المقالات

فكر التفخيخ وتفخيخ الفكر


محمد رضا عباس الموسوي

تسارعت الاحداث بعد سقوط الصنم الى حد يكاد يقطع الانفاس وبدأت التغيرات السياسية المفاجئة على هذا البلد -المستقر- سياسيا واعني بالاستقرار الجمود السلبي لا الاستقرار الايجابي، فهذا الشعب لم يعرف منذ عقود معاني الكثير من المفردات السياسية البديهية فلا أحزاب ولا تجمعات ولا ائتلافات ولا كتل سياسية لينفجر الوضع الى حد اصبحت فيه المصطلحات السياسية الاكثر تعقيدا هي القوت اليومي لهذا الشعب -الفتي سياسيا- ثم جاء الفكر التفجيري التفخيخي الدموي ليخلق جوا جديدا مشحونا بالخوف والحزن واللا استقرار الى حد جعل ابناء هذا الشعب يفضلون حمى الأمس على عافية اليوم.. وهنا بدأ حاملو راية تفخيخ الفكر ينسلون من كل حدب وصوب مستندين على الايديولوجية القهرية التي حكمت العقول والاجساد طيلة العقود الأربعة المنصرمة...

واذا ما اردنا ان نمعن النظر في شريط الاحداث المتسارعة في العراق بعد العام 2003 كان علينا أن نبطئ آلة العرض لتصف لنا الاحداث بهدوء وتمعن حتى نتمكن من رصد ضربات الفرشاة الرشيقة لفناني البعث المنحل بالألوان الامريكية ذات الطابع الباهت ذي التأثير القوي.. فقد أصرت أمريكا منذ البداية على تأخير تشكيل الحكومة في العراق الى وقت اصبح فيه من الصعب على السياسيين القادمين من الخارج -رغم اختلاف ايديولوجياتهم- ان يتفهموا طبيعة الوضع الداخلي لهذا البلد ومن المستحيل على السياسيين المبتدئين الذين بدؤوا للتو يتعلمون ابجديات السياسة ممارسة التغيير بحسب فهمهم لهذا الشعب من الداخل ثم جاء العام 2004 ليضع الفلسفة البعثية القديمة بإطار جديد وقد بدأت أولى طلائع هذه الفلسفة على طريق اللطيفية ... تلك الارض التي شهدت اولى عمليات التصفيات السياسية الدموية المتسربلة برداء الطائفية ... ومن العجيب أن الكثيرين نسوا هذا الموعد وحددوا موعد تفجير القبة في سامراء موعدا لإشارة البدء لاغين حقبة كان يمكن أن يؤدي تحليلها الى معرفة الكثير من ملابسات هذا الموضوع الشائك.

ثم بدأ الفكر التفخيخي يحاول زرع عدم الثقة بالحكومات الفتية قصيرة العمر التي تعمدت أمريكا بشكل لا فت للانتباه الى تشتيتها بغية تسقيط قيادات ووجوه المعارضة العراقية القادمة من الخارج والتي اطلق عليها البعثيون الجدد اسم القادمين على الدبابات.. من هنا بدأ التسقيط الجماعي للسياسيين ذوي الخبرة السياسية والفكر المنفتح على الخارج وقد كان من المفترض أن يقوم هؤلاء -الخونة- على حد تعبير البعثيين - بعملية بناء العراق الجديد على أصوات العجلات المفخخة والاغتيالات المنظمة وسياسات التهميش التي عاملها بها أحباب البعث المنحل في دول الجوار.. وشيئا فشيئا عاد البعث ليظهر على وجه البسيطة من جديد متمثلا بوسائل الاعلام الجديدة التي اتخذت اسماءا لم تكن بالغريبة على مسامع العراقيين من قبل واصبح السياسيون العراقيون الجدد مع اختلافهم وضعفهم الناجم عن قلة الخبرة على الساحة في مواجهة صعبة مع الارادة الامريكية من جهة ومع الاعلام الصدامي من جهة والاعلام العربي من جهة ثالثة ومع البنا التحتية المحطمة لهذا البلد من جهة رابعة ومع اختلافاتهم الايديولوجية ومصالح احزابهم وتياراتهم من جهة خامسة.. وقد زاد الطين بلة أن البعثيين تمكنوا من الوصول الى داخل الحكومات الجديدة وبدأوا يقوضون البناء من الداخل فبين الحين والآخر يهرب سياسي مكشوف الى خارج العراق لينضم الى الجبهة البعثية المتنامية في دول الجوار وبين الحين والآخر يكشف النقاب عن سياسي مخرب من داخل الحكومة فيختفي بقدرة قادر من ارض العراق ليظهر بعد ايام او شهور معلنا -نزاهته- على فضائيات البعث او الفضائيات العربية وبشكل مقزز يذكرنا بأساليب وزير الاعلام السابق في عرض الاكاذيب.

وهنا لابد لنا أن نوقف الشريط على الحادث المروعة ليوم الاربعاء الدامي وما تبعه من تبريرات وتفخيخات فكرية صورت الضحية وهي تحمل المسدس وصورت المجرم بصورة الحمل الوديع. والعجيب العجيب أن صحاف اليوم أصبح ابرع من صحاف الامس في امتهان الكذب والضحك على الذقون اذ انه اراد ان يقنع الرأي العام وبشكل يبعث على السخرية بأن الحكومة العراقية - المتضرر الأول من الحدث - هي من كان وراء هذه العمليات الدامية لا البعث المتمرس بمثل هذه الاعمال وهنا نسأل أيهم اقرب للصورة : الحكومة الحالية التي عملت بكل ما اوتيت من قوة على نزع فتيل المفخخات أم أبطال عمليات حلبجة وفندق السلام في النجف وغيرها من مجازر ومن هو المستفيد هل هي الحكومة التي بدأت تحصد ثمار نجاحاتها منذ انتخابات مجالس المحافظات ام أصحاب الفكر التفخيخي الذين صدموا بإنجازات أذن الله لها أن تنبت في أرض العراق؟؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك