في مشروعات تخدم البنية التحتية ومرد ذلك الى حجج تتهاوى عند النقد البناء.ومن خلال اطلاعنا على التقارير المالية لبعض المصارف التجارية والتي تترجم نشاطها المالي خلال سنة مالية نجد ان هذه التقارير توحي بفقدان النظرة المستقبلية الواعدة لنشاطات تلك المصارف التقليدية وذلك خوفا من المجازفة غير المحسوبة كما ان منح الائتمان المصرفي وهو عنصر مهم في تنمية المشروعات وتنفيذها اخذ يشكك في الضمانات المقدمة واهم عنصر فيها رهن العقار حيث تحكمت في هذا العنصر ظروف البلد من حيث عدم انسيابة عمليات البيع والشراء في مناطق مهمة من العراق.كما ورد في احدى التوصيات وفي تاكيد الحماية القانونية التي تعد مرجعا للمنازعات ان تسعى الدول في وضع اطار قانوني يتضمن ادوات ردع باقرار عقوبات للمخالفين ومهددي الاستقرار المالي ووضع الاجراءات اللازمة لتنفيذها.وفي اطار المفهوم المشار اليه فأنه يجب على البنك المركزي العراقي باعتباره يمثل راس الهرم في السياسة المالية والنقدية ان يفعل اجراءاته القانونية في حماية اموال المودعين على اختلاف مشاربهم في البنوك التجارية والتي تشكل ايداعاتهم مع ما تمتلكه تلك البنوك من اموال متاحة للاستثمار النافع وهذا الاستثمار اذا ما وجد البيئة الحمائية ومنها ما يتعلق في الجانب القانوني السريع التنفيذ تتجه الاستثمارات حينئذ الى ما يخدم التنمية الاقتصادية حيث يكون الاستثمار الموجه بدلا من الاستثمار المزاجي.ومن ناحية اخرى اشارت التوصيات المعنية الى اهمية العمل المصرفي ودوره في اقتصاديات الدول المختلفة وتبدو في حيثيات تلك التوصيات اشارات مهمة للبنوك المركزية ان تأخذ دورها في تنمية العمل المصرفي وان تسعى في تسهيل عمليات البنوك التجارية وتحاول جهد امكانها ان تنشط المساهمة الدولية في عمل تلك المصارف.ونحن في هذا المقام ومع تقديرنا للجهود التي يبذلها البنك المركزي العراقي ومنها استقرار اسعار الصرف للدينار العراقي وهي نقطة جديرة بالأهتمام من قبل المختصين في السياسة النقدية ولكن نستدرك من ذلك ان يعمل البنك المركزي بطاقة اكثر شمولية في ترشيد عمل المصارف التجارية وخاصة بنوك القطاع الخاص حيث نجد تذمرا واضحا لدى مدراء تلك البنوك من بعض السياسات التي يفرضها البنك المركزي وخاصة في مجال الاستثمار الليلي وضخامة الاحتياطيات.ان وضوح العمليات المصرفية وفهم العملاء الى ما يترتب عليهم من حقوق والتزامات اضحت محل اهتمام للجان الدولية التي تهتم بالجانب المالي وكذلك محل اهتمام منظمات مهنية مثل لجنة معايير المحاسبة الدولية وتشكيل خطط لأدارة الازمات مع اظهار عناصر الشفافية في تبادل المعلومات وصولا الى امكانية وضع الحلول بأقل الاضرار المتوقعة، وهذا يتطلب من البنك المركزي العراقي والمصارف التجارية العاملة في العراق بناء جسور الثقة وان تبنى سياسة مصرفية بناءة مقتدية بالمسارات العالمية وتفعيل دور التدريب المصرفي من اجل اعداد كوادر مؤهلة في ظل بوادر الامن والاستقرار التي تسعى اليها الحكومة العراقية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك