المقالات

الفضائيات الملتزمة ضرورة لابد منها


حسن الهاشمي

كما هو معلوم إن الإنسان مثلما هو بحاجة إلى الماديات فهو بحاجة إلى المعنويات التي تجعل من الإنسان آدميا وإلا فما هو الفرق بينه وبين الحيوان الذي يشترك مع الإنسان في الأكل والشهوة ويفترق عنه في التفكير والتطور والإبداع والأخلاق والقيم، وهي أغلى ما في الوجود، حيث أن للإنسان الآدمي مالاً وجسماً وعرضاً وديناً، وعليه أن يضحّي بماله في سبيل جسمه، وإذا دار الأمر بين التضحية بالجسم أو العرض، فعليه أن يرخص جسمه حفاظاً على عرضه، وإذا دار الأمر بين( المال والجسم والعرض) وبين الدين فالواجب أن يفدي بهذه الثلاثة في سبيل الدين، هذا ما تعلمناه من سيد الشهداء أبي الأحرار الحسين بن علي عليه السلام إذ أنه نادى في طف كربلاء إن الحياة عقيدة وجهاد، إما الظفر والنصر والغلبة فهي حياة العز والشموخ وإما الشهادة في سبيل الدين والوطن فهي الحياة الحقيقية الأبدية وجنات الخلد والنعيم الذي لا يبلى، والذي لا يعمل بهذا المبدأ الحسيني الخالد فسيكون مصيره في الدنيا العار والخزي والشنار وفي الآخرة النار والعذاب الأليم.وبما إننا نعيش في زمن تكنلوجيا المعلومات وفي الحقيقة لا يخلو بيت إلا وانثالت عليه مئات بل آلاف الفضائيات جلها فضائيات شيطانية تكرس حالات الانحراف والتفسخ والفساد والانحلال بين شبابنا وفتياتنا أو أنها قنوات تسمى بالدينية بيد أنها تحرف عقائد المسلمين عن طريق بث روح التكفير والأضغان والأحقاد بين صفوفهم، أو أنها تتخذ مناح رياضية وترفيهية ولهوية وأزيائية وعلمية وما شابه ذلك فيها القليل المفيد والكثير المضر بالروح والأخلاق والسلوك، ما يضاعف مسؤولية الآباء والأمهات حيال أولادهم من انتخاب المفيد النافع وإهمال المخرب الهادم من حزمة البرامج التي يحملها الأثير إلى كل بيت من بيوتنا.وفي خضم معترك الوجود هذا بين أن نكون مجتمعا محافظا على القيم والمبادئ أو مجتمعا مائعا تتجاذبه إغواءات اللهو واللعب، وفي خضم معترك الفضائيات المبتذلة الهدامة التي هي أضعاف مضاعفة الفضائيات الملتزمة البناءة، نحن بحاجة إلى موقف حازم لانتشال أطفالنا من هوة الوقوع في الفساد والرذيلة التي باتت في زماننا هذا في متناول اليد فهي مبثوثة في الفضائيات والأنترنت والهواتف النقالة وهي سهلة المنال لكل من هب ودب، ولا يمكن الانتشال هذا بالمراقبة والعقوبة والتهديد لأنها لها انعكاسات سلبية على نفسية الطفل والمراهق، وأنجع طريقة هي بث الوعي الديني الهادف في أوساط المجتمع ولا يكون ذلك إلا بالإكثار من الإعلام الهادف الذي يدعو للفضيلة والأخلاق والقيم ومن ضمنه الفضايات التي لها دور أساسي في التأثير المباشر على المجتمع، والمعلومات التي يحصل عليها قد تحصنه وتردعه عن متاهات الإعلام المضلل والمتفسخ...والفرق واضح بيت القنوات المادية اللهوية الفاسدة والقنوات المعنوية المفيدة الهادفة حيث أن الأولى تقدس الأشخاص الكروية والفنية والرقصوية والأزيائية إن صح التعبير بأجسادهم القوية كما في الرياضة والطرية كما في الفن المبتذل حتى إذا ما هرم الرياضي أو شاخت الراقصة أو عارضة الأزياء إندثرت شخصياتهم ومنجزاتهم لأنها قائمة على المادة فقط، أما القنوات المعنوية الهادفة فإن تقدسيها للأفراد إنما تمثل الأهداف والقيم التي يحملوها وإذا ما حاد رجل الدين عنها فإنه يضرب به عرض الجدار كائنا من كان ما خلا المعصوم فإنه مسدد بالتسديد الإلهي، لذا ترى أن العلماء الربانيين مبجلون في حياتهم ومخلدون بعد مماتهم لما يحملون من قيم عليا وأهداف سامقة لا تجدها في الشخصيات المادية التي يندثر ذكرهم باندثارها، وتبعا لذلك فإن حاجتنا للإعلام الهادف لا يقل أهمية عن حاجتنا للأكل والشرب والسكن. صحيح أن من لا معاش له لا معاد له، وصحيح أيضا أن الفقر كاد أن يكون كفرا، ولكن المرجعية المباركة وبقية المؤسسات الدينية التابعة لها مثلما تعتني بالفقراء والمساكين فهي تعتني كذلك بالأفكار السليمة والنافعة الذين يتغذون عليها، وكل له موارده الخاصة ولا يمكن الخلط بينهما وإن الأوقاف تصرف في موارد ما أوقفت لأجله ولا يجوز صرف موارد الفقراء والمساكين لأغراض تبليغية دينية والعكس صحيح، وكلاهما ضروري لا يمكن الاستغناء عنه، فالدعم المادي هو لأجل الترسيخ المعنوي وإلا إذا كان الدعم المادي مجردا ما الفرق إذن بينه وبين دعم الدواب التي تأكل لأجل أن تعيش، بينما الإنسان الآدمي يأكل لأجل أن يتحرر من أسار الشهوة والمادة ويلتحق بركب المعنويات التي فيها السعادة الحقيقية بكل ما تحمل كلمة السعادة من معنى.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك