المقالات

نوري المالكي ليس نوري السعيد


بقلم سامي جواد كاظم

اخذت المعاهدة بل المشاورات حول المعاهدة العراقية الامريكية حيز واسع من الساحة الاعلامية مع حديث الشارع عن هذه المعاهدة والاوضح هو التشنجات التي طغت على ردود الافعال هذه .الامر الذي لايقبل الجدل ان كل طرف يبحث عن مصلحته والشيء المؤكد ان الادارة الامريكية تضع الاولوية لمصالحها على حساب الطرف الاخر وهذا ما حدث في المشاورات الاولية للمعاهدة هذه ، المهم هنا كيفية علاج البون الشاسع بين الرؤية العراقية والامريكية لانهاء الاحتلال وخروج العراق من البند السابع المؤثر على السيادة العراقية .

التاريخ يعيد نفسه وكان للعراق جولة على نفس المنوال مع الاحتلال البريطاني في بداية القرن العشرين وسعت بريطانيا لاملاء بنود في المعاهدة تضمن لها مصالحها في مستعمرتها العراق .وبالرغم من ان الدولة العراقية كانت حديثة التكوين في حينها الا ان المعارضة الشعبية العراقية والمظاهرات التي نددت ورفضت الاتفاقية التي كان من المزمع عقدها مع الاحتلال البريطاني عام 1926 وبالفعل لن يتم الاتفاق على هذه المعاهدة ولكن تم الاتفاق على معاهدة اتعس منها في 30 حزيران 1930 مع حكومة نوري السعيد ، وجرت عدة اضطرابات ومظاهرات بعد عقد هذه الاتفاقية المخلة بالسيدة العراقية منددين بها ومطالبين الغائها .اليوم هو البارحة ولكن العلاجات مختلفة فلابد من العلاج الانجع والانجح في خلق جو يسوده المحبة وتبادل المصالح مع الجانب الامريكي .

ومن المهم هنا هو التعرض الى اهم النقاط الخلافية مع الادارة الامريكية بخصوص المعاهدة والتعقيب عليها الانباء متضاربة بخصوص المختلف عليه في المعاهدة ، فقد اوردت الصحف البريطانية بنود خطيرة عن المعاهدة منها على سبيل المثال جريدة الاندبنت التي انفردت بنشر هذه البنود .فقد بينت ما تتضمنه الاتفاقية منها اقامة 50 قاعدة عسكرية اميركية في العراق بشكل دائم والسيطرة الاميركية على الاجواء العراقية والحصانة القانونية للقوات الاميركية والمقاولين الاميركيين. وسيكون للاميركيين حق السيطرة الدائمة على قواعدهم، وشن عمليات في اطار (الحرب على الارهاب) واعتقال العراقيين واستهدافهم دون خضوع للقانون العراقي.

اما ما اوردته وسائل الاعلام العراقية عن نقاط الاختلاف هي محاولة الاحتفاظ بحق السيطرة على الاجواء العراقية حتى ارتفاع 29 ألف قدم، والحصول على تسهيلات مفتوحة على الارض وفي الاجواء والمياه العراقية، والاحتفاظ بحق اعتقال وسجن اي عراقي يعتقد الجيش الاميركي أنه يشكل تهديداً لأمنه، والاحتفاظ بحق شن عمليات عسكرية لملاحقة الارهاب من دون الرجوع الى الحكومة العراقية،الاحتفاظ بالحصانة القانونية للجنود الاميركيين والمقاولين والشركات الامنية، كما واشير الى القواعد الامريكية المؤقت بقائها .

بغض النظر عن المطالب الامريكية في هذه المعاهدة ما هو المطلب من هذه المطالب اعلاه لم تقدم عليه امريكا على دول غير محتلة ولا معاهدة مبرمة معها . امريكا تتجاوز على كل مواثيق وقوانين الامم المتحدة فهي نفسها التي شنت الحرب على العراق من غير قرار اممي ولا اجماع دولي والكل ادعى ان الحرب غير شرعية .امريكا هي نفسها التي اعتقلت زعيم حزب العمال الكردي في افريقيا دون الرجوع الى حكومة تلك الدولة .امريكا نفسها هي التي قامت بعملية عسكرية فاشلة على الاراضي الايرانية خلال ازمة الرهائن في السفارة الامريكية في طهران الا ان القدر افشلها وفضحها .امريكا هي نفسها التي اعتقلت مواطنين من شتى جنسيات العالم في غوانتنامو امريكا هي نفسها تعبث بالامن للدول المجاورة لها من خلال تجارة الحشيش والسلاحامريكا هي نفسها الدولة الوحيدة في العالم التي استخدمت الاسلحة النووية دون سائر العالم .امريكا لم توقع على معاهدة محكمة العدل الدولي حيث ترفض اخضاع مجرميها لغيرها .هل يمكن تجاهل هذا كله اثناء المفاوضات ؟ اعتقد لا ، اذن قليلا من التأني والهدوء في إبرام المعاهدة مع الحصول على المكاسب البديلة اذا ما ارغمت الحكومة العراقية على توقيع بند لا يتفق والسيادة العراقية .من خلال تحليل راي البيت الابيض عن مدى مقدرة الحكومة العراقية على توقيع الاتفاق فانها ترفض عرض المعاهدة على الشعب او البرلمان العراقي لغرض التصويت وهذا المطلب بالذات اكده السيد السيستاني للقادة العراقيين .السؤال هنا لو تاخر توقيع المعاهدة ما هي النتائج المترتبة على ذلك ؟المفروغ منه يبقى العراق محتلا والعكس لو وقعت المعاهدة فانه سيبقى محتلا باطنا ، لو تم التمادي والتاخير في عقد المعاهدة فاننا سنشارف على الانتخابات المقبلة وعليه تبقى معلقة لحين اعلان نتائج الانتخابات وتشكيل حكومة عراقية جديدة وهنا لايمكن للايادي الامريكية ان لا تعبث يتشكيلة الحكومة العراقية الجديدة وعندها سندور في نفس الحلقة ونكون كدودة القز تلف تلف واخيرا تموت فيما كانت تلف .

الوضع العراقي الذي تطرق اليه الجانب العراقي اثناء مشاوراته الاولية مع الجانب الامريكي كان منطقي جدا ومقبول وعليه لابد من التفكير بحلول لا اقول تلبي مصالحنا 100% بل اقل من ذلك لان التمام صعب المنال .لدول الجوار وتحديدا السعودية وايران الاثر الفاعل على ما سيتم الاتفاق عليه من بنود فالاراضي المجاورة للعراق دون ايران مزروعة بالقواعد العسكرية الامريكية والذي يثبتها اكثر هم النهج الذي تتبعه السياسة الايرانية اتجاه ربيبة امريكا اسرائيل والذي بانت تفاعلاتها على الاراضي العراقية .

فالمدى البعيد الذي فكر به الجانب العراقي والمتمثل بعدم حق القوات الامريكية من القاء القبض على أي عراقي ما لم تعود الى الحكومة العراقية مع مراجعة دورية لبقاء القواعد الامريكية وعن مدى تفسير الجانب الامريكي لمصطلح الارهاب كلها نقاط مهمة وجذرية ، اضافة الى امور اخرى مهمة كذلك . فالمعاهدة بالرغم من ان تاثيرها على الوضع العراقي الا انها في نفس الوقت تؤثر على الاوضاع العربية والشرق اوسطية اجلا او عاجلا حيث يبقون طرف فعال في التوصل الى اتفاق على هذه النقاط الجوهرية .رفض المعاهدة يجعلنا نفكر بالماضي واعتقد لا مجال للمقارنة بين نوري المالكي ونوري السعيد .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
علي بكلوريوس اقتصاد وسياحة ودبلوم ادارة مدنية
2008-06-06
ماحدث في المانيا بعد الحرب العالمية الثانية هو ان الامريكان كان عندهم بيوت في فانكفورت يعتقلون فية الناس ويستجوبوهم خصوصا وهؤلاء الاشخاص الذي هربوا ايام الحرب الباردة من الاتحاد السوفيتي او الدول الاشتراكية الاخرى وقد عرض على التلفزيون الالماني هذا الموضوع ومن يقول بانهم لايعملوا هذا عندنا حتى لو اتفقوا مع العراق على الشروط لذلك على العراقيون دراسة هذة النقاط جميها واشراك الشعب فيها وان تكون ايضا ضمن المنهج الدراسي للطلبة اهم شي هو توعية الشعب
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك