المقالات

قيمـــة الزمـــــن فــي حيـاتنـا...!!


مقال لوزير التخطيط الدكتور علي بابان

معيار صائب لا يخطيء تستطيع أن تحكم به على حيوية الأمة وعبقريتها وسلامة مسيرتها.. ذلك المعيار هو إحترامها للوقت وإدراكها لقيمته.. فالأمم الحية هي في سباق لا يهدأ أو يتوقف مع الزمن.. ولكل يوم لا بل لكل ساعة ودقيقة موضع في حساباتها وهي تدرك أنها في تنافس مع الأمم الأخرى لتأكيد تفوقها وضمان جلوسها على القمة.... وعلى العكس من هذه الصورة المشرقة.. صورة أخرى مقابلة لأمم ابتليت بالكسل.. وضمور الطموح.. وخفوت الهمة لا تحسب للزمن حساباً.. ولا تراه شاهداً لها أو عليها.. والوقت عندها يمر هدراً وهي لا ترى في ذلك ضيراً أو نقيصة...

من المؤسف حقاً أن تتراجع قيمة الزمن في حياتنا.. وأن تهدر من حساباتنا.. فتمر السنون تلو السنين دون أن نأبه لذلك.. وتضيع الفرصة بعد الفرصة دون أن نحرك ساكناً فيما ننظر للحياة على أنها منجم للفرص لا ينضب وهو وهم خطير قد تفيق على خطئه الأمم بعد أن تكتشف بأنها قد أضاعت الكثير مما لم يعد بالإمكان تعويضه.. نظرة واحدة إلى حال الدولة العراقية اليوم نجد أنها دخلت مرحلة ( إنعدام الوزن ) بسبب قرب الإستحقاق الإنتخابي القادم وإستعداد الجميع للوفاء بهذا الإستحقاق.... يحدث هذا في وقت أصبحت فيه الدولة بأشد الحاجة للقرار.. والقرار الحاسم خصوصاً في مسائل الإقتصاد وبناء الدولة... قبل ذلك كان لدينا إنتخابات مجالس المحافظات وحدث الكثير من ضياع الوقت حتى إستقرت المجالس الجديدة... وقبل هذا وذاك تعثرت قرارات وضاعت قوانين في متاهات الزمن وحمى التجاذبات السياسية.. تعطل قانون النفط والغاز لمدة ثلاثة أعوام فيما القطاع النفطي بأمس الحاجة له من اجل أن نبدأ العمل في تطوير هذا القطاع الذي يشكل المفتاح للإقتصاد العراقي والمنطلق الطبيعي له... وغاب قانون الموارد المالية الذي كان سيشكل أساساً حقيقياً للحكم المحلي في العراق ويحدد آفاقه وحدوده... تلك الآفاق والحدود التي هي اليوم غامضة ومتداخلة وبسبب ذلك يدفع البلد كله وعملية التنمية فيه اثماناً باهظة.. وقس على ذلك الكثير.. والكثير من القوانين الهامة والقرارات الحاسمة... غاب الوضوح.. والحسم عن حياتنا وباتت الدولة ومعها المواطن تعيش في مساحة ضبابية تاه فيها الطريق واضطربت البوصلة وكانت نتيجة ذلك كله.. خسارة للوقت.. وإهدار للفرصة... وزيادة في المعاناة.

في كل عام تتكرر حكاية تأخير الميزانية بضعة أشهر... ثم يلي ذلك تأخر في إطلاق الأموال.. وينقضي العام ويطالب المسؤول وزيراً كان أم محافظاً بأن يقدم سجل إنجازاته في ذلك العام فيضطر للإسراع بأنفاق الأموال على غير هدى.. وبلا منهجية سليمة.. وتكون الحصيلة مزيداً من الإهدار.. والخسارة.. وضياع الفرص... في بلد كالعراق... نزف الكثير من موارده.. وتفاقمت معاناة مواطنه.. ينبغي أن نسابق الزمن بالفعل وأن يتحول وطننا إلى ورشة عمل لا تهدأ... ولكننا ومع الأسف نجد حالة من الإسترخاء.. وإسقاطاً لقيمة الزمن.. وقناعة خاطئة بأن كل الخسائر يمكن تعويضها.. وكل الهدم يمكن ترميمه.. وقد يكون ذلك صحيحاً والسؤال هنا.. كم من المال والزمن سوف نخسره للتعويض والترميم والإصلاح...؟قد تكون فاتورة ذلك باهظة وقد تدفع الاجيال القادمة أثمانها دون أن يكون لها ذنب أو جريرة في وقوع ذلك...

مهمتنا في إعادة الإعتبار لـ ( قيمة الزمن ) في المجتمع العراقي كقيمة تنموية.. وإنتاجية ليست بالمهمة السهلة.. فأصلاح القيم عملية شاقة ولكن لم يعد لنا خيار في ذلك في مجتمعنا اليوم بعد أن أهتزت المنظومة القيمية وأضطربت إضطراباً شديداً بعد نيسان 2003... الدولة تستطيع أن تضرب المثل وأن تقود المجتمع في هذا الإتجاه من خلال ( رد الإعتبار ) للزمن في قراراتها.. ومواقفها.. وسياساتها ومن خلال نبذها سياسة التأجيل... والإرجاء... والإبطاء..العراق اليوم لم يعد عنده من الوقت ما يضيعه وإذا كانت هناك عملية سياسية لابد فيها من التجاذبات.. والتنافسات.. والصراعات فلنعزل عملية البناء عن ذلك كله.. ولتمض التنمية في طريقها دون أن ترتهن للسياسة والسياسيين.. أما الإنتظار حتى تحسم الأمور في ساحة السياسة فقد يطول.. ويطول.. فيما المجتمع والمواطن ما عاد يتحمل الإنتظار بعد أن تفاقمت معاناته وبلغت حدوداً لا تطاق.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
زيــــــد مغير
2009-09-13
خرجت المـــانيا من الحرب العالمية الثانية عام 1945 وليس عندها معمل براغي , وبعد خمسة سنوات صدرت المــــانيا سيارات مرسيدس لكل العالم ...اليابانيون كذلك بعد الحرب العالمية الثانية لم تكن لديهم الآليات لرفع الأنقاض التي خلفتهــا الحرب ..فكان ظهور الرجال هي الوسيلة لتنظيف الشوارع من أنقاض الحرب ..الكل شاهد في التلفزيون حينما سقط جرذ العوجة ...والله نتأسف ونحن فينا نبي الله الكريم الذي يدعو الى الفضيلة ونكران الذات ..لو أردت أحصي لكم ما عانى العراق من شعبه لكرهني موقع براثا من طول الكتابة .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك