( بقلم : كوردة أمين )
القاضي : باسم الله والشعب نفتتح جلسة المحكمة لهذا اليوم المصادف 31/8/2006 يلتفت الى المنادي : نادي على المتهم علم .المنادي بعلو صوته : المتهم .... علمالقاضي : اسمك الكامل؟المتهم : علم حزب البعث العربي الاشتراكي .القاضي :عمرك؟المتهم : ثلاثة وأربعون سنة .القاضي : مكان اقامتك ؟المتهم : العراق .القاضي : عملك ؟المتهم : كنت أشتغل علما في عموم العراق منذ عام 1963 ولكن تمت اقالتي من عملي في كوردستان عام 1991 واستغنوا عن خدماتي هناك , وبقيت محتفظا بوظيفتي في وسط وجنوب العراق فقط .القاضي : قف وضع يدك على المصحف وردد ورائي :أقسم بالله العظيم أن أقول كل الحق ولا شيء غير الحق .المتهم : ولكني لا استطيع ذلك يا سيادة القاضي ! .القاضي متعجبا : لماذا ؟المتهم : لأن يدي غير طاهرة , فهي ملوثة بدماء العراقيين بجميع مكوناتهم , والله يقول في محكم كتابه الكريم ( لا يمسه إلا المطهرون ) .القاضي : حسنا ... يمكن ترديد القسم دون مس المصحف .المتهم يردد القسم دون أن يضع يده على المصحف .القاضي : يا علم حزب البعث العربي الاشتراكي أنت متهم بجريمة خطيرة للغاية , وهي انك ومنذ عام 1963 ارتكبت وشاركت في ارتكاب سلسلة من الجرائم ضد الشعب العراقي بعربه وكورده وقومياته وأديانه , فاقت كل الجرائم المعروفة في تاريخ البشرية ولاتضاهيها في بشاعتها حتى جرائم النازية .ونتلو عليك الآن بعضا من هذه التهم الموجهة لك , فاستمع اليها جيدا ودافع عن نفسك ...- منذ عام 1963 ارتكبت العديد من الجرائم ضد العراقيين من قتل وملاحقة واعتقال وتعذيب في السجون والمعتقلات السرية والاعدامات بدون محاكمة , وقمت بتصفية كل من لم يسجد لك , واخترعت ما يسمى بالمثارم البشرية .- في عام 1980 قمت بشن حرب مدمرة على الجارة ايران وتسببت في قتل الملايين من الجانبين .- ساهمت بشن حملة همجية ضد الكورد الفيليين وتسفيرهم الى ايران ومصادرة أموالهم وارسال الالاف من شبابهم الى مصير مجهول بحجة التبعية الى ايران .- عام 1970كنت حاضرا عند توقيع ( اتفاقية 11 آذار ) للحكم الذاتي بين سيدك صدام والشعب الكوردي , ثم وقفت تذرف الدموع الكاذبة في جنازتها عندما تم وأدها من قبل سيدك عام 1974 . كما وشهدت بأم عينيك محاولة اغتيال زعيم الكورد البارزاني الأب . وفي عام 1975 طرت مع سيدك صدام الى الجزائر لتوقيع المعاهدة المشؤومة المعروفة باتفاقية الجزائر . - بعد عام 1970 ارتكبت مع سبق الاصرار والترصد جريمة تعريب كركوك ومناطق كوردية آخرى حيث تم تهجير وترحيل آلاف الكورد والعديد من التركمان والآشوريين من مدنهم وقراهم وصارت بيوتهم وممتلكاتهم مستباحة للعرب الوافدين .- تقدمت الدبابات والطائرات في محاربة شعب كوردستان بالأسلحة الفتاكة والمحرمة دوليا ومنها الأسلحة الكيمياوية وذلك في عمليات الأنفال بين عامي 1987- 1988 حيث قتلت وأنفلت أكثر من 182 ألف منهم بأمر من سيدك الملقب بعلي كيمياوي .- رافقت الشاحنات العسكرية وهي تنقل أكثر من ثمانية ألف من البارزانيين الى مقابرهم الجماعية في صحراء السماوة , وكنت ترقب كل ذلك ساكتا دون أن يهتز لك طرف .- حلقت مع الطائرات وقذائف المدافع وهي تضرب مدينة حلبجة بالأسلحة الكيمياوية وقتلت في لحظات أكثر من 5000 من المدنيين العزل .- ساهمت بكل برودة دم بتدمير أكثر من 4500 قرية كوردية كانت تغفو هانئة في أحضان جبال كوردستان .- عام 1982شاركت بابادة سكان مدينة صغيرة تقع شمال بغداد تسمى الدجيل حيث تم قتل العشرات منهم , وحكم على 148 منهم بالاعدام وانت تجلس متفرجا على منصة القاضي البندر , وتم نفي أكثر من 400 عائلة منهم الى الصحارى المقفرة , فمات منهم من مات , ولم يعد منهم إلا القليل . واشتركت في تجريف بيوتهم وبساتينهم . - عام 1990 كنت في مقدمة القوات العراقية التي غزت الدولة العربية الجارة الكويت .- عام 1991 كنت شاهدا ومشاركا وحوش سيدك صدام بضرب العرب الشيعة المنتفضين بكل قسوة , فقتل منهم اكثر من 300000 شخص , ودفنوا في قبور جماعية , وعندما ضرب المقبور حسين كامل قبة مرقد الامام الحسين في كربلاء صفقت إعجابا له .- عرضت البلاد الى حصار اقتصادي واسع من كل دول العالم , فتسببت بالموت والجوع والمرض للعراقيين , وأنت واقف تتفرج عليهم من علو , بشماته وعدم اكتراث , ولم تعتزل من وظيفتك كما يفعل الشجعان في مثل هذه الاحوال .- حضرت عمليات قطع أيدي وآذان وألسنة آلاف العراقيين , ووشم جباههم .- شاهدت بكل وقاحة اغتصاب نساء بلدك في السجون والأقبية السرية تحت الأرض ولم تنتفض غيرة لشرفك المستباح , ولم تعترض على القرار الصادر بقطع رقاب النساء المعارضات لسياسة سيدك صدام بالسيف بتهمة البغاء , وسايرته في اكذوبته التي كان يرددها بأنه يدافع عن شرف الماجدات. - لم نشاهد على وجهك دمعة حزن أو نظرة أسى على تدمير الاهوار وتعرض بيئة جنوب العراق وكوردستان الى تلوث خطير جراء استخدام سيدك للاسلحة الكيمياوية المحرمة دوليا, وباركت له عندما ضرب آبار النفط في الكويت مما تسبب في اصابة الآلاف من المواطنين بأمراض عضال , وموت للحيوان والنبات , واغتيال الملايين من أشجار النخيل الباسقات .فماذا تقول عن هذه التهم المنسوبة اليك ؟ هل أنت مذنب أم بريء ؟المتهم مطأطئا ًرأسه الى الارض: مذنب وبريء في نفس الوقت ياسيدي ! القاضي متعجبا : كيف ؟ هل يمكن أن تفسر ذلك ؟المتهم : أعترف بأنني ملطخ بدماء الملايين من الناس من رأسي الى أخمص قدمي , ولكني لم أرتكب هذه الجرائم بنفسي , بل كنت مجرد علم يخفق بفرح فوق بنايات السجون والمعتقلات , ويجلس بكل خشوع على مكاتب رجال الأمن والمخابرات , يرقبهم وهم ينتزعون الاعترافات من الناس بأقسى الاساليب وأحدث المعدات , ويقف بكل هدوء وإذعان خلف كرسي الرئيس صدام ومن معه من وزراء وأعوان .كنت يا سيادة القاضي أرفرف جذلا على رؤوس الدبابات وهي تكتسح المدن والقرى الكوردية وتمعن في الناس قتلا وتشريدا , وفي منازلهم هدما وتدميرا , واضطجع بدلال على ذيل طائرات السيخوي وهي تقصف القرويين العزل وتحرقهم بقنابل تحمل نكهة الثوم والتفاح , حتى صارالطفل الصغير منهم يحفظ عن ظهر قلب اسم هذه الطائرات , ويميز رائحة غاز الخردل الفواح !.وعندما وشم صدام حسين بيده على جبيني كلمة ( الله أكبر ) لم أعترض خوفا منه , وهل كان في مقدور أحد أن يقف بوجه هذا الطاغية المتجبر ويخالفه الرأي ؟وفوق كل هذا وذاك فأنني لست سوى جماد أخرس …و مجرد خرقة بالية لا نفع فيها ولا ضرر …والقانون يقول ... لا عقوبة على الانسان غير العاقل والحيوان والجماد . القاضي غاضبا : عذرك أقبح من ذنبك ! كل هذه الفظائع ترتكب تحت رايتك وأمام سمعك وبصرك وأنت ساكن مستكين لا تبدي رفضا ولا إحتجاجا ... وتقول إنك بريء !ألا تحس بالخجل من نفسك ؟ألا تشعر بالألم والغضب الذي يعتصر قلوب العراقين وأهالي الضحايا ؟ألا ترى نظرات الحقد والكره الشديد المرتسمة في عيونهم نحوك ؟لا تدافع عن نفسك بأنك مجرد جماد !فحتى الحجر إنفطر من هول ما رأى من خطر !وحتى الأنهار والينابيع وعيون المياه جفت من كثرة البكاء والشجن !وحتى الزهور ذبلت تعطشا لقطرة ندى لم يلوثها غاز خردل هطل !والطيور ما عادت تغرد من شدة الاعياء بحثا عن بقايا شجر !وانت بقيت تبتسم مرحا...وترقص طربا...على أنغام نشيد ظل يشدوه من كان قلبه من صخر...وطن مد على الأفق جناحا ….فأسمع جيدا أيها المتهم الحكم الذي أصدرناه ضدك باسم الشعب ... - بناء على القاعدة القانونية التي تقول ...إن كل من كان على مسرح الجريمة فعليه عقوبتها .- واستنادا الى ( اتفاقية منع ابادة الجنس البشري والمعاقبة عليها ) الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 والنافذة عام 1951.- وتطبيقا لنص المادة 406 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 .فقد حكمنا عليك بالاعدام ...ولكن ... رأفة منا بك , ومراعاة لكل ما ورد في دفاعك , ولكونك كنت تسمى في يوم ما علما للعراق , سنعطيك الحق في اختيار طريقة اعدامك ... وسنحرم منه سيدك بطل الحفر .فأختر ما شئت ...شنقا حتى الموت ؟أو رميا بالرصاص ؟أو حرقا بالنار ؟المتهم بعد تفكير قصير : أختار الحرق …!ألم أقل لكم منذ البداية أنني لست أكثر من خرقة بالية من صنع صدام ورهطه الغفر !؟اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha