( بقلم: د . أحمد البغدادي )
بعض العرب يتحدثون عن الفاشية الإسرائيلية ويتناسون عن عمد فاشية الحكم السوداني أيام الترابي والتي لا تزال سارية في دارفور, كما يتجاهلون عن عمد نازية صدام حسين في الشعبين العراقي والكويتي ، ولم يحدث أن أشاروا مجرد إشارة عن فاشية ونازية الزرقاوي,يخطئ من يعتقد أن الرئيس الأميركي يلقي الكلام على عواهنه في تصريحاته الرسمية, كما هو الحال عندنا. فحين صرح بعد "غزوة منهاتن", كما يسميها الإرهابيون من المسلمين, بمصطلح "الحملة الصليبية" لم يكن مخطئا, فما نشاهده الآن حملة صليبية بكل معنى الكلمة, وهي متوافقة مع مصطلح " الغزو" الإسلامي لبلاد الكفر, الذي ينادي به الإرهابيون.
وحين صرح اخيرا بمصطلح "الفاشيين الإسلاميين" فلم يكن مخطئا في وصفه للطغمة الإرهابية التي تستبيح دم الآخرين بمبررات دينية مستمدة من النص الديني وفقا لتأويلات ابن تيمية وغيره من فقهاء الدم والتكفير, الذين يستبيحون حتى دم المسلمين المخالفين لهم في فهم النص الديني, وما يحدث في العراق خير دليل على ذلك, والذين قاموا بتصوير عمليات ذبح رهائنهم لإرهاب الآخرين. فالذين يؤيدون الزرقاوي فاشيون بل ونازيون أيضا, وكذلك من يصدر الفتاوى المؤيدة لمثل هذه العمليات الإرهابية.
هتلر وموسوليني خير مثالين للنازية والفاشية, وهما يشتركان في تبني القومية المتطرفة, التي تبناها الزعيم الفلسطيني الحسيني في بداية الصراع العربي- الإسرائيلي. بل بلغ التأثير النازي على المشرق العربي ان لم تتم إدانته رغم المجازر التي ارتكبها بحق اليهود وغير المنتمين للعرق الآري.
من هو الفاشي أو النازي? بعيدا عن التوصيف الأكاديمي المستمد من كتاب "كفاحي" لهتلر, هو ذلك المؤمن بتفوق وعلو فكره أو جنس معين فوق كل الأمم والشعوب والعقائد. هو ذلك الرافض للديمقراطية والمساواة بين البشر, هو ذلك المؤمن بفكره الخاص على أنه الحقيقة المطلقة التي لا حقيقة غيرها. هو ذلك الفرد الذي يرفض حتى التزاوج مع الآخر حتى لا يتدنس نسله بالأعراق الأخرى, هو ذلك الرافض للتعايش السلمي بين الناس والداعي لقتالهم وأولئك الذين يرهبون المثقفين ويهددونهم بالقتل.
ما الفرق بين ما قام به هتلر من إحراق الكتب علنا والجماعات الدينية التي تمنع الكتب الفكرية في معارض الكتب? الفرق في الدرجة لا في الجوهر. ولننظر الآن, على من تنطبق هذه المواصفات? إنها تنطبق بكل بساطة على كل من يؤيد فكر أسامة بن لادن والظواهري والذين قاموا ب"غزوة منهاتن", والذين يقومون بقتل المسلمين في العراق, والتفجيرات في الكويت والسعودية ومصر وبريطانيا ومدريد والذين يخططون لقتل المزيد من الأبرياء باسم الدين سواء كانوا مسلمين أم يهودا أم هندوسا أم غيرهم. وحيث ان تصريحات الرئيس الأميركي تأتي في خضم الأحداث الدموية التي يقوم بها مسلمون آمنوا بكل إصرار بضرورة قتل الآخرين لأنهم كفار أو مؤيدون للكفار, فان مصطلح الفاشية ينصرف إلى الإسلاميين الدمويين.
ماذا نسمي الداعي إلى استئصال البهائية من مصر غير كونه فاشيا ? ماذا نسمي من يدعو إلى قتل الشيعة في العراق غير كونه فاشيا? ماذا نسمي من يمنع الآخرين من التبشير بدينهم أو منعهم من التعبد بدينهم بسلام غير كونه فاشيا, ماذا نسمي الذي يهدد بقتل المثقفين غير كونه فاشيا. ماذا نسمي من يرفض العمليات الإرهابية التي يقوم بها مسلمون في أوروبا وينسبها إلى الصهيونية والموساد? كل من يقوم بهذه الأعمال الإرهابية فاشي, بل ونازي أيضا, من دون أن نتلاعب بالألفاظ ذات المساحيق اللفظية الكاذبة.
من سوء حظ المسلمين اليوم أن أكثر الذين يقومون بالأعمال الإرهابية في جميع بقاع العالم هم من المنتمين إلى هذا الدين المظلوم من أهله بسبب استخدامهم المتشدد لآيات السيف, ثم بعد كل هذه المساوئ تلومون الرئيس الأميركي لدقة وصفه لهؤلاء الإرهابيين? لماذا لم يستخدم هذا المصطلح قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية? لقد كان المسلمون, ولا يزالون ينعمون بالحرية والكرامة في بلاد الكفر كما يصفونها, بل ولا يزالون يشتمونها وهم يعيشون فيها بلا حياء ولا كرامة. و لا يحتاج الأمر كثيرا من الذكاء, كل ما هو مطلوب قراءة كتاب هتلر "كفاحي", ثم مقارنة فكر هتلر مع هذه الفئة المارقة من الإنسانية, مع شيء من الإنصاف والعقلانية في الفهم, ستجدون بعد قراءة هذا الكتاب أن الوصف لم يكن بعيدا عن الواقع الذي يعيشه العالم اليوم المرتهن للإرهاب الذي يقوم به ابن لادن وأذنابه من الإرهابيين.
بعض العرب يتحدثون عن الفاشية الإسرائيلية, ويتناسون عن عمد فاشية الحكم السوداني أيام الترابي والتي لا تزال سارية في دارفور, كما يتجاهلون عن عمد نازية صدام حسين في الشعبين العراقي والكويتي, ولم يحدث أن أشاروا مجرد إشارة عن فاشية ونازية الزرقاوي, أو الدور الفاشي للجماعات الدينية التي شردت البروفسور نصر حامد أبو زيد عن وطنه, واغتالت المرحوم د. فرج فودة الذي يعاني ابنه اليوم ضنك الحياة . وبعد كل هذه الفاشية يتحدثون عن أعمالهم الخيرية!السياسة الكويتية
https://telegram.me/buratha