المقالات

العتبة الحسينية... الأم والخيمة


( بقلم : حسن الهاشمي )

كما دور الأمومة احتضان أبناءها من دون تمييز وكما دور الخيمة توفير الحماية والأجواء الهادئة لكل من يلجأ إليها، فإن الذي يرمق الطفرة النوعية للمشاريع الثقافية والعمرانية التي تشهدها العتبة الحسينية المقدسة بعيد سقوط النظام البائد، يقف بكل حيرة وانبهار لما يراه من مشاريع ضخمة طالما حرمت منها طيلة مئات السنين المنصرمة نتيجة تسلط حكام الجور الطائفيين عليها، الذين كانوا يعارضون جميع المشاريع الطامحة للنهوض بها بما يلائم مقامها الشامخ عند المسلمين، ما عدى ما تخللتها من عهود انفتاح وانقشاع استغلها الموالون لبناء المشهد الذي هو عليه الآن وهو لا يسع بأي حال من الأحوال لاستيعاب الملايين الزاحفة نحو المرقد المقدس لاسيما في المناسبات المليونية، لذلك كان من اللازم الشرعي والأخلاقي والعقائدي من النهوض الحضاري لجميع العتبات وبالخصوص الموجودة في كربلاء إيفاء منا ولو بالجزء اليسير لما قدمه الإمام الحسين من تضحيات قلما يجد التاريخ لها مثيلا، تناسب لما حظيت به تلك المدينة المقدسة من مكانة وشموخ وعظمة حتى خصت بأنها ليست أفضل وأطهر بقعة في الحياة الدنيا فحسب، بل أن أرض كربلاء وكرامة للإمام الحسين عليه السلام تزف في الجنة كما تزف العروس كما جاء في عديد الروايات الصادرة عن المعصومين في هذا المجال.

ونظرا لما سبق فإن الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة وحرصا منها على إظهارها بالمظهر اللائق، فإنها علاوة على ما قامت به من مشاريع مختلفة للنهوض الحضاري، فإنها قامت بدور الأمومة في احتضان جميع الأحرار الموالين لسيد الشهداء عليه السلام بغض النظر عن توجهاتهم وميولهم السياسية، حيث أن العتبة الحسينية شهدت في الآونة الأخيرة توافد مئات الوفود العشائرية والدينية والرسمية ومن مختلف مناطق العراق ولاسيما المناطق الغربية، وأثبتت بذلك أن الإمام الحسين رمز للوحدة والألفة والتحابب والتعايش السلمي بين الشعوب، ولم تكتف بذلك وإنما شمرت عن سواعدها وشكلت لجانا متخصصة لتفقد دور الأيتام والمسنين وأصحاب الاحتياجات الخاصة، ومد يد العون والمساعدة لهم وتلبية ما يحتاجونه حسبما تطاله إمكانياتها للنهوض بواقعهم وإنزال الفرحة على قلوبهم كما كان يفعل صاحب المرقد المقدس وآباءه وأبناءه الكرام من نقل جراب الأطعمة والأشربة إلى المحتاجين مواساة لهم لما يتحملون من شظف العيش وانتشالا لما يعانوه من مشقة وعناء، وصولا لتحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي الذي يراعي العدالة في توزيع المال العام والحقوق على مستحقيها من دون محاباة وميول شخصية وفئوية، وهذا التوجه الذي التزمته العتبة إنما هو منهج إسلامي تبنته واقتبسته من الأئمة الهداة الذين يؤكدون دائما في أدبياتهم "خير الناس من نفع الناس"، وما طرق مسامعنا عن الإمام الحسين عليه السلام خير ملهم في هذا المضمار، وهو القائل "حوائج الناس إليكم من نعم الله عليكم".

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك