المقالات

مكابدات المواطن العراقي بين المشروع واللامشروع

1855 01:26:00 2006-08-15

( بقلم المحامي طالب الوحيلي )

الملف الامني هو اكثر الامور تعقيدا وضغطا على حياة المواطن العراقي الذي تلاشت في عينيه كافة المساحات الراقية في حريته التي نالها بصبره المر وصراعه الدموي مع النظم الاستبدادية التي حكمت العراق ثمانين عاما والتي وضعته في الكفة الخاطئة لمعادلة الحكم والحياة،هذه المعادلة التي يحق لنا وصفها بالظالمة على وفق كافة المقاييس الانسانية او الطبقية او الاثنية مادامت اغلبية الشعب هي المحكوم ولايد لها في امر او نهي عنه في سياق تداول السلطة او وضع اسسها ،وبما تحقق لنا بعد سقوط النظام البائد فانه يعنى واحدة من المسلمات المنطقية لنضال الشعوب المضطهدة بعد ان اتخذت حركتها باتجاه تلك الغاية وجوها مختلفة سياسية وجهادية واقتصادية ،واشكالا متعددة بين الرفض الصامت او الفعل الايجابي في دحر ماكنة الدمار التي تكونت عبر عشرات السنين فاوجدت لها قواعد وثقافات من العسير محوها الا ان يكون هناك مقابل من الدماء والدمار والخراب ينبغي ان يقابله استعداد مادي ومعنوي وتعبئة عقائدية قادرة على احتواء الوسط الجماهيري الذي تكاد تتقاذفه امواج بحر هادر تثيرها رياح متعددة الاتجاهات وارهاصات تصيبه في جوهر قراره ومشاعره المفعمة بالصبر المستفز والامل المستمد من ايمانه بتكليفه الديني واعتقاده بالقوى الروحية التي يتبعها دون انقياد اعمى ولكن عبر وعي ولائي متين ،بيد ان جدلية الواقع تضغط على هذا التصور كثيرا ،ولعل البعض قد وجد في موروثنا الاسلامي اكثر من مصدر للاحتجاج ،فابسط العراقيين الذين خرجوا نافضين تخلفهم الحضاري ومؤدين لفعالية متطورة جدا في عرف المفاهيم العالمية للديمقراطية ،يعرفون جيدا ماذا وصف معلمهم الاول الامام علي (ع) الفقر ،وكيف استفز الجوع ابي ذر الغفاري واثار تعجبه ممن بات جائعا ولم يستل سيفه ،وكيف يتعاطى الفكر الاسلامي وفلسفته مع الاقتصاد ونظرياته حتى تفوق على ارقاها .

السنين العجاف التي عاشها المواطن العراقي على مختلف مستويات ثقافته،في زمن شحبت الوانه السياسية والايديلوجية واتخذت الصبغة الزيتونية ،استطاعت افراغ محتوياتها في الكثير من التقاليد الاجتماعية والسياسية المستفزة بالخوف اليومي الذي اختبأت وراءة سيادة نظام مرغم على التمادي في التصفية الجسدية وتسويق لغة العنف المستتر او العلني دون ان تحده حدود القانون الانساني او تلجمه سلطة المجتمع الدولي المنقاد الى مصالحه المطلقة ،كحال التعامل مع كافة الازمات الدولية التي تكون الشعوب المضطهدة طرفا فيها ،لذا فقد تنازعت المواطن العراقي اشكاليات عديدة مثل التعاطي مع العمل السياسي الصرف تحت ارهاب سياسات الماضي ،مع ان لدى الاكثرية رؤية واضحة للواقع من خلال تحليله من وجهة نظر عقائدية ،مادامت لديه منهجية الالتزام بالتكليف الشرعي ،ويقينه بمصداقية المدرسة الاسلامية التي اخذت اصولها من التراث الفكري للعترة الطاهرة والقدرة الفائقة في تطبيق قواعدة على الواقع الملائم كثيرا لها في ظل انهيار الكثير من الايديلوجيات وهزيمتها المادية والمعنوية.

نحن الآن امام عدة مستويات من نماذج الصراع ،أمام حزب منحل قانونا ولديه قواعد مازالت ترفض هذا القانون ،وتستقتل من اجل استعادة هيمنتها ،واثبات جدارتها في استخدام اهم مفردات صيرورتها وهي الافراط في العنف والقسوة ،واستثمار مبدا الغاية تبرر الوسيلة ،مع استحضارها لكل وسائل القتل التي تعلمتها في دهاليز ذلك النظام ومؤسساته ،وقد استفاد هؤلاء كثيرا من الولوج في صلب المؤسسة الحكومية الحالية عبر خبراتها واستحواذها على قمم الهيكل الإداري ،إضافة الى تراخي الحكومة في تطبيق قوانين الحد من نفوذ تلك العناصر .وأمام حركات إسلامية تبنت اسلوبها الإنساني و الحضاري ونبذ العنف منذ سقوط الطاغية ،محاولة فرض نظام قانوني يؤسس لدولة المؤسسات وقد اجتمعت عليها كلمة الأغلبية التي توحدت عبر نسق متجانس بين تأريخ جهادي وتضحوي وحرص على اشاعة حياة هانئة لشعب مل الفقر والحرمان ،وقد افلح هذا التوحد في قطع اهم مراحل الطريق الى الهدف عبر معارك الانتخابات وعبر الصبر المر على تحمل اقسى الظروف الاقتصادية والامنية التي شهدها العراق ،وذلك محل اختبار واختيار الجميع ،أي الشعب الذي وضع كامل ثقته بقواه السياسية ،والقوى التي وجدت كينونتها من خلال مظلومية الشعب .

وامام قوى دولية اتخذت شكل قوات الاحتلال مرة وقوات متعددة الجنسيات مرة اخرى ،وهي تراهن مرة على انجاح انموذجها الذي قدمت فيه الى الشرق الاوسط بعد ان لوحت به كثيرا ،وهي بذلك تكفر عن اثامها في الوقوف وراء الانظمة الاستبدادية التي حكمت او تحكم العالم العربي او غيره،فيما تتخذ هيئة المتصاغر ازاء مشاكل لايمكن ان تعجزها عن ايجاد الحلول السهلة لها لما اشتهرت به من قدرات اقتصادية وتقنية اوقفتها في قمة العالم السياسي واهلتها لرسم خرئط الارض كيفما تشاء ،وذلك كله اثر على مصداقيتها منذ الصفحات الاولى لتدمي البنى التحتية للدولة العراقية ،واستصدار القرار المجلس امني 1483 ليجد المواطن وقواه السياسية امام خضم كبير من صراع مع معسكر الارهاب المحلي والدولي امام انظار تلك المؤسسة العسكرية التي تمتلك ارقى تكنولوجيا عسكرية ومعلوماتية في العالم ،لكنها قد عكست عجزها البائس في الحد من مفردات التفخيخ والتفجير اليومي ،او رصد تحركات الزمر الارهابية وابسط مواطن يعلم ان اقمارها الصناعية قادرة على سبر اغوار الارض والبحار فما بالها تعجز عن مراقبة مدن كاملة تستولي عليها جيوش الارهاب ؟!ما هو موقف المواطن العراقي اليوم لاسيما ابناء المحافظات الوسطى والجنوبية التي تشكل أصل وادي الرافدين ،وكيف يتسنى لها إدارة نفسها ذاتيا عبر تشكيل إقليمها الفيدرالي وهي تعد ذلك ملاذا لها من عودة النظم الانقلابية الاستبدادية ،آملة التمتع بثرواتها الطبيعية الهائلة التي طالما حرمت منها كما العيس في الصحراء يقتلها الضما... والماء فوق ظهورها محمول .

وما هو موقف سكنة بغداد العاصمة وقد صار التنقل فيها محفوفا بخطر القتل على الهوية ،واستحال على زوار الائمة الكاظميين عبور جسر الائمة ،لان ذلك جرم يبيح ذبح من يقع بايدي من نسي عراقيته واصوله الكريمة ،اواستباحة مدن بكاملها ،واقتطاع اليرموك لميليشيات معينة وحي العامرية ممنوع دخول قوات الحكومة فيها ،لانها تحت حماية حزب ما و.. و..وكل ذلك دون ان نسمع بان قانون ما قد طبق بحق القاتل او المحرض او الداعي لحرب اهلية..الخ..الخ!!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك