المقالات

المقاومة .. فكر و ثقافة و أخلاق أين منها دعاتها ؟القاعدة و جيش المهدي نموذجا .. الحلقة الأولى


( بقلم : الدكتورة سناء الحربي )

في العراق اليوم تتناوشنا الهموم و المصاعب من كل حدب و صوب و تتشعب من حولنا القضايا و تتشابك الأحداث و تتعقد و لا نكاد في كل هذا الجو المشحون أن يجد احدنا فرصة للطمأنينة و راحة البال .. و مع الانفراج الملموس في الوضع الأمني إلا أننا ما زلنا مربكين حذرين فبين فترة هدوء و أختها فاصل لانفجار هنا و عملية اغتيال هناك و عبوة مفككة تزن مئات الكيلوات من تي أن تي و السي فور و غيرهما و هي و إن تم تفكيكها و وقى الله شرورها الأبرياء هؤلاء الذين هم ضحاياها المفضلون إلا أنها تقض المضجع و تشعرك أنك ربما تغط في حلم قد ينقضي في أية لحظة .. و معلوم أن الأمن و الأمان مفاهيم نسبية تقريبا و جزء من حقيقتها تتكفل به عوامل نفسية و أحاسيس عامة يشترك فيها المواطنون ، فقد لا تشهد منطقة أعمال عنف إلا أنه من الصعب أن يجمع أهلوها على أنهم يعيشون في حالة من الطمأنينة و الهدوء و الأمان . وفي الآونة الأخيرة لوحظ أن جهات من الصدريين يطلقون تهديدات مبطنة نأمل أنها ليست سوى فقاعات إعلامية سرعان ما تنفجر و يختفي أثرها . و لئن كانت الكلمة التي تسمعها من أي جوقة صدرية هي المقاومة فإنك لا تملك إلا أن تجادل في هذا المفهوم لما تراه على الأرض من بون شاسع بين حقيقة المقاومة و أعمال همجية ولع بها الرعاع و الجهلة ،

و باعتباري امرأة التقي بكثير من النساء سواء في العمل أو خارجه فإن ما أزعجني بل و أفزعني أن ثمة عددا من المتدينات بسذاجة و المنتميات إلى التيار الصدري قد تشبعن بمفاهيم شاذة و منحرفة تماما تلقي بأثرها على المجتمع لكون المرأة هي المؤسسة التربوية الأولى و هي المدرسة التي تخرّج ألأجيال و بمقدار ما تنحرف و تتلقى الأفكار الشوهاء ستزج إلى المجتمع بجيل لا يفهم سوى لغة العنف و القتل و التصفية و إتقان تركيب العبوة و حمل الأر بي جي تحت خديعة المقاومة التي ترددها جهات تريد ترسيخ نفسها كقادة من نوع ما و الطمع الدنيوي البغيض بالألقاب و المناصب ولو الاعتبارية و تحقيق أقصى قدر من المكاسب على حساب الآخرين . هذا في الوقت الذي تحرص مجتمعات العالم المتحضر على تنشئة أطفالها في أجواء سليمة بعيدة عن كل ما يمكن أن يثير في عقلية الطفل فكرة العداء ضد الآخر و استخدام العنف لغة للحوار معه وتجنب ما يسهم في تغذيته نفسيا و سلوكيا بما لا ينتهي إلا لإثارة المشاكل و الأزمات الاجتماعية الخطيرة .

ما هي المقاومة ؟ و هل هي حق أم فرض واجب ؟ و إذا كانت فرضا شرعيا واجبا فهل يأخذ شكل الإلزام مطلقا و تحت كل الظروف أم أن القضية تتبع متغيرات الظرف و الحال ؟ و المقاومة بعد هذا هل هي فقط حمل السلاح و إطلاق الصواريخ و اغتيال كل من يشك بكونه على علاقة مع الجهة التي يتم مقاومتها وهي هنا القوات الأمريكية قبل غيرها و إثارة أجواء البلبلة و اللغط و الفوضى العارمة ؟؟

المقاومة هي فعل يلجأ إليه من يغتصب حقه على يد جهة أخرى و أكثر مصاديقها وضوحا ما يواجه به جيش يغزو بلدا ما و يحتله أو يستعمره . و هذا هو تعريف مبدئي مختصر لمعنى المقاومة . و قد قيل إنها تمتلك شرعيتها من منطلق أخلاقي و إنساني و وطني و هكذا تتعدد المنطلقات في مقابل منطلق الشرع و الدين حيث تندرج تحت عنوان الجهاد الدفعي . و الحق أن المقاومة حق لأي إنسان يسعى إلى استعادة حقوقه التي اغتصبت منه بقوة السلاح . و لكن هذا الحق يزاحمه حق المتجمع ككل في الأمن و استتباب النظام و عدم التسبب بإراقة الدماء خاصة في حال لم تكن المقاومة سوى لغو و فعل سلبي غير منتج و العقل و المنطق كما الشرع الإلهي تقر جميعها ذلك بل و تلزم به . وفي الحالة العراقية فإن الوضع لم يترك مجالا أبدا للاقتناع بفكرة المقاومة لأسباب عديدة و متداخلة ، لعلها تبدأ بأن المقاومة غير مدعومة جماهيريا و دعك من اللغو الكثير الذي تسمعه هنا و هناك فهو ادعاء محض كادعاء صدام المقبور و نظامه البعثي الخائب أنه يتمتع بجماهيرية عريضة تقف معه في حماقاته و حروبه التي لم يجنِ منها الشعب العراقي المظلوم سوى المآسي و النكبات المريرة طيلة أكثر من عقدين من الزمن و لا حاجة للفت الانتباه أن في كل مجتمع و عبر تاريخ البشرية الطويل لا ترى مجموعة من الناس تستخدم العنف لتحقيق مكاسبها إلا و تدعي أنها تعبر عن رأي الجمهور و كم يبدو ادعاء تافها و مدعاة للسخرية حين نصدق أن الناس تدعم من يتسبب في الفوضى و تعطيل مظاهر الحياة و قطع الرزق اليومي عن قطاعات واسعة فضلا عن الأضرار المادية و المعنوية ! و لا تكاد تنتهي القضية عند عبثية ما يسمى المقاومة لأن الجميع يعلم علم اليقين أن أمريكا ما حشدت و جيشت أساطيلها و جاءت لتطيح بنظام صدام الذي كان من الممكن أن يحقق لها كل ما تريده بضغط بسيط و وعود برفع الحصار و تركه على كرسي الحكم لتترك بعد هذا كله البلد نهبا لمجاميع مسلحة مرتبطة بأجندات دول مجاورة . الواقع أن هناك أسبابا عديدة ليتشبع المراهقون و بعض الشباب بفكرة المقاومة . و هي أسباب سنعرض إليها في مقال قادم إن شاء الله

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك