المقالات

التوافقات السياسية وتأجيل قانون انتخابات مجالس المحافظات


( بقلم : احمد عبد الرحمن )

انتهى الجدال والسجال الطويلين حول قانون انتخابات مجالس المحافظات، وبالتحديد المادة(24) منه المتعلقة بوضع مدينة كركوك الى تأجيل التصويت عليه من قبل مجلس النواب الى الفصل التشريعي المقبل، في شهر ايلول-سبتمر من العام الجاري، وتشكيل لجنة من رؤساء وممثلي الكتل السياسية البرلمانية لبحث ودراسة الموضوع والسعي للتوصل الى حلول توافقية بين الفرقاء، وفي حال تم ذلك فأنه يصار الى دعوة مجلس النواب من قبل هيئة الرئاسة الى عقد جلسة استثنائية للتصويت خلال عطلة البرلمان دون الحاجة الى انتظار بدء الفصل التشريعي اللاحق.

والاخذ بهذه الصيغة للحؤول دون الوصول الى طريق مسدود، جاء بعد اصرار ما يسمى بقوى الثاني والعشرين من تموز-في اشارة الى الاطراف التي صوتت على قانون انتخابات مجالس المحافظات-على عدم حصر تأجيل الانتخابات بمدينة كركوك فقط، بل تأجيلها في كل محافظات العراق الى العام المقبل، من دون تحديد افق او سقف زمني واضح المعالم والملامح.

وسواء ارتبط خيار التأجيل العام بحسابات او اجندات سياسية خاصة، او حكمته ظروف ومعطيات واقعية، فأن الفريق الاخر الذي يتمثل بالتحالف الكردستاني، وجزء من الائتلاف العراقي الموحد، والمستقلين، كان بأمكانه ان يمرر قانون الانتخابات المعدل على ضوء مقترحات وتوصيات ممثل الامم المتحدة في العراق ستيفان دي مستورا القاضية بتأجيل الانتخابات في كركوك فقط دون غيرها من المحافظات، حتى يتم تهيئة الارضيات والمناخات الملائمة لاجرائها، كان بأمكان ذلك الفريق تمرير القانون عبر الية التصويت لانه احرز وجود اغلبية تضمن تمريره، لكنه نزل عند رغب فريق دعاة التأجيل العام، رغبة منه في الابقاء على ابواب البحث والنقاش مفتوحة للتوصل الى حلول توافقية من شأنها تخفيف حدة التشنجات والاحتقانات وتوفر الاجواء السياسية المناسبة لخوض الاستحقاق الانتخابي القادم.

رئيس كتلة المجلس الاعلى الاسلامي العراقي في مجلس النواب العراقي(البرلمان)، الشيخ جلال الدين الصغير قال في تصريحات صحفية بعد انتهاء جلسة البرلمان الاستثنائية يوم الثلاثاء الماضي، السادس من اب-اغسطس الجاري، التي تم فيها التصويت على الموازنة المالية التكيميلية "ان النصاب كان مكتملا في جلسة اليوم، وقدرتنا على التصويت بحسم الموضوع لخيار الأمم المتحدة كان طاغيا خصوصا بعد انضمام التيار الصدري لمؤيدي خيار الأمم المتحدة وكان الطرف المعارض مفككا بدرجة كبيرة جدا، ولكننا لم نندفع باتجاه انهاء الأمر بعملية التصويت امتثالا لواقع سياسي كنا نرى حاكميته منذ البداية للبت في المواضيع الشائكة والمعقدة وهو واقع ايجاد توافق بين المكونات السياسية الأساسية، وبناء على طلب خاص من الحزب الإسلامي بعدم حسم الأمور اليوم والتريث بعض الوقت حتى يكون الحزب الإسلامي قادرا على اشراك آخرين معه في قضية تمثيل المكون السني العربي مع العلم إنه كان مؤيدا لمقترح الأمم المتحدة، ولهذا تريثنا في موضوع البت في التصويت لأننا لم نرغب أن نتخلص من مشكلة التصويت لنقع في سجال سياسي من جديد بدعوى الاقصاء والتهميش الذي كان البعض يتذرع به.وبحسب مصادر خاصة من داخل البرلمان فأن عدد النواب من فريق دعاة التأجيل العام الذي حضروا جلسة الثلاثاء لم يتجاوز الخمسين نائبا من الكتلة العربية للحوار الوطني بزعامة صالح المطلك، والقائمة العراقية بزعامة الدكتور اياد علاوي، وكتلة حزب الفضيلة، وكتلة الدكتور ابراهيم الجعفري، بينما تعدى عدد النواب من فريق دعاة تبنى مقترح الامم المتحدة مائة وخمسين نائبا من الائتلاف العراقي الموحد والتحالف الكردستاني، وكذلك التيار الصدري، الذي ايد خيار تأجيل الانتخابات في كركوك فقط.

واذا كان البعض يرى في ان تأجيل طرح القانون بصيغته المعدلة وفق مقترحات ممثل المنظمة الدولية يمكن ان يساهم في ترطيب الاجواء واعطاء فسحة اكبر وفي دوائر مصغرة لرؤساء وممثلي الكتل السياسية للتداول في الخيارات المطروحة والممكنة بعيدا عن التشنج والانفعال والمزايدات عبر وسائل الاعلام، فأن البعض الاخر يعتقد ان التأجيل يمثل في جانب منه هروب –او تهرب- من مأزق كبير، تترجمه التقاطعات الحادة في المواقف، الى جانب عدم التهيوء والاستعداد الحقيقي للاستحقاق الانتخابي القادم لدى عدد من القوى، والخشية من فقدان بعض، او حتى قدر كبير من المكاسب السياسية المتحققة في مراحل سابقة.

ولعله على ضوء المعطيات الجديدة، يمكن القول ان هناك قبولا واقرارا من مختلف الكتل والكيانات السياسية، وان بنسب ومستويات متفاوتة، للابقاء على الوضع الراهن على ما هو عليه حتى نهاية العام الجاري في ادنى التقديرات، بالنسبة لمدينة كركوك ومجمل الحالة العامة في العراق. فقد بات امرا مفروغا منه عدم امكانية اجراء الانتخابات من النواحي الفنية حتى لو تم التصويت على القانون في التاسع من الشهر المقبل، وهو موعد استئناف جلسات البرلمان بفصله التشريعي الجديد، فالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات رجحت اجراء الانتخابات العام المقبل، حيث قال رئيسها السيد فرج الحيدري "أن عدم إقرار قانون الانتخابات من قبل البرلمان العراقي، يعني إيقاف العديد من الإجراءات التي تحتاج المفوضية العليا للانتخابات لتنفيذها بموجب هذا القانون، وان اجراءات عديدة كان من المفترض اتخاذها مع إقرار قانون الانتخابات، منها نظام العد والفرز وتسجيل الكيانات السياسية، وإعداد القوائم بالمرشحين للانتخابات، فضلا عن تدريب 250 ألف شخص كمراقبين في المراكز الانتخابية، بيد ان تأجيل إقرار قانون الانتخابات، سيتطلب من المفوضية تحديد موعد جديد لإجراء الانتخابات في العام المقبل على أساس إقرار القانون في شهر أيلول المقبل".

في ذات الوقت عبرت بعثة الأمم المتحدة في العراق، عن أسفها لضياع فرصة إقرار قانون انتخاب مجالس المحافظات في البرلمان العراقي خلال الفصل التشريعي الحالي، مشيرة الى ان المنظمة الدولية قامت بتقديم كل ما في وسعها من أجل تمكين جميع الأطراف العراقية من التوصل إلى قانون انتخابات، بما يسمح بإجراء الانتخابات في العام الحالي". الى جانب ذلك فأن العمل بالمادة 140 من الدستور العراقي المتعلقة بأجراء التطبيع والاحصاء والاستفتاء في مدينة كركوك ستواصل عملها بالشكل المعتاد.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك