المقالات

أي وطنية سيختارها الناخب ؟


علاء الموسوي

بدأت ساعة الصفر الانتخابي بشراسة التمسك بالمناصب والتنافس حولها كلهفة الذباب على المزابل، وبمسميات شتى اختارت فيه الكتل السياسية عنوان ( الوطنية ) لباسا تخفي بها عوراتها المكشوفة للاعمى قبل الصحيح.اغلب الكتل السياسية اختارت كلمة (الوطنية) عنوانا لتحالفاتها وتكتلاتها مع الخصم الآخر، رغبة منها في كسب ثقة الناخب، وابعاده قدر الامكان عن الائتلاف (الوطني) الآخر.. ويأتي تمسك الكتل السياسية بكلمة (الوطنية) على اساس مفهوم مغاير لما يفقهه المواطن. فالوطنية عند الأحزاب هو ان تجتمع مع من تخالفه في التوجه السلطوي والانتماء المذهبي او القومي.. ولكن عند المواطن تكون الوطنية رداء لا يمكن نزعه او لبسه بين الفينة والاخرى.. فهي ليست برذعة تمتطي بها السلطة لكسب الشعب، هي شعور قبل ان تكون شعارا يستدرج به العاطلون عن العمل والتواقون لراحة البال في بلد آمن مطمئن. الوطنية عند البقال والزبال والحمال وعامل البناء ووو.. هي الخبز والكهرباء والماء العذب الصافي، واحترام المقدسات وكينونة الانتماء المذهبي والقومي والعرقي، فضلا عن تحريم الدم العراقي وجعله اقدس من الارض والتنازع على حكمها.. فالمواطن اغلى من الوطن، فلولاه لما كان هناك وجود للوطن .

ساسة العراق اليوم ادركوا (مؤخرا) ان الشعب يبغض الطائفية، ويمقتها حد تجريم من يحاول ان ينطقها مجددا، فالنسب والصهر والخوؤلة والعمومة كلها جذور تواصل اجتماعية تربط طائفة بأخرى ومكونا بآخر، ولا يمكن تحت أي ظرف ان ينال من رابطة الدم والعرض ، وما حدث في السنوات الماضية دليل على ذلك. الشعب يعرف جيدا الوجوه التي صّدرت الطائفية في العراق، وعملت على المزايدة بها والمتاجرة بأرواح الابرياء، فليس بالمهم عند الشعب ان يكون هناك ائتلاف شيعي مادام يحمل برنامجا سياسيا يأخذ على عاتقه حل مشكلة اهالي الانبار، ويطالب بحقوقهم قبل ان يطالب بحقوق طائفته، وكذلك الحال مع الائتلاف السني او الكردي.. وغيره.

المتاجرة بكلمة (الوطنية) باتت سلعة رخيصة لا يقدم احد على شرائها، فقد استخدمت سابقا ابان النظام الصدامي بحروب عديدة ومقابر جماعية لم تستثن الطفل والمرأة والشيخ.. حتى قيل على لسان ازلام ذلك النظام المجرم : ان العراق يكفيه ثلاثة ملايين مواطن (من وجهة نظر السلطة) فقط. وبالامس القريب كل الكتل السياسية التي شاركت في رسم ملامح العراق الجديد ، ادعت ان مشروعها وطني، وجاء من اجل خدمة الوطن والمواطن قبل كل شيء.. إلا أنها والى يومنا هذا وباعتراف منها، فشلت في انجاح مشروع المصالحة الوطنية ، ولم تستطع ان تلم الشمل المعارض والمخاصم للتجربة الجديدة.. إذن فأين الوطنية التي يدعونها، وهم غير قادرين على التنازل عن مصالحهم من اجل تلك (الوطنية) .. ؟ .

الدعاية الانتخابية المقبلة عند الجميع ستستند على رفع شعار (الوطنية)، وستضطر في الوقت نفسه، إلى الطعن بـ (الوطنية) التي يحملها الخصم السياسي الاخر. بل ان التراشقات بأبشع الاوصاف ستكون ضمن المفردات الدعائية التي ستروجها وسائل الاعلام التابعة لهذا وذاك، وستكون الحرب الدعائية على اوسع ابواب التنافس الشريف وغير الشريف، وحينها سيكون المواطن واقفا على التل (الوطني) يتفرج ويتمحص برنامج كل واحد من تلك الكيانات والائتلافات... وسيختار من يمثله في الحكومة المقبلة من دون ان ينظر إلى التوصيف الطائفي او العرقي، وانما سينجذب إلى الجديد في كل شيء. فإن كانت وجوه تلك الكتل والائتلافات نفسها، ونغمة التحريض والتقديس ملكتها، والمال السياسي العام اساس شهرتها، فلن يقدم الناخب على اختيارها حتى ان قايضوه بجبل احد ذهبا وفضة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
احمد الربيعي
2009-08-18
واكيد وديع راح يبقى كم سنه بمنصبه والله اليستر من الدسائس اللي راح يحيكها..وهذا اختبار اخر للمالكي هل يستطيع اغضاب البعثيين ومنع هذا البعثي وديع من الترشح!!!
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك