المقالات

البحث عن رمز وطني


عدنان شيرخان

ثمة من يعتقد ان غياب رمز وطني سياسي يتفق بشأنه العراقيون ويقبلوه بجميع مكوناتهم هو احد اهم الاسباب التي تقف وراء تعثر العملية السياسية وعدم استطاعتها التقدم الى الامام بثبات. ربما يكون في هذا التحليل بعض الصواب خاصة عندما نستعرض تجارب الامم والشعوب الاخرى التي مرت بما مررنا به.

القارئ الجيد للتأريخ يدرك ان لكل امة نقطة انطلاق الى اعلى تستجمع فيها قواها وعزمها وغالبا ما يرافق هذه الانطلاقة وجود زعيم يمتلك كاريزما قوية مخلص مطلق للوطن وعلى درجة متناهية من النزاهة، خذ مثلا غاندي، مانديلا، ديغول، القائمة طويلة، ويبدو ان الامم والشعوب مجبولة الى التطلع نحو رمز ترنو اليه اعينهم وافئدتهم، يظهر ليجمع ويوحد خاصة عندما تعيش الامة تحت ظلال ازمة عصيبة.

وجد العراقيون انفسهم وبعد تغيير العام 2003 في حيرة من امرهم، لعل من دهاء صدام ونظامه الدموي تصفيته لجميع الشخصيات المرشحة لان تكون رموزا وطنية، حتى داخل حزبه الذي تسيده قضى وبشكل دراماتيكي على جميع الرفاق الذين سبقوه بالانتماء للحزب والذين كان من الممكن ان يكونوا شيئا مذكورا في حالة التفكير ببديل.بعد التغيير تعذر على العراقيين التعرف على اسماء تم طرحها على انها اركان النظام السياسي الجديد ولاعبوه الرئيسيين، وحتى الذين ادمنوا متابعة اخبار العراق لسنين طويلة من خلال الاذاعات الاجنبية واذاعات المعارضة لم يكونوا يعرفوا الا بضعة اسماء، ولو امكن وقتها اجراء استطلاع للرأي بشأن اسماء السادة اعضاء مجلس الحكم، فأن النتيجة كانت عدم معرفة معظم الجمهور اي شئ عنهم، كان فيهم نحو سبعة اسماء معروفة جيدا وبدون ادنى شك، وحتى تلك الاسماء انزوى البعض منها وتحرك سريعا نحو زاوية النسيان بسبب ذاكرة الشعوب العجيبة، وسريعا افل نجم اسماء بعض المعارضين تماما، وحل محلها اسماء سياسيين كان العام 2003 نقطة انطلاقهم الفعلية، وفي معيار السياسة لا تستطيع هذه المدة القصيرة صنع سياسي محترف بمعنى الكلمة يستطيع ان يقود شعب صعب المراس كأهل العراق.

وحدثت بسبب نتائج انتخابات العام 2005 جدولة سياسية لاعادة ترتيب اهمية السياسيين، وعلى حد قول احد المعارضين القدامى فأن العديد من السياسيين بحاجة لان يتأكدوا يوميا من انهم ليسوا في حلم، في اشارة الى انهم لم يكونوا يحلمون ايام النضال الخوالي ان يصلوا الى عشر ما وصلوا اليه. وتسجل ملاحظات مهمة على اداء البعض من السياسيين انهم لم يهيؤا انفسهم جيدا لان يكونوا يوما في الحكم، وانهم ظنوا انهم ماكثون في (المعارضة) ما امد الله لهم من عمر.

واذا كانت هذه احوالنا في احسن تقدير فهل من الممكن ان تتحايل الامم والشعوب التي تعاني مثلما يعاني العراق حاليا من غياب رمز وطني على التأريخ وتصنع لها بطلا ورمزا وطنيا ولو من الدرجة الثانية ان لم تستطع العثور على بطل من الدرجة الاولى الممتازة.  الموضوع لا يتعلق بالتأريخ ولا بالجغرافية، وانما يتعلق بمن يريد ان يصبح رمزا للعراقيين جميعا وليس لطائفته او قوميته ودينه، وهو درب صعب شاق، عليه ان يتصف بالعدل والانصاف والنزاهة والعفة، العراقيون مغرمون بالنزيه المتعفف، وعبدالكريم قاسم احبه ويحبه العراقيون، برغم انه في ميزان السياسة ارتكب اخطاء كثيرة، احبته اجيال لم تره لانه كان وطنيا اصيلا يحب العراق، ولانه كان نزيها عفيفا، لم يستطع اعداؤه وبرغم عقود حكمهم الطويلة ان يمسوا نزاهته.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
احمد الربيعي
2009-08-19
السيد عادل عبد المهدي هو رمز وطني للعراقيين..فهو مقبول من الشيعه والسنه والاكراد وكل اطياف الشعب العراقي وطبعا ماعدا البعثيين والوهابيين وايتام صدام وهذا هو المطلوب ..فلابد ان يكون الرمز بهذه المواصفات..واتمنى من كل قلبي ان يكون هو رئيس الوزراء القادم وراح يشوف العراقيين كاريزمه هذا الرجل القويه وعدم تهاونه في الحق
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك