المقالات

مستقبل العلاقات الأميركية- العراقية -2-

1876 20:32:00 2006-09-01

( بقلم: عدنان آل ردام العبيدي- رئيس تحرير صحيفة الاستقامة- رئيس اتحاد الصحفيين )

اشرنا في النافذة الماضية الى ان الولايات المتحدة الامريكية قد اختارت مسالك وقنوات ووضعت في اجندتها اهدافاً عندما قررت الدخول بقوة في المنطقة العربية انطلاقاً من العراق، غير المسالك والقنوات والاهداف التي كانت بريطانيا قد وضعتها لنفسها مطلع القرن الماضي حتى نهاية الثلث الثاني منه.

لكن ذلك لا يعني كما اشرنا الى الطرفين –لندن وواشنطن- لا يلتقيان في اجندتهما ازاء ما يريدان في المنطقة العربية، الا ان تقادم الزمن والتطور الذي شهدته اتجاهات المشهد السياسي والاقتصادي والفكري والعقائدي والثقافي والميداني بشكل عام قد غيّر كثيراً في الخارطة الدولية ليس في هذه المنطقة فحسب انما في عموم مناطق العالم. وليس بالضرورة ان يكون التغيير على حساب المصالح والاهداف الدولية بل ربما وفي احيان كثيرة يأتي التغيير في صالح تلك الأهداف خصوصاً بعد ان ادت عمليات الطرق الدولي على رأس صانع القرار العربي الى عمليات ترويضية للانظمة التي تلت الحقبة الخمسينية واعلان الجمهوريات والجماهيريات العربية كما هو الحال في مصر والعراق والجزائر واليمن وليبيا والسودان..

وفي ذات مرة اطلعت على كتاب موسوم بـ(تأريخ الانقلابات العسكرية في العراق) صادر في التسعينيات، يقول احد فصوله انه عندما حصل انقلاب البعث على قاسم عام 1963 رفضت احدى الدول التي يدور العراق في فلكها خمسة حكومات شكلها عبد السلام محمد عارف.. وقد حشر المؤلف هذه الفقرة بكتابه بطريقة لا يفهم منها الا عجز العراق في صنع حكومته او رسم قراره وبالتالي يريد هذا الكاتب والكتاب معا ان يظهرا العراق بانه دولة قاصرة امام دولة تمتلك حق الوصاية او القيمومة عليه وهذا صحيح، وفي وقتها كنت أشُغل مشروعا اعلاميا في المنفى فوجدت نفسي مضطرا الى الاتفاق مع كاتب قدير ومؤلف معروف قدم للمكتبة العربية والعراقية منظومة وثائقية نفيسة، وقد تمخض عن الاتفاق ان يشرع الكاتب بكتابة سلسلة دراسات تحت عنوان "عراق محكوم من الخارج" ولمن يريد الاطلاع على هذه السلسلة فان ذلك لا يأخذ منه جهدا اكثر من الوصول الى المجلد الرابع لصحيفة نداء الرافدين العراقية المعارضة التي كانت تصدر من بيروت ودمشق، بل انني صعقت عندما ادركت عمق النفوذ والتأثير لعبد الناصر في القرار العراقي وكذلك لدولة خليجية كنا نعتقد انها تتحرك بايقاعات عراقية.

ربما نكون قد ابتعدنا عن جوهر النافذة هذه لكن الذي اشرنا اليه يعد مقاربة واقعية للعراق بين زمنين، فالعراق الحالي والقادم لم ولن يعود لتركيبته السياسية والاقتصادية ومنظومته الاقليمية والدولية التي كانت سائدة في القرنين التاسع عشر والعشرين، بل انه تخطى مراحل التأسيس للدخول لناد جديد قد لا يوجد له شبيه في المنطقة العربية برمتها، هذا النادي الذي يؤسس له العراق والذي تلتقي فيه الارادات السياسية العراقية بنسب متفاوتة مع بعض المتغيرات الدولية التي يشهدها العالم بالتأكيد سيلقي بظلاله على مستقبل العلاقات بين العراق وأي دولة من دول العالم ولكن ايضا بنسب متفاوتة تمليها المصالح والوقائع خصوصا ان المصالح والوقائع تسير بخط متوازٍ مع القوة العسكرية كما عليه الحال بين العراق والولايات المتحدة.

قد يعتقد البعض ان هذا السرد هو إلغاء للارادات لكننا نرى انه لم ترتق الارادة العراقية خلال التاريخ المعاصر الى مثل ما هي عليه الان، وهذا ما سيبدو واضحا لاي نظرة متفحصة للواقع العراقي خلال العهدين الملكي والجمهوري وحقبة صدام التي لا تنتمي لاي من هذين العهدين وبين العهد الحالي الذي تقوده قوى سياسية ليبرالية واسلامية وكردية وقومية ويسارية واثنيات وقوميات ومذاهب وطوائف واتجاهات فكرية متعددة صنعت مفاهيم جديدة صار العراق يعيشها واقعا لا خطابا تعبويا بالرغم من كل القسوة التي يواجهها العراقيون من خصومهم المحليين وغير المحليين.

مما تقدم تبرز علامة استفهام كبيرة عن مصير العلاقات الأميركية العراقية المستقبلية بعد أن قررت واشنطن أن تكون انطلاقتها الجديدة في المنطقة من العراق وعندما نجحت في الإطاحة بأعتى وأقسى نظام سياسي كان يمتلك القوة العسكرية الأكبر والأقوى في منظومته العربية.. وهذا ما سيأتي الحديث عنه لاحقا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك