المقالات

الطريق الى السويد

2316 21:04:00 2006-08-16

( قصة حقيقية بقلم واثق جبار عودة )

ليس من السهل على العراقي ان يهجر داره ووطنه الا اذا اشتد عليه الخناق وحينما يصبح غريبا في وطنه لايبقى لديه من خيار سوى ان يسعى في الارض طلبا للعلم او الرزق او الامان  وهكذا كان حال العراق والعراقيين في زمن الطاغيه الشعور بالغربه رغم انهم في وطنهم وكان الاغتراب في الوطن اما سببا سياسيا او امنيا او علميا او ماديا

ليس من السهل على العراقي ان ينال فرصه الهروب من الوطن فحالما يتخلص الهارب من فخ وطنه حتى يقع في فخ اكبر هو الاردن فانا اشبه العراق بحفره صغيره مقارنه بالحفره الكبيره والتي تمثل حال العراقي في الاردن  ان نيل الفرصه في ان تضع قدمك على اول الطريق الى اوربا هو امر ليس باليسير لانه ليس معبدا بالزهور بل ربما تفقد حياتك فيه وقد سمعنا من اصدقاء لنا عن اؤلئك الشباب الذين قتلوا فيه اما برصاص مرشدك في الطريق او برصاص شرطه الحدود او غرقا في البحيرات والانهار التي تصادف الشباب في الطريق ان اخطر الطرق الى اوروبا هو الطريق البري وافضلها الطريق الجوي وحسب ما لديك من مبلغ تختار الطريق وكان مبلغي قد اجبرني في اختيار الطريق البري وهناك طريق مختصر وطريق طويل وهذا مرهون بالقدر في ان يكون الطريق المختصر غير مراقب حينما يكون دورك قد اذن بالرحيل الا ان هجرتي كانت بالضبط في فتره استهداف القاعده لمركز التجاره العالمي في امريكا لهذا كانت الطرق المختصره مغلقه بالكامل 

انها تجربه لااعلم ان كانت جميله او قاسيه ان تجتاز اكثر من سبع دول اوربيه حتى تصل الى الدوله المعنيه وتسير على الاقدام ايام وليالي لكي تتخلص من الحدود المراقبه وحياتك هي رهن بيد الدليل فمن اليسر والسهوله ان يفرغ رصاصه في راسك ويتركك جثه هامده في الطريق وان اراد اكرامك ربما دفنك والا فجثتك تاكلها الوحوش والضواري في ارض لاتطئها اقدام بشر

في طريقي الى اوربا كانت هناك مصادفات قاسيه ومصادفات جميله اما المصادفات القاسيه فاتركها في احضان ذاكرتي والتي ترددت كثيرا من ان اكتبها لتبقى حيه في اوراق محفوظه  اما المصادفات الجميله فهي كثيره ولكن لايوجد اجمل المصادفات التي تظهر غيرة العراقي هذه الغيرة التي هي هويه العراقي والتي يترك اثارها خلفه ان حل في مكان او وادي وثقوا اني جربت الكثير من العرب لم اجد من احد يحملها سوى العراقي لهذا اعتبرها هويه ما ان تشهر حتى تعلم ان الشخص الذي امامك هو عراقي وكانت واحده من المصادفات هذه تعكس هذه الغيره التي يتمتع بها العراقي والتي يترك اثارها خلفه هو ماحدث معنا في بولونيا

بولونيا هي محطه تجمع للمهاجرين القادمين من اوكرانيا وفيها يلتقي المهاجر مع جنسيات مختلفه فهناك السوري والايراني والافغاني وجنسيات اخرى شرقيه وبالطبع نحن العراقييون كنا نشكل فريقا لاباس به الا ان الافغان كانوا يشكلون الفريق الاعظم  العراقييون كانوا مزيجا من العرب والاكراد والنصارى وكان الجميع في بيت لايوجد فيه من الفرش مايكفي لان الذين سبقوك اخذوا المتوفر منه لهذا كنا نحن الشباب والذين نشكل مجموعه اكثر من ثمانيه اشخاص قد تنازلنا عن الفرش للنساء وافترشنا الارض الصلبه اكثر من ثلاثه اسابيع في جو بارد وبدون غطاء وكنا نقضي الليل بالتجمع حول بعض لنوفر الدفئ لنا من حراره اجسادنا

اما الاكل فكنا نشتري فقط المعكرونه الجاهزه والخبز لكونها الارخص حتى يكفي ما لدينا من مال لشراء الطعاموفي احد الايام اثار انتباهنا كلمات مكتوبه بالحفر على الجدران وباللغه العربيه والكلمات هياخواني العراقيين ان صاحب البيت (وهو بولوني) حرامي انه سوف يختار يوما معينا ويدخل عليكم شخصيين بملابس الشرطه البولونيه شاهرين مسدساتهم وهم يصرخون بوليس بوليس ثم يقوم صاحب البيت بالتباكي والمسكنه امام الذين ينتحلون صفه الشرطه ثم بعد ذلك يتوسط بينكم وبينهم مقابل مالديكم من مال لاتصدقوهم انها خدعه وهم لصوص هدفهم سرقتكم واظهروا لهم القوه والتماسك وان قرروا اعتقالكم لاتمانعون فاذهبوا معهم لانهم كذبه مخادعين ولا تخافوا وثقوا بنا اننا اخوانكم العراقيين

ان هذه الكلمات مكتوبه في كل الجدران لتحذيرنا من خدعه هذا البولوني الماكر وحينما بدات تصلنا اخبار عن قرب الانتقال من محطتنا هذه الى محطه جديده وهي المانيا سمعنا في يوم من الايام ونحن نائمين متلاصقين لتوفير الدفئ صرخات في الظلام تتعالى بوليس بوليس واذا بشابين مفتولي العضلات مرتدين ملابس الشرطه البولونيه شاهرين مسدساتهم في وجوهنا وقد جمعونا في الغرفه الكبيره في الدار ثم وضع احدهم مسدسه على راس البولوني صاحب الدار والذي غرق بالبكاء والتوسل بهم ان يكونوا لطفاء معه بل انهم قد اتقنوا الدور الى درجه انهم ضربوه حينما بدا يظهر الدفاع عنا من خطر الاعتقال

واخيرا اقترح صاحب الدار البولوني ان نعطيهم ما لدينا من مال او اي شئ غلى ثمنه مقابل ان يتركونا فتسارع الافغان فاعطوا كل ما لديهم من مال وكذلك خواتمهم وحلي نسائهم واي شئ يلمع ذهبا وحتى الساعات وكنا نحن العراقيين قد تجمعنا في مكان واحد الاطفال والنساء والرجال فحينما وصل الدور لنا  صرخ الجميع صرخه واحده نو نو وهي كما تعلمون تعني لا لا وكلما اشتدوا علينا اشتدت صرخات الرفض وان لمحنا اي ضعف بالتنازل من اي فرد كنا نصرخ عليه بالصمت وترك الامر لنا  ثم قالوا اذن الى مركز الشرطه انتم معتقلون فكان الرد منا سريعا حيث كنا اسرع منهم في لملمه حاجياتنا قائلين لهم هيا هيا نحن ذاهبون معكم وامام هذا الموقف تركونا هاربين دون ان ياخذوا قرشا واحدا منا

امام دهشه الافغان والجنسيات الاخرى الذين لايجيدون العربيه ليقرا ماموجود على الجدران وهي نصيحه اخواننا العراقيين الذين سلكوا قبلنا الطريق نفسه ولكن لم نرى اي من الافغان يفكر باخوانه القادمين خلفه ويترك نصيحه بالافغاني لهم حتى لايقعوا في هذا الفخ الصعب في حين قمنا نحن وفي لحظات من الغفله من صاحب الدار بتقويه اثار الكتابه الموجوده على الجدران لتكون واضحه ومقرؤه لاخواننا العراقيين القادمين خلفنا لااعلم اي شئ الذي جعلنا نفكر باخوان لنا في الطريق ولم يفكر الافغان وغيرهم باخوان لهم ربما يسيروا نفس طريقهم انها غيره العراقي التي نحملها والتي هي ملتصقه بنا لانستطيع الخلاص منا لانها هويتنا

واليوم وانا اشاهد مايحصل في بلدي من قتل وتقتيل بين ابنائه انا اعلم انها افكار وافده من خارج حدود هذا البلد الامين الغيور انها افكار لا تمت بصله لهذا الوطن وفي غفله من العراق الابي دخلت وسممت بعض من ابنائه مثلما يحل اي وباء يصيب الضعيف في حين القوي يبقى منيعا

واثق جبار عوده - السويد

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك