المقالات

هل ستكون صولة العمارة نهاية النهاية لمليشيات التيار الصدري ؟


( بقلم : فالح غزوان الحمد )

منذ تشكيل ما يُعرف بجيش المهدي كانت – كما لا زالت – الأصوات المخلصة تتعالى داعية التيار الصدري إلى حل مليشياته و الاندماج الحقيقي في العمل السياسي السلمي كونه الخيار الوحيد الذي يمكن توخيه في ظل المتغيرات السياسية و الاجتماعية في عراق ما بعد صدام .

كانت هذه الدعوات بقدر ما ترمي إليه من إشاعة الأمن و الاستقرار و بناء الدولة على أسس قوية و ضمان حقوق كل مكونات الشعب العراقي و على رأسها استرداد كامل السيادة الوطنية ، فهي أيضا كانت صادقة في نواياها مع أتباع التيار الصدري فهم في نهاية المطاف عراقيون و أخوة لا يجدر بغيرهم إلا نصحهم و توجيههم إلى الطريق الصحيح و الخيار الصائب الذي يصب في مصلحتهم و بالتالي في مصلحة العراق ككل لكونهم جزءا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي العراقي . إلا أن عقلية زعماء هذا التيار و الانقياد الأعمى لأتباعه لهؤلاء أبت إلا التصعيد و توخي خطاب الهجوم و التسقيط للآخرين و رفض كل الدعوات لحل المليشيات كونها خيار بائس و متخلف فالمليشيات لا وجود لها إلا في المجتمعات التي يسيطر عليها الجهل و رغبة التدمير و تسود فيها لغة العنف بعيدا عن لغة الحوار و التفاهم وهي في كل الأحوال لن تعود بأي خير على البلد و لن تحقق أي هدف مما يدّعى كإخراج المحتل الذي حقق مكاسب كبيرة بفضل وجودها و ها هي الآن تشكل نقطة الضعف كما أوضحنا في مقال سابق بالنسبة للمفاوض العراقي على الاتفاقية الأمنية ، حيث يرى الجانب الأمريكي استحالة ترك العراق ليكون لبنان ثانية في إشارة واضحة لمليشيات جيش المهدي و تعاظم خطرها مستقبلا و هو ما ورد على لسان رايان كروكر السفير الأمريكي في بغداد . هذه القضية تنبهت لها الحكومة العراقية بوقت مبكر و هي تسعى جاهدة الآن لسحب هذه الورقة من طاولة المفاوض الأمريكي عن طريق صولتها لتفكيك هذه المليشيات و ملاحقتها في كل مكان تلجأ إليه و لإثبات قدرة الجيش و القوى الأمنية العراقية على حماية مستقبل البلد و الوقوف بوجه العابثين و تجار الدمار و القتل .

بعد صولة الفرسان في البصرة و مدينة الصدر برزت الحاجة إلى صولة ثالثة في مدينة العمارة و هي المعقل الأخير و الذي لجأت إليه فلول المليشيات الهاربة من مدينة البصرة و بغداد و بعض المناطق الأخرى التي طالتها العمليات الأمنية و حققت الكثير من أهدافها . و خلال هذه الأيام تتواتر الأخبار عن التحضيرات العسكرية لشن هذه الصولة حيث تقترب الآن قطعات عسكرية كبيرة في طريقها إلى مدينة العمارة و هناك بعض الوحدات كانت قد دخلت بالفعل بصحبة عدد من كبار الضباط ، و يأتي ذلك بعد أن أصبح واضحا أن الأجهزة الأمنية في هذه المحافظة إضافة إلى الحكومة المحلية توفر كامل الدعم و الإسناد للمليشيات و تغطي على كل تصرفاتها و عملياتها الإجرامية ضد المواطنين الذين يتحرقون شوقا لتنفيذ عملية شبيهة بما حدثت في البصرة .

و يفترض أن هذه العملية سيتم خلالها الاستفادة من تجارب الصولات السابقة لا سيما في ضرورة إغلاق و إمساك كافة المنافذ الرئيسية و الفرعية المؤدية إلى محافظات أخرى أو التي تنتهي إلى الحدود مع إيران . إذ من الضروري في هذه الصولة إلقاء القبض على جميع المطلوبين الذين يشكلون الآن آخر شراذم المليشيا و عدم إفساح المجال لهروبهم سواء إلى مناطق أخرى أو خارج الحدود . و يساعد على ذلك أن توقيت العملية الجديدة جاء بعد عودة عشرات من قادة و عناصر المليشيا و دخولهم إلى داخل مدينة العمارة قادمين من معسكرات التدريب خارج العراق في سبيل تنفيذ عمليات ثأرية تستهدف الشرطة و الجيش في مدن البصرة و الناصرية و الكوت على خلفية هزيمتهم في بغداد و البصرة . إزاء هذا التحرك و اقتراب ساعة الصفر كانت ردة فعل قادة المليشيا تتراوح بين الاستذكاء الأقرب إلى البغاء و الضجيج الفارغ ، ففي الوقت الذي أعلن أحد مشايخ مقتدى بأن العملية لا تشملهم و ليست موجه ضدهم كانت خطبة الجمعة الصدرية في العمارة لمظفر الموسوي محضا من الطنين و التمشدق بقوى خارقة و غيبية مصدرها على حد زعمه و ادعائه الإمام المهدي وهو ما يمثل تواصلا مع خطاب أخذ يركز على جانب " المهدوية " حد أن أصبح المراقبون كما الموطن العادي يشعرون باقتراب تدريجي للهجة الخطاب الصدري من لهجة خطاب الفئات و الحركات التي تدعي المهدوية و كلها تلتقي في مصب تشويه واضح و مقصود لفكرة سامية و أصل من الأصول العقائدية للشيعة ، فكم هي خائبة و مظللة تلك المعادلة التي جاء بها مظفر الموسوي و التي جعلت من الصدريين هم مناصرو الإمام المهدي عليه السلام و أما الباقون فهم جميعا أعداء له و معارضون لحركته الإصلاحية و يعرقلون ظهوره ... و لمثل هذا فليعجب العاقل !إن أمنيات الشارع الميساني هي أن تحقق الصولة المرتقبة كافة أهدافها و تجعل العمارة القبر الأخير لهذه العصابات المجرمة و أن تكون النهاية التامة لسطوة المليشيات و تحكمها في حياة الناس .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو احمد
2008-06-14
الغريبة ان التيار الصدري يتهم المجلس الاسلامي الاعلى بالعمالة لايران وبقيامة بعمليات اغتيالات ؟؟؟ زين يابة انتو اشسويتو بالعمارة ؟؟؟ القتل والاغتيال وكل شخص ما يخضع لابتزازكم ينقتل ومن تسيطر الدولة على العمارة تهربون لايران ؟؟ هسة منو العميل لايران ؟؟؟ عبواتكم واسلحتكم وتمويلكم كله من ايران؟؟
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك