( بقلم بهاء صبيح الفيلي )
لقد قرأت مقالة توماس فريدمان الاخيرة والتي عنوانها ( حسن نصر الله ومعوناته: يجب أن يحزن دافع الضرائب الإيراني ) في الموقع الالكتروني لجريدة الشرق الاوسط اللندنية , ووجدت الكثير من المغالطات , ووددت ان اعلق على هذا الموضوع , لكي نفهم واقع الاعلام الامريكي , في الحقيقة ان الموقع نشر مشاركة القراء , واعتقد ان اغلب المشاركات كانت رافضة للمقال وتعبير حقيقي عن واقع الشارع العربي والاسلامي .
ان الكاتب فريدمان يدعي ان دافع الضرائب الايراني هو الذي يتحمل تكاليف بناء لبنان, ويضيف (وترسل أموالا نقدية الى حسن نصر الله حتى لا يواجه غضب اللبنانيين), ان الكاتب يريد ان لا تبنى لبنان وان تبقى على حالها بالخراب الذي حل بها لكي يغضب اللبنانيين من حزب الله هذا في تصور كاتبنا فريدمان, ومن خلال كتابته نجد انه يقول ان دافع الضرائب في روسيا كان يتحمل بناء الجيوش العربية بعد ان تدمره اسرائيل على حد زعمه , كما انه كان يريد ان تبقى الجيوش العربية مدمرة لكي لا تشكل تهديد لأسرائيل ,
واعتقد ان فريدمان ادخل نفسه في مغالطة وهي ان الروس لم يكن لديهم نظام ضريبي واضح المعالم ولأن روسيا كانت دولة اشتراكية , ولم تبني روسيا اي جيش من الجيوش العربية بل زودتهم بالاسلحة الدفاعية ولا اعتقد ان الروس لم يقبضوا ثمن الاسلحة التي كانوا يصدروها للعرب , والاستاذ فريدمان يخلط بشأن ايران , تارة يقول ان دافع الضرائب الايراني هو الذي يتحمل المسؤولية وتارة اخرى يقول ان الفائض المالي بفضل برميل النفط الذي وصل سعره الى 70 دولارا , ويقول في مكان اخر (طبقا لتقرير بلوميبيرغ الصادر في أغسطس (آب) الجاري، انفقت الحكومة الايرانية مبلغ 25 مليار دولار لدعم السلع الاستهلاكية، أي اكثر من نصف قيمة عائدات النفط الخام (44.6 مليار دولار))، فما المشكلة ان تنفق اموالها لدعم السلع الاساسية لحاجة المواطن , فهل تسرق الحكومة هذه الاموال وتخلق مشاكل لشعبها لكي تكون الادارة الامريكية راضية عنها , ام تبيع املاك الدولة وموارده للشركات الامريكية , وتكون هذه نوع من الاصلاحات الاقتصادية التي تريدها امريكا . ان اسرائيل دمرت المدارس والمستشفيات والبيوت السكنية والطرقات والجسور والمطارات ومحطات توليد الطاقة الكهربائية بعملية همجية وباوامر امريكية فهل ياترى كان الهدف من كل هذا التدمير ازالة حزب الله ام كانت لأسرائيل وامريكا اهداف اخرى !!!
ان الكاتب المحايد النزيه فريدمان يذكر ان هناك 15000 منزل تدمر ولا يوجه سؤال واحد لماذا دمرت اسرائيل كل تلك المنازل السكنية ؟؟؟ ويكمل الكاتب ( الحكومات القمعية مثل ايران وسورية، تستخدم أموال النفط لشراء شعوبها ولتحصين نفسها من ضغوط الاصلاحات السياسية والاقتصادية. ) نسأل الكاتب لأي غرض يريد ان تستخدم الحكومات اموالها ياترى ؟؟ وما هي الاصلاحات السياسية والاقتصادية ؟ فهل يقصد بالاصلاحات السياسية ممارسة الانتخابات فأيران تجري عملية الانتخابات كل اربعة سنوات لرئاسة البلاد وكذلك للبرلمان والانتخابات نزيه ليس بنظري او بنظر المسلمين فقط ولكن بنظر المراقبين الاوربين كذلك , وهل انتم (الامريكان) تحترمون الديمقراطية !! ان الولايات المتحدة الامريكية لا تهمها الديمقراطية ولا الحريات وبدليل ان الانتخابات الفلسطينية ادت الى فوز حماس ولكن ماذا حدث رفض غربي لنتائج الانتخابات ليس لان الانتخابات غير نزيه ولكن لأن الفائز في الانتخابات حماس , وحماس حركة اسلامية لا ترضخ لأمريكا واسرائيل وتتحول الى خيار المقاومة ان لم يستجاب لمطالبها العادلة في ازالة الاحتلال الهمجي الذي يدنس اراضيه كل لحظة وكل يوم ويقتل الاطفال والنساء والشيوخ والشباب فالقتل لعبة الجندي الاسرائيلي , فهل ياترى مشروع الشرق الاوسط الجديد لايدخل في حساباته رأي شعوب المنطقة ؟ ام ان شرق الاوسط الامريكي سينفذ على المنطقة دون ساكنيه ؟ انا لا اتهم كاتب المقال انه اسرائيلي او انه منحاز الى اسرائيل ولكن كتاباته هي التي تدل عليه.
كان المفروض من الكاتب ان يكتب عن اصلاحات اقتصادية وسياسية في امريكا نفسها , يكتب عن الحريات الموجودة لتشكيل النقابات داخل المؤسسات الصناعية الكبيرة وكيف ان العامل او الموظف يطرد من عمله اذا شكل نقابة في داخل المصنع الذي يعمل به او حتى انضم الى نقابة خارج مكان العمل , ويتحدث عن عدد الذين يعيشون تحت مستوى الفقر في امريكا ويصلح حالهم الاقتصادي , ويكتب عن كيفية القضاء على الاضطهاد العنصري والاضطهاد والتمييز والملاحقة الذي يتعرض له المسلمين في امريكا.
ان الحريات في امريكا مصانة , ولكن من الذي يتركك تمارس هذه الحريات , لك الحق في ابداء رأيك بحرية ولكن ان خالفت السياسة الامريكية ستتهم بأثارة العنف والكراهية بين الاديان او القوميات حسب المسميات وحسب رأيك الذي تفصح عنه , يحق لك العمل على تأسيس نقابات عمالية او الانتماء الى تجمعات عمالية او نقابية ولكن اي من المصانع والمنشأت تسمح لك بذلك دون فقدان وظيفتك , يحق لك ان تبدي رأي من خلال الصحف والمجلات والتلفزيون والراديو ولكن اي من التلفزيونات ومحطات الراديو سيسمح لك ابداء رأي مخالف للسياسة الامريكية الرأسمالية , واي صحيفة او مجلة تسمح لك بنشر رأي مخالف ضد النظام الامريكي , ولك الحق ان ترشح نفسك للكونغرس الامريكي , ولكن من يسمح لك بذلك ان كنت مخالفاً للنظام الرأسمالي .
ان للاعلام الامريكي دور مهم في تغير نمطية تفكير وسلوك المواطن الامريكي , ولذلك الاعلام وسيلة فعالة تخدم الادارات الامريكية وتبرر ما تقوم بها من اعمال وحشية ضد كل من يخالفهم , امريكان كانوا او شعوب اخرى , بالرغم من الاعلام الامريكي حر كما هم يدعون ذلك , ولكن الحقيقة ان الاعلام غير حر ومرتبط بالمؤسسات الحكومية والمدنية لحجم الدعاية التي تستخدمها هذه المؤسسات في وسائل الاعلام المرئية والسمعية والمكتوبة , ولذلك على امريكا ان لا تنتقد الاعلام الاخر الذي له مصالح اخرى مضادة للمصالح الامريكية , فهل نقرء يوماً في نيويورك تايمز ان للعمال حق في تشكيل النقابات وكذلك لمنتسبين الحزب الشيوعي الامريكي حق في الترشيح للكونغرس او تكتب عن الفضائع التي ارتكبتها اسرائيل وامريكا في لبنان , وما تقوم به في فلسطين وكيف ان الدولة العبرية الديمقراطية لا تحترم اراء الشعوب المجاورة وتحاول كسر ارادة هذه الشعوب .
وهل نسمع من اي مسؤول اعلامي امريكي شريف هذا ان وجد شريف بينهم لماذا دمرت اسرائيل 15000 منزلاً سكنياً في لبنان ؟؟؟ بهاء صبيح الفيلي
https://telegram.me/buratha