المقالات

ابعاد التحالف الاستراتيجي بين الائتلاف العراقي والتحالف الكردستاني في انجاح العملية السياسية


( بقلم : احمد عبد الرحمن )

الذي يتابع مسارات وسياقات العملية السياسية في العراق منذ الاطاحة بنظام صدام في التاسع من نيسان-ابريل من عام 2003 وحتى الان، لابد ان يتوقف عند مواضع الحراك السياسي الفاعل، والعناصر والادوات التي غالبا ما تقوم بمعالجة الازمات وفك العقد وحلحلة المشاكل، وتجنب دفع الامور الى طرق موصدة وانفاق مظلمة.وهذه العناصر والادوات قد تكون شخصيات دينية او سياسية، او عشائرية او فكرية، وقد تكون احزاب وقوى سياسية فاعلة ومؤثرة، وقد تكون تحالفات بين اكثر من طرف مبنية على ثوابت ومباديء وطنية تتجاوز الى حد كبير الاطر الضيقة والخاصة والفئوية.

وبعيدا عن الشخصيات والاحزاب والقوى، وقريبا من التحالفات، يمكن القول ان التحالف الاستراتيجي بين الائتلاف العراقي الموحد الذي يمثل الكتلة البرلمانية الاكبر، والتحالف الوطني الكردستاني، الذي يمثل الكتلة البرلمانية الثانية، مثل احد مرتكزات واسس العملية السياسية في العراق، واحد ابرز عوامل نجاحها واستمرارها بالرغم من التحديات والمشكلات والعقبات التي واجهتها من مصادر داخلية وخارجية طيلة الاعوام الخمسة الماضية، وعلى مختلف الاصعدة السياسية والامنية والاقتصادية. وفي واقع الامر ان التحالف بين الائتلاف والتحالف لم يأت من فراغ، ولم يكن وليد ظروف ما بعد الاطاحة بنظام صدام، بل ان جذوره التأريخية تعود الى مطلع ثمانينات القرن الماضي، حينما دخل النضال ضد نظام البعث الصدامي مرحلة جديدة من المواجهة.

ومع مرور الوقت كان التحالف بين الجانبين يتنامي ويترسخ ويتقوى، رغم انه كان طوال الوقت يمثل جزءا من عمل واسع ومتعدد الجوانب والابعاد للمعارضة العراقية ضد نظام صدام من اماكن وساحات وميادين مختلفة.وكان المجلس الاعلى الاسلامي العراقي، متمثلا بالدرجة الاساس بمؤسسه وزعيمه حتى صيف عام 2003 شهيد المحراب اية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم، دورا محوريا ومهما في بناء ارضيات واسس سليمة وركائز قوية لذلك التحالف.

حيث انه الى جانب المنهج السياسي للمجلس الاعلى القائم على التعامل مع الجميع، والعمل والتحرك بأتجاه حشد كل الامكانيات والقدرات والطاقات لمواجهة نظام صدام وتخليص الشعب العراق منه، والى جانب الشخصية القيادية الفذة لشهيد المحراب ومرونته وقدرته على التعاطي مع اصعب واحلك الظروف، فأن الاضطهاد والظلم والقمع والاستبداد الذي تعرض له كل من الكيانين الشيعي والكردي بدرجة اكبر من الكيانات والمكونات الاخرى، طيلة عقود من الزمن، عمق القواسم والهموم المشتركة بينهما، ووفر الاجواء والمناخات والظروف المناسبة لصياغة رؤى ووجهات نظر ومواقف موحدة بشأن الكثير من القضايا السياسية المحورية، ولعل "التحالف" او "التوافق" بين الكيان الكردي، والكيان السياسي الشيعي عموما، والمجلس الاعلى على وجه الخصوص، مثل ابرز معالم وملامح مرحلة المعارضة العراقية، وكان نظام صدام يتوجس كثيرا من العمل المشترك بين هذين الكيانين لادراكه لحجم تأثيرهما وحضورهما وفاعليتهما ارتباطا بالقواعد الجماهيرية الواسعة لكل منهما في معظم مناطق العراق من شماله وحتى اقصى الجنوب مرورا بوسطه وغربه وشرقه.

ولاشك ان ذلك انعكس بوضوح كبير على مرحلة مابعد المعارضة، أي بعد الاطاحة بنظام صدام، فمنذ وقت مبكر كانت التوافقات السياسية المرتكزة على عمل متواصل لاكثر من عقدين من الزمن بين الكيانين محور الحراك السياسي، فتشكيل مجلس الحكم، ومن ثم الحكومة الانتقالية الاولى، والانتخابات البرلمانية الاولى، وكتابة واقرار قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، واجراء الانتخابات البرلمانية الاولى وتشكيل الحكومة الثانية، ووضع الدستور الدائم، ومن ثم تشكيل الحكومة الثالثة، ما كان لها ان تتحقق في خضم اوضاع صعبة ومعقدة وتحديات حساسة وخطيرة لولا التوافقات السياسية التي بلورت في مرحلة لاحقة تحالفا سياسيا استراتيجيا ذات اطار واسع وعريض نجح في استقطاب عناوين اخرى، ساهم في التخفيف من حدة الكثير من الاحتقانات، واستيعاب واحتواء ازمات وعقد خطيرة في بعض الاحيان رافقت العملية السياسية منذ انطلاقة مسيرتها وحتى الان، ولعل الازمة الاخيرة بشأن قانون انتخابات مجالس المحافطات وقضية كركوك تعد مثالا حيا على ذلك، اذ ان ما حال دون تفجر الاوضاع حول هذه القضية هو طبيعة التحالف الاستراتيجي بين الائتلاف والتحالف المبنى على ثوابت ومصالح وطنية عامة، لاتؤثر فيها الحسابات والمصالح الخاصة لهذا الطرف او ذاك، ولا تلغيها الاختلافات في الرؤى والمواقف ووجهات النظر حول بعض التفاصيل والجزئيات.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك