( بقلم: عبد الكريم الجيزاني )
مفردة العشائر العراقية تعتبر من أهم مفردات المجتمع المدني وعليها يقع العبء الكبير في حماية الوطن والمواطن، لذلك حازت على شرف وتقدير مراجع الدين الكبار والقيادات السياسية وعموم أبناء الشعب العراقي، وهذه الشريحة بشيوخها ووجهائها كانت ولا زالت محط أنظار السلطات الحاكمة لما تمتاز به من ثقل وتأثير كبير بين ابنائها، لكنها تعرضت كباقي شرائح الشعب العراقي الى التنكيل والاذلال والبطش من قبل النظام الدكتاتوري البائد، اذ كان يحاول هذا النظام الفاشي الضغط عليها لاستمالتها اليه وكسب تأييدها له، إلا انها وقفت مواقف مشرفة في التصدي لسياسات النظام الحمقاء وخاصة ما كان يتعلق بالحروب الخارجية والداخلية على حد سواء.
ليس بدعاً من القول عند ما نقول ان ما تمتاز به العشائر العراقية في منطقتنا العربية والاسلامية هي تركيبة الشعب العراقي العشائرية وهذا ما جعلها صاحبة تأثير وفعل مباشر في الحياة السياسية والدينية والاجتماعية، وصار ينظر اليها على اساس أنها صمام الامان لحماية الوطن والمواطن من العابثين بالامن العام. من هنا نرى ان الدور الذي لابد لها أن تنهض به وتؤديه في هذه المرحلة الهامة من تأريخ العراق الجديد هو الدعم المطلوب في مكافحة الارهاب والتصدي الجاد للتكفيريين والصداميين المجرمين الذين اعانوا النظام البائد على تهميش دورها واستبعادها عن الحياة السياسية والاجتماعية وتحجيم قدراتها وإمكاناتها في حفظ التوازن العرقي والمذهبي والحفاظ على الوحدة الوطنية وترسيخ وتجذير حب الوطن والدفاع عنه وعن الدين والمعتقدات الاسلامية الاصيلة.
لقد كانت ولا زالت عشائرنا الغيورة تمثل سور الحصين الذي يحافظ على مبادئ الاسلام الاصيل كما وصفها السيد شهيد المحراب(رض)في لقائه مع مجموعة من رؤساء ووجهاء العشائر قبل سنوات، مخاطباً اياهم بأخذ دورهم الفعال في الحياة السياسية والدينية والاجتماعية وإن هذا الحق-حسب قول سماحته-يؤخذ ولا يعطى، ولعل من مصاديق هذا الدور الذي تميزت به هو وقوف أبنائها الغيارى مع قطاعات الشعب العراقي الذي فجر انتفاضة الخامس عشر من شعبان المجيدة عام 1991 وقبلها كان لدورهم البارز ووقوفهم خلف علماء الدين في ثورة العشرين التي تصدت للاحتلال الانكليزي إبان الحرب الكونية الاولى الاثر الكبير في تعطيل الماكنة العسكرية البريطانية.
اليوم وبعد مرور اكثر من ثلاث سنوات على سقوط النظام البائد الذي عمل جاهداً على تغييب دورها ومحاولاً ابعادها عن مسرح الحياة السياسية والاجتماعية والدينية نراها وفي ظل التحول الديمقراطي وبناء الدولة الجديدة ممثلة في مجلس النواب لتأخذ دورها الريادي في المساهمة الفعالة في انجاح العملية السياسية والتغيير الشامل وبناء العراق الجديد الذي يشترك فيه الجميع فاصبحت تشكل حجر الزاوية في انجاح الحوار والمصالحة الوطنية والقضاء على الارهاب بكل اشكاله.
ولعل مواثيق الشرف التي وقعها رؤساء ووجهاء عشائر العراق للدفاع عن أمن المواطنين وطرد الزمر الضالة الارهابية من مناطقهم وحماية البنى التحتية لهي من الثوابت التي لا يمكن لاحد أن يزايد عليها، لكن المهم هو الحفاظ على هذه المواثيق والعمل بها لينعم العراقيون بأمنهم وأمانهم.
https://telegram.me/buratha