المقالات

عالم المخابرات –13 سلمان شمسه و جمال عبد الكريم حسن

1999 23:12:00 2006-07-24

( بقلم قاسم محمد الكفائي )

هذان الشخصان عاشا ضيم تبعات هروبهما من الخدمة العسكرية إبان العهد البائد أيام كانت الحرب قائمة ما بين العراق وإيران . هربا معا ومارسا مهنة صناعة الخبز ( خبّاز) في بغداد ودهوك حتى استطاعا الهروب من العراق عبر حدود وطننا العزيز الى أيران . فعاشا في الأهواز واشتغلا فيها بنفس المهنة آنفة الذكر ولسنين .

حاولا الخروج من ايران الى الباكستان فنجحا حتى وصلا اسلام آباد واستقرا في مدينة راولبندي وافترقا هناك ، كل شخص عاش في مكان مختلف . كانت السفارة العراقية لها عناصرها تعمل في صفوف اللاجئين فتنقضُّ على فريسةٍ ضعيفةِ الأرادةِ ، خاويةٍ من داخلها بسبب قهر الغربة وتبعاتِها . في عام 1989كما أتذكّر عاد سلمان شمسه الى العراق عن طريق السفارة بتأثير مباشر من المدعو مهدي كاظم المسيباوي الذي كان لاجئا خبيثا بيننا وهو الآن في دولة النرويج . كان سلمان طيّبا ، دَمِثا وبليدا من أهالي كربلاء ، لا يتجاوز عمره آنذاك الثامنه والعشرين بحسب تقديري . كما أخبرني جمال أنه حاول إقناعه بالعدول عن قراره بعدم العودة الى العراق لكن تأثير مهدي كان أكثر وبخبث .

كان من المفروض وحسب الأتفاق مع سلمان إرسال أية إشارة من العراق تفسر وصوله بسلام ويعيش مع عائلته ، لكن هذا لم يحدث . بالأمس القريب أيَّ قبل الشروع بكتابة حلقتنا هذه اتصلت بأحد أصدقائي العراقيين المطلعين وسألته فيما اذا كان له أي خبر عن سلمان فاخبرني بالنفي وأنه حاول لقائه بالعراق خلال سفرته قبل عام فلم يفلح .أما جمال بقى صامدا في دار الغربة في الباكستان حتى سفره الى كندا عن طريق مكتب اللاجئين في اسلام آباد . جمال الذي يبلغ من العمر بتقديري والى حد 1997 حوالي 38 عاما . قصير القامة ، ضعيف البنية من أهالي مدينة الثورة في بغداد ، وحسب زعمه هو كان أبوه بالأصل هو من مدينة شهربان . كان يحس بآلام في صدره ويخرج منه –البلغم – بسبب الضيم الذي عاناه ، وعدم فهمه في مواجهته . وصل الى مدينة تورونتو قادما من الباكستان عام 1992 ، وانتقل الى هاملتون ، ثم مدينة لندن أونتاريو ، وعاد الى هاملتون .

في آخر أيامه من عام 1997 أحسّ جمال بفشله في حياته عندما يرى أصدقائه العراقيين يشتغلون ، ويجمعون المال ، ويسوقون سياراتهم الخاصة بينما هو يبحث عن عمل فلا يجده ، ويعيش على مساعدة الحكومة – الويلفير – التي لا تكفي لشراء - الدخان - الذي يتناوله باستمرار وافراط . كبُرَت المشاكل فيه واستعصيت بسبب سوء تفكيره هو ، وعدم فهمه بطريقة النجاة منها . كان وضعه النفسي في أيامه الأخيرة مزري ، وكان لا يجد حتى الأكل الذي يشتهيه أو يكفيه . ذات مرّة سألني عن مساعدته بايجاد فرصة عمل له ، فحاولتُ حتى تهّيئت في محل عربي ، لكنه رفضها ولم يباشر بها لأسباب نفسيه قاتله كانت تستعر فيه . في يوم مفجع من عام 1997إستُخبرَت شرطة مدينة هاملتون بانبعاث رائحة كريهة جدا من شقته الواقعة على شارع - ويلنكتن – كما اتذكر على مقربة من مركز هاملتون .

حضرت الشرطة الى مكان الحادث وكسرت الباب فوجدت جمال جثة هامدة متعفنة في حوض الحمام وفي بركة دم متجمّد . لقد قام بالأنتحار فقطع شرايين يده بطريقة المنتقم من نفسه حتى لقي حتفه، ودفن في مقبرة على الجبل كما يسمونها . كتبتُ هذه الحلقة حتى يَطلِع( آل شمسه ) على مصير ولدهم سلمان ، وعن الشخص الذي دفعه الى الموت بطريقة استخبارية ، وندعو الله تعالى أن يحفظه من كل مكروه . كذلك عن مصير جمال والقصة الحقيقية لنهايته تقديسا وتأكيدا للأمانة والمصداقية ، خصوصا وقد شرعنا هذه الأيام بكتابة حلقاتنا – عالم المخابرات – وكان بعضها يتعلّق بحقيقة معاناتي في كندا ، فلا أريد هنا أن يكون لدى أهله أو أية جهة أخرى َخلط ما بين مأساة وأخرى . فنقولها بأمانه أن جمال هو الذي نحر نفسه بنفسه بينما كان يعيش على المساعدة الحكومية – الويلفير .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك