المقالات

حتى لاتهيمن ثقافة العسكرتاريا على ثقافة المجتمع المدني المعايير الصحيحة للتعاطي مع مجالس الصحوات والاسناد


( بقلم : احمد عبد الرحمن )

شغلت في الاونة الاخيرة قضية مجالس الصحوات، وقضية مجالس الاسناد، حيزا كبيرا من اهتمامات وسائل الاعلام والاوساط والمحافل السياسية، الاولى لان القوات الاميركية سلمت ملفها بالكامل الى الحكومة العراقية، والثانية لانها اخذت تتشكل في محافظات عديدة تتمتع بأوضاع امنية جيدة، الامر الذي دفع الى طرح تساؤلات وعلامات استفهام كثيرة وكبيرة حول مغزى وجدوى تشكيل مثل تلك المجالس، في وقت ينبغي تقوية الحكومات المحلية وتعزيز وتفعيل صلاحياتها وصلاحيات وادوار ومهام ووظائف مجالس المحافظات، ومختلف الاجهزة الحكومية.

ولعله معروف لدى الكثيرين ان مجالس الصحوات تشكلت في محافظات ومناطق عديدة اولها وابرزها محافظة الانبار في صيف عام 2006، في خضم ظروف واوضاع امنية حساسة وخطيرة، كان من بين ابرز معالمها ومظاهرها سيطرة تنظيم القاعدة الارهابي وتنظيمات ارهابية اخرى على مناطق واسعة من محافظات مثل الانبار وديالى والموصل وبغداد، وبمرور الزمن تزايدت اعداد منتسبي الصحوات من الاف قليلة الى عشرات الالاف، ومع حصول تحسن كبير في الاوضاع الامنية اصبح لزاما على الجهات المعنية ان تضع اليات وسياقات للتعاطي مع تلك المجالس بشكل يضمن استيعاب واحتواء العناصر الجيدة في الاجهزة الحكومية الامنية والعسكرية والمدنية، أي ان عملية فرز وتمحيص دقيقة لتلك المجالس امر لابد منه، لان هناك اسماء وهمية كثيرة، وهناك اناس انخرطوا في مجالس الصحوات وهم في الواقع منتسبون لمؤسسات حكومية ويتقاضون رواتبا وحقوقا من الدولة، وهناك اناس كانوا يعملون في تنظيمات ارهابية وضالعين في جرائم ضد ابناء الشعب ووجدوا في وقت من الاوقات ان الخيار الافضل لهم الانخراط في مجالس الصحوات، وهكذا..

عملية الفرز والتمحيص هذه ستضع الامور في نصابها الصحيح، وتوجهها بالمسار الصائب والسليم، دون ان يكون هناك حيف وغبن، ودون ان يكون هناك تجاوز وفساد اداري ومالي، ودون ان تكون هناك اختراقات من قبل عناصر سيئة ومجرمة للمؤسسة العسكرية والامنية للدولة.

الى جانب ذلك فأن بقاء مجالس الصحوات على حالها، امر غير منطقي ولامقبول لان الحاجة اما انتفت من وجودها او انها على وشك الانتفاء، وبقائها دون مبررات واسباب مقنعة وملحة، ناهيك عن استمرارها بأستقطاب المزيد من العناصر يمثل توجها نحو ترسيخ وتكريس مبدأ عسكرة المجتمع والترويج لثقافة العسكرتاريا، وهذا امر خطير وينطوي على تبعات واثار سلبية، ان لم يكن على الصعيد الاني-المرحلي، فعلى المدى المستقبلي البعيد، لانه يفضي الى انحسار المجتمع المدني الذي اخذ بالتشكل والتبلور بعد الاطاحة بنظام صدام، من خلال المساحة الواسعة للحرية السياسية والاعلامية والفكرية في ظل افاق رحبة وفضاءات مفتوحة وادوات ووسائل متنوعة للتعبير.وقد لايختلف الامر كثيرا مع مجالس الاسناد، فهي وان اختلفت في التسمية فأنها ربما كانت من حيث الجوهر والمضمون متماثلة-او مشابهة الى حد كبير-مع مجالس الصحوات، مع اختلاف الظروف والاوضاع التي حتمت ورافقت تشكيلها وظهورها.

فمجالس الاسناد راحت تتشكل في محافظات ومناطق امنة ومستقرة، والحكومات المحلية ومجالس المحافظات واجهزة الدولة فاعلة ومتحركة فيها، وراحت تتشكل وفق سياقات بعيدة عن الضوابط الدستورية، وهي من جانب يمكن ان تفضي بشكل او باخر الى عسكرة المجتمع، وكذلك يمكن ان تفضي الى حدوث تصدعات وتقاطعات في البنى الاجتماعية العشائرية بسبب تباين مواقف ابناء ووجهاء وشيوخ العشائر من تشكيلها، فضلا عن كونها من غير الممكن ان تستوعب الجميع، وعلى افتراض تم ذلك فأنه لن يحصل وفق معايير واسس عادلة بالنسبة للجميع.ان الاتجاه الى استقطاب مكونات اجتماعية عشائرية او حتى غير عشائرية وادخالها وقولبتها في منظومات وعناوين معينة واسقاط طابع ولون عسكري عليها يؤدي شئنا ام ابينا الى توسيع مظاهر العسكرة في المجتمع، ليس في داخل الهيكل الرسمي الحكومي للدولة بل في خارجه، في الوقت الذي اخذت تنطلق دعوات من اتجاهات مختلفة لتحجيم وتقليل المظاهر والاجواء والمناخات العسكرية في المدن والشوارع ومختلف الاماكن والمواقع، سيما مع التحسن الكبير في الاوضاع الامنية، والاتجاه الى التركيز-من اجل ضبط الاوضاع الامنية بدرجة اكبر وافضل-على الجانب الاستخباراتي غير المكشوف.

ودون شك فأننا لانحتاج في هذا الوقت الى تشكل مجالس الاسناد، لنأتي بعد عام او عامين نفكر في كيفية دمج افراد تلك المجالس واستيعابهم في مؤسسات الدولة، بل الشيء الصحيح هو توفير المشاريع والبرامج والخطط المناسبة لزج عناصر مجالس الاسناد، او ممن يفترض انهم سينخرطون فيها، في مؤسسات ودوائر الدولة كل حسب تخصصه وتحصيله وكفاءته وقدرته.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك