( بقلم طالب الوحيلي )
ليست مقاربة تاريخية بين زمنين يفرق بينهما اكثر من اربعة عقود،وبحار من الدماء ومقابر جماعية وخراب متجذر بلغ قعر الأرض في وادي الرافدين،ولسنا في باب المقارنة بين أحداث ثوارة 14 تموز 1958 وما يجري اليوم، بالرغم من ان ما يجمع الحدثين هو تحرر الشعب العراقي من عهدين مستبدين ،بنيا على تهميش الاكثرية واشاعة الدكتاتورية الطائفية او الحزبية او القبلية ،فلاشك ان ثورة 14تموز كانت المسار الحقيقي لنضال وتضحيات الشعب العراقي بعربه وكرده من اجل بناء عراق ديمقراطي يتعاطى مع السواد الاعظم من ابنائه الفقراء والمعدمين على وفق نمط سياسي واقتصادي خارج منظومة الدوائر الرجعية التي سادت العالم الثالث والمنطقة العربية حصرا ،وكان المنتصر ولو نسبيا فقراء وفلاحو ومثقفو هذا الشعب ،وقد كانت مخاضات الاربع سنوات ونيف التي حكمت البلاد قد اورقت الكثير من العطاء والبذل الذي مازالت آثاره الى اليوم تطل على تاريخنا وحياتنا بالرغم من الهوة الزمنية التي غطاها طغيان الحكومات الانقلابية الشوفينية والفاشية، حيث صارت معاولا همجية لهدم كل مظاهر الحياة التي يمكن ان تترعرع لو اتيح لها بعض الزمن ،ولكن هيهات ان يركن الطغاة الى تطلعات الشعوب ،فقد تكالبت كل قوى الشر على اجهاض الثورة الفتية واغراقها ولو بفيض الدم الطاهر للابرياء.
الشعب العراقي لم يذعن لماكنة القتل والتنكيل ،وقد خبر أصول جلاديه وفروعهم ،وكابد الأمرّين من اجل الخلاص بين صمود بوجه التصفية والتهميش واغتصاب الحقوق،وبين بذل المزيد من التضحيات التي قدمها مجاهدوه ومناضلوه وبقية ابنائه ،حتى حانت ساعة الخلاص وسقط نظام الطاغية صدام ،لتصطف القوى التي تحملت العبء الاكبر من الظلم والاضطهاد لغرض بناء العراق الديمقراطي الفيدرالي الجديد بعيدا عن الظلم والاستبداد ، وقد استغرقت اكثر من ثلاثة اعوام في صرع مرير مع الكثير من المعرقلات والكبوات والطروحات المتباينة في ظل محيط سمج من السياسات الخاطئة لقوى الاحتلال التي سعت الى ترك النهايات مفتوحة بوجه رياح التنازع بين قوى لم تتمكن من استقراء جدي للشارع العراقي بسلبه وايجابه ،كما انها لم تذعن لحكم صناديق الاقتراع بعدما عدلت كثيرا في تحديد حجوم القوى السياسية والاثنية ،فيما انها تشاغلت كثيرا عن الخصم الحقيقي ومستويات تحركه وقدراته وما ورثه من خبرات ماضي حكمه الدموي ،الا وهو النظام البائد الذي لم تستطع تلك القوى تحجيم بقاياه او الحد من خطرتها او القضاء عليها ،لانها لم تتمكن من التوحد في استراتيجية سياسية وادارية لمستقبل تحف به بعض اسباب الانهيار والعودة الى الصفر او الى ما انتهت اليه ثورة العشرين او ثورة 14تموز خالدتا الذكر.
الشعب هو رهين بقادته بقدر ما هو القاعدة الذاتية لحركة التأريخ والتغيير ،لكن اخطاء تكتيكية يمكنها ان تجعله مجرد حطام او هباء في مهب رياح العصف وادوات القتل ،ولنستذكر شيئا من تاريخنا ،وكم دارت مكائن الموت فينا بسبب السياسات الخاطئة منذ انقلاب 1963 ولحد الآن،فلا احد يمكنه تبرئة نفسه في انهيار ثورة 14تموز ولا أحد يلومن ألا نفسه من جميع القوى الشريفة في العراق في سيطرة حزب البعث على مقاليد الامور في العراق سواء في الماضي او الحاضر او في المستقبل ،كون مايجري اليوم هو بدايات لكارثة اشد وطئة ودموية من كل كوارث تاريخ العراق ،بعد ان توضحت الابعاد والمرامي وتجسدت الأدوار ،ولاندري أي حصان لطروادة قد وقف متحامقا فيما تشحذ السيوف والنصال في جوفه ؟!واي ابن عاص يحمل بيننا مصاحفا وقمصانا تمكن بها قومه من استلاب حقوق الله والمستضعفين ، واغرق ارض الله بدماء طاهرة ،وأي أيديولوجيا تحكم سياسيينا ونحن نبذل كل يوم اكثر من مائة قتيل يكفينا فخرا ان ينعتهم إعلامنا بالشهداء ،فيما يصر إعلام شركاءنا في العروبة والإسلام بانهم قتلى ولا يستحقون الرحمة بالرغم من ان معظمهم من الاطفال والنساء والشيوخ وهم عزل ولم يشهروا سلاح ولم يكن لهم ذنب سوى انهم اتباع مذهب اهل البيت . بل ان مايلفت النظر هو صياغة وكالة رويترز للانباء مؤخرا ، بدأ تركز على ذكر اسم الميليشيات الشيعية او مجموعات شيعية عندما تنقل أخبار عن هجمات يدعيها السنة الطائفيون ويزعمون بان من قام بها هم الشيعة ، بينما هذه الوكالة تنسب العمليات التي يقوم بها التكفيريون الطائفيون السلفيون والبعثيون ، الى مجهولين ، وتقول ان مجهولين قاموا بالهجوم على مسجد شيعي !!! او تقول ان مسلحين هاجموا مسجدا شيعيا !!! في ظل هذا التحريف والتزوير للحقائق ، وفي ظل وجود ضوء اميركي في دعم واسناد الميليشيات السنية وخاصة التابعة لاحد الاحزاب المشاركة في الحكومة ولهيئة علماء السنة ولحلفائهم ، يكون على المواطنين الشيعة دفع الكثير من الارواح والخسائر .
هذه الاشارات و الاسئلة يعرفها من جلس تحت قبة مجلس النواب وهو لا يعترف بالدستورالدائم ولا بالحكومة بالرغم من انه قد استوزر بها وتقلد اهم المناصب السيادية فيها ،واتخذ من مجلس النواب هذا منبرا للدفاع عن الارهابيين وتبرر جرائمهم والمطالبة بالافراج عنهم وعدم تطبيق أي قانون بحقهم (قرت اعينهم).كما يعرفها عرابو الارهاب الذين اتخذوا من دول الجوار مراكز لهم لدعم الموجات التفجيرية والتكفيرية ،او الذين انكشفت حقيقتهم كزعماء لهيئات ارهابية اسسها صدام لترتبط فيما بعد بمحفل الماسونية كما اشارت الى ذلك وسائل الاعلام في خبر لها عن احدهم حين لم يكفه المؤتمر الاسلامي في تركيا من كيل اتهاماته وافتراءاته بحق نسلي اقدس أسرة أطهرها ووريثي اجل واعظم بيتين للشهادة والجهاد في سبيل الله والشعب العراقي الاوهما السيد عبد العزيز الحكيم والسيد مقتدى الصدر (دام عزهما)
فمن نافلة القول ان نذكر ما اوردته وسائل الاعلام بهذا الشأن حيث قالت صحيفة ازمير تورك اليومية التركية ان حارث الضاري الموجود في إستانبول لحضور إجتماع علماء المسلمين شوهد يخرج من المقر المركزي للمحافل الماسونية في المدينة.وقالت الصحيفة ان مشاهدة الضاري كانت محض صدفة حيث كان احد مراسلي الصحيفة قد تعرف على الضاري في إجماع علماء المسلمين وان الصحفي يسكن بالقرب من المقر المركزي للمحافل الماسونية في إستانبول.الى ذلك ذكر موقع نيويورك إندي مديا المشهور ان حارث الضاري قد إجتمع بالمحفل الماسوني في مدينة إستانبول التركية إثناء حضوره مؤتمر علماء المسلمين الأخير في تركيا.وقال الموقع في مقالة كتبها جيمس براون أن حارث الضاري هو قيادي بعثي أسس هيئة علماء المسلمين بتعليمات من صدام ليكون المظلة لمجموعات إرهابية بعثية بتسميات إسلامية من ضمنها قاعدة بن لادن والزرقاوي.
وقال جيمس براون في مقالته ان الضاري وإبنه حارث الضاري زاروا إسرائيل عدة مرات لينفعوها بتشكيل دولة غرب العراق للسنة العرب توازي سيطرة الشيعة الذين تتعاطف معهم إيران واضاف انه تم قبول حارث الضاري كعضو جديد في المحفل الماسوني. وهذه الوصلة إلى الموقع المذكورnyc.indymedia.org/en/2006/07/72889.htmlمن يعتقد ان مؤامرة دبرت ( بليل) لاسقاط الحكومة المنتخبة ،فهو واهم لان هذه المؤامرة تدبر اليوم وفي وضح النهار ، والذي يطلع على المخطط الذي نشره موقع شمس العراق على الانترنت ،يجد ان خطرا حقيقيا يحيق بمستقبل الشعب العراقي بصورة عامة ،هدفه الاساس اسقاط الحكومة واعلان حكومة طواريء وشن حرب ابادة على اتباع اهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتهجير من لم يقتل منهم بما في ذلك المجلس الاعلى ومنظمة بدر وجيش المهدي ، ، والسيطرة على العاصمة بغداد بعد احتلال الكرخ وتدمير الروضة الكاظمية وجامع براثا ، وخلق فتن وحرب اهلية في المحافظات الشيعية وجعلها حرب ( شيعية – شيعية ) مستغلين البعثيين والصداميين الذين لازالوا يسكنون المحافظات المذكورة ومستعينين بعدد من افواج الحرس الوطني وفوج امريكي ،ودعم اعلامي من فضائيات محلية وعربية معروفة،وباختصار شديد،انها مؤامرة لا تقل دهاءً ومكراً عن مؤامرات اليهود!
اننا ندعو كل القوى الوطنية المخلصة لشعبنا النظر الى هذا الامر بجدية، لانه ينم عن ابعاد خطيرة وتكتيكات بدأت ملامحها تظهر على ارض الواقع ،لتلافي الموقف من خلال دراسة ما موجود فيها ووضع الخطط والدراسات الامنية والعسكرية لافشال مخططات اعداء العراق.
https://telegram.me/buratha