( بقلم مروان توفيق )
هل تصرفات الانسان تأتي وفقا لقيمه التي يؤمن بها اما ان الامر بالعكس ,حيث ينحاز الانسان الى القيم التي تتماشى مع نشأته وتنساق مع منافعه ومتطلباته؟الجواب اختلف عليه الكثير وما يعنينا هو ما يجري في ارض السواد في عهدنا من صراع وبناء وخراب. في الشطر الاول من السؤال يمكننا وضع الكثير ممن قراءنا عن, أو عرفنا في حياتنا القصيرة وهم الناس الذين غيروا مسار حياتهم حسب المبدأ الذي امنوا به فتسامت انفسهم عن كثير من متع الحياة وتسهيلاتها واختاروا الامر الصعب رغما عن المخاطر والتهديدات التي علموها مسبقا في طريق مسارهم الجديد, هؤلاء الناس قلة وعلى قلتهم فهم احرار فيما اختاروا وكلما زادت الصعوبات في المسلك الجديد كلما تساقط جمع في مسار الطريق لضعف او خوف او طمع في راحة وسهولة عيش ويبقى القليل القليل. أن اختيار مسار, مذهب, دين, او فكرة جديدة ليس بالامر السهل ولكن رغما عن الصعوبات يسير فوج جديد من الاحرار في كل جيل نحو منعطف جديد.
هذه النوع من بني الانسان لايهمنا في موضوعنا هذا, ما يهمنا هو الشطر الثاني من السؤال الا وهو: ( الانسان ينحاز الى القيم التي تتماشى مع نشأته وتنساق مع منافعه ومتطلباته). هذا النموذج من الناس كثير حولنا فليس هناك صعوبة او تحدي ولا تضحيات ولاحرمان , انما بالعكس مشي مع التيار ومسار مع طبيعة النشوء البيئي الذي عموما تحكمه الغرائز والحاجات العضوية. يمكننا وضع نماذج عديدة من بني البشر في هذه الخانة التي هي خانة الهمج الرعاع مثل:الانتهازيون اهل انتهاز الفرص ومتحيني الفوائد, المنافقون الذين مشوا مع الاحرار لمصلحة وتظاهر واخفوا انتهازيتهم ودناءة طبعهم الذي شبوا عليه, الجهلاء الذين تحكمهم غرائزهم وحاجاتهم العضوية الذين لايعرفوا معنى ارتقاء الروح ولا الصبر على الاذى حكمتهم غرائزهم وحاجاتهم وعرفوا السعادة بحيوانيتهم فهم كالانعام, بل اضل سبيلا لتعطيلهم ادميتهم . المتعصبون الذين لا يتزعزعون في مواقفهم المتصلبة على الرغم من انكشاف الحقائق لهم فهم يضعون اصابعهم في اذانهم ويغمضون اعينهم عن الحقائق الداحضة لمواقفهم ويمكننا القول ان اغلب الاصناف التي ذكرناها انفا تتشابه في الكثير من التصرفات وتتواصل في سماتها و غاياتها . فالمتعصبون قد يكونوا من الجهلاء الذين تحكمهم غرائزهم وحاجاتهم ولكنهم يتعصبون خوفا على زوال مناصب لهم تلك المناصب التي نالوا بها الكثير من متع الغرائز الحيوانية كلذة قيادة القطيع والامر والنهي والتحكم في رقاب الناس وغيرها وبامكاننا اطلاق صفة الانتهازية عليهم ايضا فهم يتحينوا اي فرصة للوصول الى غاياتهم فالمبدأ عندهم ليس الا شعارات ترفع ومنابر تجعر وايماءات تمثل امام الاخرين وفي النهاية ينالوا متعهم الرخيصة واهدافهم الارضية.
صفات عديدة قد يظن البعض بعدم ضررها للمجتمع مادام حاملي هذه الصفات ينأون عن الاذى!! ولكن الحالة ليست كما يظن البعض من الطيبين, فالذين ينحوون هذا النحو تقودهم انفسهم المريضة بالانانية والحطة الى شر وضرر يصل الى القتل والدمار والتخريب.
البعثيون مثل حي لفئة من هؤلاء الحثالى في بلدنا بالعراق تنطبق عليهم صفات الانتهازية والنفعية واشباع الغرائز والانانية والخسة, اناس باعوا ادميتهم فاصبحوا اضل سبيلا من الانعام وادنى من دود الارض. لا يهمهم سوى حرق مابقي انتقاما لزوال حكمهم وتحسرا على ايامهم في الريادة والظلم وتبديد الثروات والتحكم في رقاب العباد. كانت مبادي الحزب تتماشى مع كل انسان من الذين صنفانهم بالهمج الرعاع فانضوى الكثير تحت راية الحزب بسهولة وبطوعية تتماشى مع خستهم التي تربوا عليها في بيئتهم و طمعا في الريادة وفي المكسب.
ولما ذاقوا حلاوة المنافع الارضية و الحيوانية تمادوا في غيهم, واليوم بعد زوال تلك الايام واندثارها شخوصها انضوى اولئك الاشرار تحت لواء مبادئ اخرى تشفع لهم فيها انتهازيتهم وفن تحين الفرص الذي تربوا عليه, اختاروا مذهبا مقيتا اخر وتصافحوا مع اهل الظلام والجهل فاطالوا لحاهم وحفوا شواربهم وغيروا الوان ملابسهم واندسوا مع كل الفئات وارتادوا الجوامع وجعروا بخطب وادبيات غاياتها بث الشقاق والفرقة وتعطيل مسار هذه الامة. بخستهم لم يتورعوا ولن يتورعوا عن فعل كل خبيث, فمن تفجير دور العبادة على الابرياء في جوامع وكنائس ووصوامع الى تفخيخ السيارات على الناس العزل الى قتل المشاة العابرين وهم في طريقهم لاداء مناسك زيارة . يتفننون في القتل كوحش حرمته من الاكل والشرب دهرا فطاشت به غرائزه فلا يرى شيئا الا وحسبه سببا من اسباب جوعه وذلته فطفق يفسد في الارض ويهلك الحرث والنسل.
ما يجري في العراق من سفك للدماء وتخريب للبلاد في المكشوف والعلن هو عين ماكان يجري في الماضي ولكنه كان يجري في غياهب السجون والمعتقلات أو في ساحات قتال حروب طائشة. قد يقول قائل جهلا وتنكيلا وربما حقدا وتشفيا: ( الوضع فيما مضى كان اكثر امنا) !! وفاته انه اما كان جاهلا بالنظام البائد وبعيد عن شروره أو ربما كان منتفعا وخانعا يعيش عيشة البهائم لا هم له الا بطنه وغرائزه . كانت بلادي في مضى سجن كبير اظلم حالك يعج في سجونها المظلومون وطلاب الحق واليوم غدت غابة فيها وحوش سائبة كثيرة ترتع في جنباتها و تغذيها قوى كبيرة تحالفت على البلاد واهلها. فليس الماضي كان بالجميل كما ينعق البعض , وهذا الحاضر المفخخ بالمفاجات وانعدام الامن هو نتاج من ذلك الماضي التعيس ومن اهله الهمج. البعثيون اليوم كما عهدناهم في تاريخهم النضالي القذر يتلونون بألوان عديدة ويتفنون في تأجيج الازمات والشقاقات , فهم رأس المصائب واساس الخراب في الماضي والحاضر يعاضدهم اناس تشابهوا معهم في الخسة ولخستهم ودناءتهم هم بعثيون ايضا, وان لم ينتموا!مروان توفيق
https://telegram.me/buratha