المقالات

العراق كركوك وكركوك العراق


( بقلم : حاتم كريم الدراجي )

يرفض العراقيون أي نوع من الانفصال الجغرافي والسياسي في كركوك، وكثيرا ما قوبل مطلب الانفصال بالرفض الشعبي والرسمي، ليس لكونه يشكل خلخلة لتراب الوطن العراقي وتركيبته الشعبية فحسب، ولكن لأنه أيضا يشكل استغلالا لواقع سياسي جديد نشأ بعد سقوط النظام السابق . وليس أدل على ذلك من رفض عرب وتركمان كركوك أنفسهم لأي محاولة للانسلاخ عن التراب العراقي، واندلاع المظاهرات مؤخرا للتعبير عن هذا الرفض المطلق للانضمام إلى إقليم كردستان.

حيث يسكن كركوك مزيج متجانس من قوميات مختلفة من الأكرادالعرب التركمان الآشوريين الكلدان والأرمن. كركوك عرفت منذ القدم بتجانس قومياتها المختلفة لكن هذا التجانس طرأت عليه تغيرات منذ ثمانينيات القرن المنصرم حيث قامت حكومة الرئيس المقبور صدام حسين بإجبار الأكراد و التركمان على الرحيل من ديارهم وقراهم في مدبنة كركوك كجزء من سياسة منظمة عرفت بسياسة التعريب. ومدينة كركوك كانت ولم تزل موضع خلاف وجدل حول عرقية المدينة التأريخية الموغلة بالقدم. يذكر إحصاء أجرته السلطات قبل إبريل/نيسان عام 1920م أن مجموع سكان كركوك كان 92 ألف نسمة. و قد توزع السكان وفقاً للمجموعات الدينية التاليةالفئة مسلمين سنة مسلمين شيعة يهود مسيحيين ديانات آخرى المجموعالعدد 85,000 نسمة 5,000 نسمة 1,400 نسمة 600 نسمة غير محدد 92,000 نسمةالنسبة المئوية 92.4% 5.4% 1.5% 0.7% غير محدد 100%

ولا جدال في خطورة الدعوة إلى مثل هذا الانفصال على العراق خصوصا في الفترة الحالية، فالانفصال يعني أولا فتح الباب أمام كومة النار العرقية والطائفية والإثنية والدينية التي قد تحرق الشعب العراقي بأكمله، خاصة في ظل عدم وجود حكومة مركزية قوية حتى الآن. ووسط هذه المخاطر ارتفعت الأصوات العراقية سواء داخل الجمعية الوطنية أو خارجها لرفض مثل هذه المطالب الرامية لخلخلة الأوضاع في العراق أكثر مما هي عليه الآن. ومن المشاكل الانفصال ايضا هي تدخل دول الجوار التي تعتبر قضية الاكراد قاسما مشتركا بين العراق وتركيا وكثيرا ما شكلت كركوك حجر عثرة امام أي محاولة لتطوير العلاقات بين البلدين وقد جاء أول رد فعلي تركي علي المطالب الكردية الأخيرة الداعية إلى انفصال كركوك على لسان وزير الخارجية التركي عبد الله غول الذي حذر من مغبة تغيير الوضع السكاني والجغرافي لإقليم كركوك.

وكثيرا ما رفضت تركيا انضمام كركوك لإقليم كردستان حتى لا تفقد أهميته الإستراتيجية كأول منفذ يتم من خلاله تصدير النفط العراقي إلى ميناء جيهان التركي، فضلا عن كون الانفصال يصب في زيادة المساحة الممنوحة لأكراد كردستان، واحتمالات مطالبة أكراد تركيا بوضع مماثل.  وفي ظل تصريحات متناقضة لرئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني(( إن الاقليم سيبقى جزءا من العراق طالما التزمت الحكومة العراقية بالدستور الدائم)).

ومن جانب اخر زيارتة الى محافظة كركوك واجتماعة مع رئيس مجلس المحافظة والاعضاء الاكراد وسط التقارير عن تحريك البيشمركة الكردية نحو مشارف المدينة والتهديداته في ضم كركوك الى كردستان بالقوة وهذا يدل على عدم احترام سيادة الدولة المركزية والاستخفاف بها وتصريحاته لن تكون من مصلحة احد .لكن اقول ياسيد برزاني حتى إذا ما سيطر الكرد على كركوك فإن دولة كردية مستقلة لا منفذ لها على البحر لن تتمكن من بيعه أو تصديره اذا ما رفضت دول الجوار التعاون معها للتواصل مع العالم، ناهيك طبعا عن توافر أساليب اخرى للحصار تجعل من هذه الدولة معتمدة بالكامل على المعونات الدولية في حال وجودها أصلا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك