فائز نمر
بالأمس القريب أستمعت الى السيد وزير النفط حسين الشهرستاني وهو يزف على مسامعنا بشرى الثراء الذي سيصيبنا من جراء العقود التي ستبرمها الوزارة مع الشركات النفطية ضمن جولة التراخبص المزمع الاعلان عنها يومي 29 و 30 حزيران الجاري. 1300 مليار دولار هو ما سنحصل عليه في نهاية المطاف. رقم جعلني أسرح في خيالات ألف ليلة وليلة وقصور سندباد المشيدة في مدينة بغداد. ياااااه، أخيرا سأمتلك بيتا وأشتري مكيف هواء.
وبينما الوزير والناطق بأسم الحكومة يسترسلان بالحديث، أخرجت هاتفي النقال لأتصل بوالدي وأشاركه فرحتي، لكن الشبكة كعادتها خذلتني. ومادام الهاتف بين يدي أردت أن أحسب حصتي من هذا الرقم ولو بعد عشرين عام. 1300 مليار حصة 30 مليون عراقي، أذن حصتي هي (1300مليار / 30 مليون)=43333 دولار ، وحصة اخواتي ووالدي وأخواني ومجموعهم معي يساوي 7 عراقيين، يعني حصتنا جميعا هي (43333 X 7)=303331 دولار (ثلاثمائة وثلاثة الاف وثلاثمائة و واحد وثلاثون دولارا بالتمام والكمال)، ويمكن بعد عشرين عام يكون لدي 3 أطفال و زوجة ، فيزيد عددنا وتزيد حصتنا. لكني لا أريد المبالغة والدخول في أحتساب ما في الغيب، فربما لا أستطيع أن أتزوج لأني لا أملك حاليا دولارات ولا دنانير تكفي لبدل الأيجار و مولدة الكهرباء. وحتى أذا تزوجت فربما لن أنجب أولادا بسبب البرج الذي نصبته شركة الهاتف النقال على البناية المجاورة لمنزلنا، لأنه كما أشاع الكثيرون يسبب العقم عند الرجال! لايهم، من يدري ماذا يفعل الطب بعد بضعة اعوام.تعيش الشركات العالمية للأستثمارات البترولية، لأنها ستجعلني ولو بعد عشرين عام أمتلك دارا في بلدي.رحت أسرح في الخيال وتركت الكلام للرجال النفطيين البواسل الذين أعتلو صهوة المنصة وقد غلفتهم مايكروفونات الفضائيات. زيدوها وليسمع العالم من أدناه الى أقصاه أني سأمتلك دارا في وطني.الحسابات فيها خطأ.كلمات أطلقها أحدهم شرخت موسيقى التصريحات و زلزلت الأرض من تحتي وهدمت داري الذي لم يشيد بعد.تلفت يمينا وشمال أتساءل أين الخطأ؟ ... ورأيت مجموعة أخرى من الحضور قد أخرجوا هواتفهم وهم منهمكين في الحساب.قلت في نفسي، ربما أحدهم يريد أن يستولي على حصة أخوته أو ربما وجد ان حصته لاتكفي لشراء فندق أستثماري خمسة نجوم فأطلق هذه الصيحة ( الحسابات فيها خطأ )؟ ... أندفعت نحوه مستفسرا: أين الخطأ؟أجابني بأستغراب: أخي أحسب زيادة الأنتاج الذي ذكره الوزير وأضربه بالسعر وعدد السنين، راح تطلع النتيجة غير رقم، ماكو 1300 مليار؟عدت الى مكاني وراجعت ملاحظاتي ... لقد قال السيد الوزير بالنص مايلي:(( أنتاجنا حاليا هو مليونان واربعمائة الف برميل يوميا أو يزيد قليلا، ومن المؤمل أن يرتفع الأنتاج من هذه الحقول الى 6 مليون برميل، وسيكون العائد من الزيادة في الأنتاج فقط ، ولو على أساس سعر 40 دولار للبرميل، هو 1300 مليار دولار بعد أكمال التنفيذ ))أين الخطأ أذن؟ .. ولم الحيرة؟ .. الموبايل موجود، ومادام لايوجد شبكة، سأستخدمه للحساب.الانتاج الحالي هو 2,4 مليون برميل والمستقبلي هو 6 مليون، الزيادة في الانتاج هي 1,6 مليون برميل.السعر هو 40 دولار للبرميل .. سعر 1,6 مليون برميل سيكون (40 X 1,6) = 64 مليون دولار يوميا.العائد الشهري ( 64 x 30 ) = 1920 مليون دولار شهريا ( 1,92 مليار دولار شهريا)العائد السنوي ( 1,92 x 12 ) = 23.04 مليار دولا سنوياالعائد بعد عشرين عام ( 23.04 x 20 ) = 460.8 مليار دولار.
وطبعا 1300 مليار التي ذكرها الوزير لا تساوي 460 مليار التي حسبتها على ضوء ارقام الوزير؟ أذن أين الخطأ ؟ لايمكن أن تكون الشركات البترولية العالمية وقعت في خطأ ولا يمكن أن يكون هذا المؤتمر الصحفي فيه خطأ ولا يمكن أن تكون تصريحات الناطق بأسم الحكومة و السيد وزير النفط فيها خطأ ولايمكن أن تكون المايكرفونات قد نقلت الصوت والأرقام خطأ .... أذن أيــــــــن الخطأ ؟طار حلم الدار الذي لم يستغرق سوى لحظات و طار معه مكيف الهواء في الهواء ... والسبب كل السبب يقع على موبايل السيد الوزير. لأنه حتما حسبها خطأ.
https://telegram.me/buratha
