( بقلم: المهندسة بغداد )
ما ان يجد الإنسان العراقي وقت فراغ حتى تجده يتجه للتلفاز لمعرفة أخبار اليوم وما يحصل في بلده سواء كان داخل البلد أو مغتربا وكثيرا ما نجد المواطن العراقي غاضبا بعد نشرة الأخبار أو عند مشاهدته لأي برنامج يتحدث عن خدمات بلده أو أوضاعه أو حتى البرامج الترفيهية!!
وإذا ما استفسرت عن حقيقة غضبه فانك ستعرف إن غضبه نبع أما عن تأسف على ما يجري في العراقي أو استغراب وعجب من سرعة الانجرار الى الوراء أو مقارنة مع باقي البلدان تجره الى الإحساس بالأسى والحق مع المواطن فالوطن عزيز والكل يطمح أن يكون بأبهى حلة خاصة وان كانت لديه كل مقومات النجاح ورغم هذا فهو يعاني . وحيث إني مواطنة كباقي المواطنين اجلس من منزلي أتفرج على بلدي من خلال نافذة غرفتي التي لأرى من خلالها إلا المولدة الضخمة كئيبة المنظر التي تغذي المنطقة بالكهرباء مشكورة!!!
وإذا ما فكرت بالنظر الى السماء فأرى إن سمائي مخططة وأتدارك صدمتي بتعليل سبب تخطط السماء وليس زرقتها!! بان خطوطها ما هي إلا خطوط الكهرباء الموزعة من ذات المولدة فأغلق الستارة لأجلس أمام جهاز الكمبيوتر أملة أن تتصدق علي شركة الاتصالات ببث قوي يمكنني من دخول الانترنيت العالم الذي بدا الوسيلة الوحيدة للاتصال بالعالم الحي فإذا ما حالفني الحظ وحصلت المعجزة ودخلت أجد نفسي ابحث عن كل شيء يخص العراق !!! رغم إني هاربة توا من مشاكله بدخول الانترنيت ساعة يوميا ليس أكثر!! حقيقة عجزت عن معرفة سبب لهذا الداء الذي اثبتتلي التجربة إن جميع العراقيين مصابون به فترى المغتربين منكبين في مواقع لا يتكلمون خلالها سوى عن العراق .
يبدو إننا لا نستطيع أن نعيش ساعات قليلة بعيدا عن هموم هذا البلد وهموم مذهب صار في خطر دائم. وإذا ما هدمت أحلامي شركة الاتصالات فلا أجد منفذا سوى التلفاز الذي لا أحبه أبدا فهو سبب رئيسي لارتفاع ضغط الدم!! وهنا تحديدا أريد أن القي الضوء عن السبب الحقيقي في هذا حقيقة صدمتي مما أشاهده في التلفاز لم يكن يوما من هول الأخبار أو من فضاعة الأوضاع من كم القتلى الذي ألفنا ازدياد إعداده !! ولا من بساطة الإمكانيات الفنية للقنوات التي أتابعها حيث إنني أتكلم عن القنوات الأرضية الخاصة بالعراق والتي بعضها ألان أصبح فضائيات ولا اعرف استنادا على ماذا ؟ !!! جل صدمتي وارتعابي هو كم الجهل المحدق للشاب العراقي المتعلم !!!! نعم للأسف أقولها نعاني من أزمة ثقافة في وسطنا نحن الشباب وطبعا الأسباب معروفة ولا مجال لذكرها ألان ورغم أن صدام والبعث هو كل سبب انتكاسة بالعراق لكن من باب المصداقية مع الذات نلوم الشاب العراقي فهل لاحظت عزيزي المشاهد الى مقدمي البرامج والكوارث الحاصلة أثناء البث فبعيدا من نصب الفاعل ورفع المفعول به ترى تكرارا رهيبا لكلمات معينة مثل ( إذن وطيب ) وعدم فهم الموضوع الذي تطرحه المقدمة للنقاش أساسا وحقيقة أتألم عندما ترتبك أيما ارتباك لو وجدت ضمن أوراقها اسم دولة أجنبية أو مصطلح انكليزي يكاد يغمى عليها من الفزع !!! ونتكلم عن أناس هم خريجين جامعات بمعنى متعلمين وان لم يكونوا مثقفين كان الأجدر إن ينقذهم علمهم الذي خان بهم لضعفه.
وبالانتقال الى المواطن البسيط الذي يلتقون به في الشوارع فحدث ولا حرج من مواطن بهنيء بمناسبة أربعينية الإمام الحسين !!! الى متصلة بقناة دينية يسألونها عن ولادة الإمام الحسين لتخبرهم بكل فخر من أنها كانت في السنة الثالثة قبل الميلاد نعم قبل الميلاد .حقيقة مأساة كبيرة وكبيرة جدا لكنها شئنا أم أبينا هي حقيقة لا يمكن أن تكون مصادفة فالشارع العراقي والشاب العراقي اليوم في خطر كونه عديم المضمون ينهي الدراسة الإعدادية ملتحقا بجامعة وليس في ثنايا ذاكرته اسم لكتاب خارجي مهما كان ديني أو سياسي رغم انتشار الكتب خاصة في الوقت الحاضر وأود الإشارة هنا الى حجم التعاون المشترك مع الدولة الجارة إيران من خلال مؤسسة اسمها مؤسسة بلاغ فما إن يقع عيني على كتاب إلا ويكون من منشوراتها كتب قيمة وبأسعار زهيدة جدا ناهيك عن كتب شارع المتنبي وما يحوي .
لكن المشكلة اكبر من أن نوجه الشباب نحو الكتاب بعد ان عملت إحصائية عشوائية بسيطة وأنا داخل قاعة المحاضرات في الجامعة قبل سنوات قليلة فلقد سالت دفعة متخرجين وكان عددنا 80 شخص هل يقرئون كتب خارجية أم لا ؟ فعدد من أجاب بنعم لم يتجاوز ال8او 10 واترك لكم تقدير المأساة أما ألان فالمصيبة أعظم فالشاب ألان قد شده التلفاز الى حيث لا رجعة خاصة بمقدم سرطان التكنولوجيا جهاز الستلايت الذي يحلو لنا كثيرا أن نكذب على أنفسنا بإخبارها إن فيه المفيد والسيئ لكن بالله عليكم كم هو حجم الفائدة إن تجاوزت ال 20 % فنحن بخير !!!! .
وبعد عرض المشكلة لابد من حلول سريعة لأننا لا نريد أن نخسر الشاب العراقي بجبهة ثانية فكفاه ما يراه من مفخخات وموت ورعب وربما تكون هذه الأشياء أهون من أن يشيب وهو عديم المضمون وللأسف الشاب العراقي يخشى الالتزام وكأنه وصمة عار تلتصق بشهادته الجملية التي يحصل عليها من جامعة الدنيا فلا يصعب عليك ملاحظة التعالي الفارغ للشريحة المتعلمة على قيم دينها فتراه يخجل جدا من ما يظهر في التلفاز من إحياء شعائر الدين خاصة ما يخص المواكب الحسينية ويقول بصوت حزين (اختزينة كدام العالم) كان الأجدر بك أن تختزي بما تعرضه الفضائيات الخليجية للاتي يحملن الجنسية العراقية !!!!
ولربما لمثل هكذا موضوع تتطلب سلسة من المقالات لكي تعطيه حقه لكنني باختصار أود أن أقول بان عدد القنوات ألان جيد لكن مضمونها بحاجة الى صقل وإعداد جيد فللذين يودون أن يخدموا بلدهم من شريحة الأغنياء ربما كان هذا باب جيد لهم فالإمكانيات المادية ضرورية للتقدم ومن جهة أخرى نتمنى من القنوات فتح المجال لمن لديه القدرة لا أن تتحكم بنوع شهادة أو تخصص أقول للقنوات لا تتقوقعي استعيني بالطبيب بالمهندس بالمتكلم وبالواعي وان كان غير متعلم استعيني بصاحب القدرة وبالنسبة للقنوات الدينية استعينوا برجال دين للإدارة والتوجيه ولا تسمحوا لمن هو دون المستوى ان يتصل ويسيء بجهله لدينه الى المذهب وهذه ليست دكتاتورية بالعكس تماما فالفرصة تعطى لمن يستحقها .
واختم مقالي متوجهة بالكلام الى شريحة انتمي إليها شريحة الشباب والشابات ثقلنا اليوم كبير ومسؤوليتنا اكبر لا للتعالي فالحصول على شهادة ما هو إلا بداية ومدرسة الحياة مليئة ولنتجه جميعا للثقافة التي حرمنا منها ألا وهي الثقافة الدينية وهي سبب رفعة كل إنسان ناجح ولم تكن يوما في تضاد مع الشهادات فأي شهادة تقارنها أخي الشاب مع شهادة تحصل عليها من مدرسة علي ابن أبي طالب ع أزمتنا يا أخوتي أزمة ثقة بالنفس وبالمذهب الذي ننتمي إليه للأسف لو تمكنا من فرز حجم الثقة بالمذهب من أناس كثيرين اذكر على سبيل المثال الشيخ المهاجر ثروة علمية هائلة ومعلومات كبيرة يجعلها خضيعة للدين والمذهب وأداة طيعة لمذهبنا الحيف فبارك الله لنا في هكذا أناس وأتمنى أن ننتصر جميعا على شر أنفسنا ونجعل من أروحنا وعلمنا وأسرنا مشروع فداء للمذهب لبناء مجتمع جديد فالأمر من اجلنا نحن قبل كل شيء ولإمام زماننا الذي نرجو ظهوره لنكون من أنصاره ولطالما كررنا هذه الجملة لكن بدون التفكر ولو مرة واحدة في كيفية ذلك والتمهيد له نسال الله الهداية والتوفيق لنا جميعا وان يحفظ مذهبنا ووطنا من الإخطار المحدقة فيه انه سميع الدعاء أختكم المهندسة بغداد
https://telegram.me/buratha