المقالات

الهوية الوطنية بين مهرجانين


 

الشيخ الدكتور خيرالدين الهادي ||

 

توافرت الأدلة على العمق التاريخي للعراق بوصفه مهدا للديانات والحضارات, وازدان علوًّا ورفعة بعد أن تشرف ترابه باحتضان أجساد أولياء الله تعالى, ولطالما أكَّدت النقول الروائية على مكانة العراق الدينية والتراثية ولاسيما بعض المدن العريقة كالكوفة والبصرة ونينوى وسامراء وبغداد وغيرهم من البقاع التي توسد فيها قبور الأولياء واختلط ترابها بدماء الشهداء الذين سقوا أرض الوطن بأغلى المياه التي سكنت عروقهم فأهدروها كرامة وحبًا, فثبتت هوية الإباء واستقرت عنوانات الخصال الحميدة فبات الغريب ساقطا وبعيدًا عن القبول ممن شربوا ماء العراق وتخلقوا بالوفاء والتمسك بالعهود التي انتقلت من أصلاب الرجال إلى أرحام الامهات.

إنَّ العمق الحضاري للعراق يرفض كل أشكال الفسق الذي كشف عنه مهرجان العري والسقوط الذي أقامته بعض المؤسسات التي لا تمت إلى الواقع العراقي الأصيل بصلة؛ بل يمثل إرادة بعض السفهاء الذي أصبحوا مخدوعين بالثقافات الدخيلة التي غزت الوطن عبر مختلف المنصات الاعلامية أو التي تمَّ استيرادها من الخارج المريض الذي يعيش العولمة المقيتة التي فرضت الثقافات الخبيثة على الأوطان لتمزيق وحدتها وإبعادها عن أصالتها وعفتها كالتي انكشف عبر مظاهر التعري والسفور في مهرجان بغداد الدولي لتكريم الفنانين الذين تصوَّروا أنَّ الفنَّ بمعنى السقوط في البئر الذي لا قاع له.

ومن جهة أخرى فإنَّ البلاد تشرف بكراديس المواهب القرآنية التي كشفت عنها دار القرآن الكريم في العتبة الحسينية المقدسة بتخريج ثلة طيبة من حفظة القرآن الكريم ضمن مشروع أصيل يمثل حضارة العراق وعمقه الديني وتوسم بإسم مشروع التحفيظ الوطني الذي يضمن عددًا يربو على عشرة آلاف حافظ وحافظة للقرآن الكريم ينتشرون في مختلف المحافظات العراقية برعاية أبوية من العتبة الحسينية المقدسة التي أكَّدت قدرتها على المحافظة على الهوية والوطن في المجالات المختلفة مستندة إلى المرجعية الرشيدة التي كانت ولا تزال سدَّا منيعا ترعى الواقع الاسلامي بشكل عام والعراقي بشكل أخص من دون تمييز بين أبناء الوطن كخيمة تظل بالأبوَّبة على الجميع عطفًا وحنانا.

إنَّ من الحكمة أنْ تبحث المؤسسات الإعلامية عن الجهات التي تعمل على إثبات الهوية الوطنية للعراق وأهله, وتجانب الوقوف إلى جانب المرتزقة وأهل الطبول الذين باعوا آخرتهم بدنيا معاوية اللعين الذي أسس لمعالم السقوط بتمرُّده الكبير على وليِّ الله تعالى وحاول أنْ يتستر على فعلته الشنيعة بتسفيه المجتمع, وإبعاده عن ثوابته فغلب أهل الشقاق والنفاق وباتت الغايات تبرر الوسائل فعمدوا إلى طمس الثراث الإسلامي بالترويج للغناء والزنى وغيرهما من مظاهر السقوط والانحدار؛ وأصبح أتباعهم يتصورون أنَّ الثبات على نهجه من مظاهر القوة والتحضر فاستقرَّ الصراع بين أهل الحق والباطل وكلٌّ يعمل على شاكلته.      

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك