المقالات

شعب التجربة المرة


( بقلم : علي الخياط )

كانت اغلب المجتمعات الانتقالية التي مرت في ظروف مشابهة لظروف العراق، من تغيير النظام الحاكم والانفلات الامني الذي سبق ظاهرة تفشي الفساد على مختلف تسمياته بسبب غياب الوعي وقلة الخبرة في الاعتماد على الكفاءات وتداخل القضايا واصطدام الاراء وربما يصل الى التخريب المتعمد احيانا من بعض الجهات المخربة وهذا مايحصل في الكثير من الاحيان، تساؤلات كثيرة مطروحة في اروقة الاوساط الشعبية عن ماهية الصيغة المقنعة التي ترضي ضمير المسؤولين في مكافحة داء الفساد الاداري المستشري بصورة متصاعدة في عموم الدوائر الرسمية وغير الرسمية.

الفساد ظاهرة مستمرة يتفاوت حجمها من محطة الى اخرى وبدرجات متباينة وهذا التباين يعكس مدى حجم(الفساد) من نظام الى اخر ففي النظم السياسية التي تمتلك تاثيرا قويا على مردودات ومنابع المال، ورجال واصحاب الثروة (المريشين) تاثيرا اكبر من غيره، مما يولد تزاوج النوايا في توفير الحماية المتبادلة بين هذه الاطراف الفاسدة ويؤدي الى استنزاف البنى التحتية للبلد،وخاصة ان هناك تساهل في تطبيق الشروط في المشروعات الاقتصادية،ولم تكن هناك مسائلة حقيقية للذين اخلوا في شروط العقود او ممن لم يكمل المشروع ،مع انه مستلم لكافة مستحقاته المالية ،ولانعرف من هو المسؤول عن هكذا فساد.

اما بعض المسؤولين (المسنودين) الذين هم بمنأى من المساءلة القانونية، ويتمتعون بحصانة من سؤال (من اين لك هذا) الذي يجب ان يطبق على الجميع بدون استثناء، وخاصة بعد الثراء الهائل لمسؤولين وموظفين وسياسيين على اختلاف سلطاتهم ووظائفهم، فمثلا مسؤول في دائرة ما لايتجاوز راتبه ثلاثة ملايين دينار، في فترة بسيطة لاتتعدى سنة الى ثلاث سنوات استطاع ان يمتلك عقارات او مزارع بمليارات الدنانير ،وهذا معروف للقاصي والداني واخبار المقاولات والعقود التي لاتوقع الا بعد استحصال (المعلوم) على حساب الجودة والامانة المهنية ،وهذا المعلوم يصل الى مبالغ هائلة ،والحمد لله كل ذلك يحدث بدون حساب او مساءلة من الدوائر المختصة مثل الرقابة المالية او النزاهة، في حين يترك المواطن البسيط في دوامة الحاجة والفقر ،خاصة بعد تصاعد الاسعار الجنوني و بشكل هائل بعد زيادة الرواتب للموظفين ،وازمات الوقود والكهرباء المستمرة والتي اصبحت تحتاج الى مورد اخر للمواطن ليستطيع ان يتعايش مع الوضع الحالي،و بابسط متطلبات الحياة والعيش بحياة حرة كريمة. ان الاختلاف في وجهات النظر السياسية هو سمة من سمات الحضارة واذا أستغل هذا الاختلاف بصورة صحيحة ربما يكون عامل أثراء وبناء، ولكن في الوقت نفسه قد يكون عامل هدم وتفرقة، أذا أستغل من أطراف تحاول بث الفرقة والفتنة واثارة الحساسيات بين ابناء الوطن الواحد.

من هنا تقع المسؤولية على عاتق رجال الدين والساسة الوطنيين لقطع الطريق على من تسول له نفسه لاستغلال الاختلاف المذهبي او القومي لغايات هدامة ،واحاطة المواطنين بالوعي وحسن النوايا لمنع تفاقم الازمات التي تنشأ بين الفرقاء من المكونات السياسية، ويجب ردع اي سياسي ،يحاول تحويل الوضع الاجتماعي من سياسي الى عرقي او قومي ،وأثارة المشاعر لانتماءات طائفية لتضعيف الموقف الوطني وكسب ثمار آنية محدودة دون التفكير بما ستئول اليه الاحداث في حالة انفجار الاوضاع ،وخاصة نحن نعيش على فوهة بركان ،ايل الى الانفجار في أي لحظة ،اذا لم تعالج الاوضاع في كركوك ،بروية وسعة صدر ،وتقبل الاخر دون حساسية ،وتغليب المصلحة الوطنية ،على الشخصية الانية ،ولااعلم ماذا سيكون وضع الخاسر او الكاسب اذا أحترق الشعب في الفتنة الطائفية او القومية والحرب الاهلية التي يراهن عليها اعداء العراق، لاسمح الله

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك