المقالات

"تجديد" وخيار دولة القانون


أحمد عبد الأمير

في غمرة تحضيرات الكتل السياسية، الجارية على قدم وساق، لخوض الانتخابات البرلمانية العراقية المقرر إجراؤها في 16 كانون الثاني من العام المقبل، والحديث عن تحالفات مستقبلية من شأنها تغيير الخارطة السياسية في البرلمان القادم، وما رافق ذلك من تنوع للقوائم الانتخابية لتتيح للناخب اختيار ما يراه الأفضل منها، أعلن نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي قائمته الانتخابية التي أطلق عليها اسم "تجديد" ليخوض الانتخابات المقبلة بعيدا عن الحزب الإسلامي، الذي شغل منصب الأمين العام فيه لأعوام عدة، إلا أنه أكد تنحيه عنه منذ أيار الماضي، مبتعدا عما وصفها بـ "التخندقات الطائفية والعرقية".

الجديد في الأمر أن الهاشمي، و خلال كلمة ألقاها في مؤتمر للإعلان عن التشكيل الجديد، حضره أكثر من 1500 شخصية سياسية وعشائرية فضلا عن ممثلين عن أحزاب ومكونات عراقية أعلنت انضمامها له، قال إن "الفكرة الجوهرية لمشروع (تجديد) هي فك ارتباطنا النهائي بنموذج دولة المكونات وتكوين دولة مواطنة تجمع كل من يحمل جنسية عراقية، فهي معيار المواطنة، ويجب استعادة التماسك الاجتماعي، ونقضي على المحاصصة الطائفية والعرقية". وأشار الهاشمي إلى أن قائمته الجديدة "جاءت استجابة لحاجة إستراتيجية وطنية تتمثل في إخراج العراق من المأزق التاريخي عندما تبنى نظرية دولة المكونات التي شطبت المواطنة وضربت التماسك الاجتماعي وكرست الطائفية والعرقية على حساب قيم المواطنة... وتنكرت لوحدة الكيان الوطني العراقي وحفزت الآخرين على استباحة حرماته وأمنه وسيادته"، وهو بهذا القول يكون قد عكس خلاصة تجربته السياسية في هذا الشأن والتي لخصها بفشل مشروع المكونات ونجاح مشروع المواطنة الحقيقة، نافيا أن يكون مشروعه هذا شكليا أو دعائيا، أو اقتباسا من أحد، أو تكرار لأفكار سابقة.

قد يرى البعض أن رئيس الوزراء نوري المالكي سبق نائب الرئيس الهاشمي بهذا الطرح بشكله العملي لا النظري، فقد تبنى المالكي المشروع الوطني وابتعد عن التخندق الطائفي واثبت ذلك في الحملات العسكرية التي شنها ضد الخارجين عن القانون في البصرة وبغداد وديالى ونينوى، ومن خلال خوضه انتخابات مجالس المحافظات بقائمة لم تتضمن الأحزاب الشيعية الرئيسة المكونة للقائمة البرلمانية التي ينتمي إليها المالكي، وإصراره، حتى ساعة كتابة المقال، على عدم الانضواء تحت قائمة الائتلاف الوطني العراقي لهو خير دليل على توجهات المالكي التي تتخطى الطائفة والعرق على ما يبدو.

كما يجب ألا ننسى أن الهاشمي، بدوره، قد تبنى، على سبيل المثال، من قبل مشروع المصاهرة الوطنية التي يقوم على أساس تشجيع الشباب على الزواج من غير الطائفة التي ينتمون إليها، فضلا عن دوره البارز في زيادة نسبة إطلاق المياه لدى الجانب التركي لتروي بساتين جنوب العراق الذي ينتمي معظم سكانه إلى غير طائفة الهاشمي. ووفقا لذلك، قد لا يجد الهاشمي شخصية أو تكتلا انتخابيا أقرب إليه من المالكي فيما لو قرر التحالف مع كتل وأحزاب أخرى لخوض الانتخابات المقبلة، فكلاهما يتجهان صوب الخيار الوطني، وكلاهما نبذا التخندقات الطائفية وعبرا عن هذا مرارا ومن خلال تصديهما لمنصبيهما الحكوميين. إن تشابه التوجهات التي يقول بها الرجلان هي ظاهرة صحية وعلى الجميع دعمهما ومساندتهما، كما ان على الكتل والأحزاب السياسية أن تحذو حذوهما في هذا الشأن لتخليص البلاد من المحاصصة الطائفية والعرقية المقيتة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
علي البدري
2009-09-21
انا اتفق مع الكاتب بأن المالكي رجل يستحق الاحترام لكل ما فعله من تحقيق الامن في عموم ارجاء العراق وادعم وجهة نظره بما يخص التحالف بين المالكي والهاشمي انه مقال هادف واتمنى ان يأخذ على محمل الجد من قبل السياسيين ويتحقق التحالف المرتقب بين اكبر الطائفتين في العراق
نور
2009-09-21
انه مقال جيدمن حيث الطرح والتعبير ولنكون بعيدين عن التعصب والتحسس من الاسماء والشخصيات انه لمن الجيد بل الرائع لو تتحالف كل القوى السياسية الموجودة على الساحة العراقية ولاتوجد هناك قوى غير متحالفة او تدخل في ما يسمى المعارضة لان النتيجة عندها هو المفخخات وزهق الدم العراقي.ليت وجهة نظر الكاتب تتحقق و يتفقوا هذه المرة على حب العراق وحقن دماء ابنائه انا اعتبر هذا المقال بمثابة دعوة لكل الساسة ليفعلو ا ما يقولوا ولا يقولوا ما لايفعلون
عامر العزاوي
2009-09-15
مقال اكثر من رائع اراد من خلاله الكاتب ان يعبر عن نبذ الطائفيه المقيته التى دمرت العراق لفتره ليست بالقصيره ليؤكد ومن خلال مقاله هذا ان العراق واحد لم يتجزأ وان الشعب العراقي اصبح أكثر وعيا من ذي قبل فمبروك لك على هذا المقال وادعوا جميع الكتاب الشرفاء ان يحذوا حذوا هذا الكاتب وليوضحوا للعالم بان العراق واحد لايتجزء ويحتوي على جميع الاطياف السني والشيعي والكردي والمسيحي كلنا عراقيون ونعيش متحابين تحت خيمه حبيبنا العراق الذي هو تاج فوق رأس كل عراقي شريف
عراقي هج من البعثيه وظلام اليوم
2009-09-14
هذا الكلام هراء ومحض للحقيقه الدعي الهاشمي رجل ارهابي وطائفي من الطراز الاول ولايحتاج الى دليل عمت عينه المايشوف الحقيقه والمالكي يتفق كما تقول معه في نبذ الطائفيه والتوجه هذا ايظا محط تعجب المالكي يدعي القانون وهذا لايتفق مع الارهاب والمالكي مستأثر بكل مفاصل الدوله ولحسابه وحساب حزبه ولايشارك الجميع ويقصي الغير ويتنكر للمعروف وهذا واضح وجلي للعيان وهل اتفقوا بتعطيل القانون والاخر دولة القانون الجانبان كل عليه مؤشرات سلبيه وكبيره الا اللهم ان السلبيات تجمعهم وتوحدهم فهذا معقول
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك