المقالات

محنة اطفال العراق في الاردن


بقلم : سامي جواد كاظم

اذكركم فقط باللجنة العربية لمقاطعة اسرائيل واعتراف الامم المتحدة بها وفق المادة 51 ( ليس في هذا الميثاق ما يُضعف أو يُنقص من الحق الطبيعي للدول -فرادى وجماعات- في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة). وتنقسم درجات المقاطعة إلى ثلاث: الدرجة الأولى: تشمل مقاطعة السلع ذات شهادات المنشأ الإسرائيلي. الدرجة الثانية: تشمل مقاطعة الشركات الأجنبية العاملة في إسرائيل. الدرجة الثالثة: تشمل مقاطعة الشركات الأجنبية التي لها علاقة بالشركات الإسرائيلية.

ومرت الايام والسنون واهتزت عروش وسقطت رؤوس وبانت عهود وتعالت اصوات المنادين بالتطبيع وبدات تترا معاهدات الصلح والاعتراف من قبل اغلب الدول العربية الموقعة على المقاطعة اعلاه ، واصبحت المقاطعة في خبر كان بحيث نشكك في كل من يدعي لاعلاقة له بالدولة العبرية .

لا جدال ولا خلاف على الانتهاكات الاسرائيلية واجرامها بحق الشعب العربي المسلم الفلسطيني خاصة والعربي عامة ولعل التاريخ لايمكن له ان ينسى ما اقدم عليه صاحب المصير التعيس شارون من اجرام نافس القاعدة على خستها . محور مقالي قضية بدات تتعاطى معها وسائل الاعلام العربية والعالمية بشكل لافت للنظر الا وهي قضية معالجة اطفال عراقيين مرضى في تل ابيب وما رافق ذلك من تشنجات واستهجانات . ولو خضعنا هذه القضية الى الموازين العرفية والشرعية والانسانية لنرى أي الطرف الغالب !!!

لأبدأ بالخبر الاردني والذي مجمله يثير الاستغراب والاستفهام يقول الخبر(اعتبرت نقابة الأطباء الأردنيين معاينة أطباء إسرائيليين لمرضى عراقيين في حرم مستشفى الهلال الأحمر الأردني، إساءة للجسم الطبي ومحاولة تطبيعية يرفضها أطباء الأردن كافة ).

الاردن صاحبة المعاهدة السلامية مع اسرائيل عام 1994 والتي بموجبها يتم التعاون اقتصاديا وثقافيا وسياسيا وبقية المجالات الضرورية ، فالعجب كل العجب ان الاطباء الاردنيين يعتبرون علاج المرضى اساءة ولا يعتبرون وجود الاطباء الاسرائيلين على ارضهم اساءة والاغرب من هذا ان منظمة الهلال الاحمر هي منظمة اسلامية فماذا يفعل اليهود فيها ؟

كم من رئيس دولة او ملك مملكة يسافر الى مغارب الارض ومشارقها للعلاج وتحت امهر الاطباء العالمين لعلاجه من الزكام مثلا فمن يستطيع ان يجزم عدم يهودية ولو بعض الاطباء المعالجين لهم ؟ وهل هؤلاء الرؤوساء والملوك ضمن صنف الانسان واطفال العراق لا ؟ ام هل المقصود من المنع ان الارض الاسرائيلية ارض مغتصبة ولا يحق للمسلم ان يطأها ، فكيف بالقادة السياسيين وبمختلف صنوفهم يذهبون الى هذه الارض المغتصبة لتقديم الولاءات والطاعات لقادة الدولة العبرية ؟. فانهم يذهبون ليعطون اما الطفل العراقي يذهب لياخذ .

لحم الخنزير حرام ولكن عند الاحساس بالمجاعة والموت يصبح حلال على قدر سد رمق الجوع ودرء الخطر(انَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [البقرة : 173])فما الفرق بين هذا وذاك ؟

اذن هنالك استثناءات للاحكام الشرعية اذا ما كان تطبيقها يؤدي بحياة انسان اما الانسانية فانها ليست حصرا على المسلم فكم من يهودي ومسيحي يتمتع بانسانية لا تجدها عند بعض المسلمين ، وقضية معالجة الاطفال العراقيين فانها لو تمت على ايدي اطباء عرب فان الفخر يبقى للمنظمة اليهودية التي تبرعت بمعالجتهم مجانا وذلك لتحريكها الضمير العربي الذي كان في سبات على طول فترة الاسبوعين اللذين كان فيهما الاطفال العراقيين وعوائلهم راقدين في مستشفيات عمان من غير مبالاة فبفضل الاعلان اليهودي تحرك الضمير العربي .

الا يوجد من اليهود اصحاب المروءة والانسانية بل يوجد وعلى سبيل المثال الكاتبة اليهودية ميري ريتزو والكاتب اليهودي غيلاد آتزمون والناشط اليهودي في مجال حقوق الإنسان دانييل لانغ ليفيتسكي الذين نددوا بالتطهير العرقي في فلسطين، وأنهم حذروا دبي من مغبة المشاركة في هذا العمل ( أي بناء المستعمرات )دون معرفة خبايا دوائر المال والاقتصاد في إسرائيل، وارتباطهما ببناء المستعمرات على الأرض الفلسطينية التي تم الاستيلاء عليها بالقوة من أهلها الشرعيين، تخيلوا يحذرون العرب المسلمين من المخططات الاسرائيلية .

الباحث اليهودي نورمان فلنكشتاين الذي كذّب المحرقة اليهودية من قبل هتلر فقد قامت المخابرات الاسرائيلية بترحيله خارج اسرائيل .  نعم قد تكون هنالك نوايا سيئة للاطباء الاسرائليين الذين عرضوا معالجة الاطفال العراقيين في تل ابيب وذلك للكسب الاعلامي والسياسي فقط وثمن الكسب هذا هو احياء طفل ، فهل يحق لنا حرمان الطفل من الحياة حتى نفوت هذا الكسب الاعلامي والسياسي على اليهود؟ الا يوجد اسلوب يمكن ان يتبعه جناب القادة العرب يحفظون ماء وجههم ويحيون طفل ويفوتون هذا الكسب الاسرائيلي وجعله لصالحهم ؟ اعتقد انها معادلة صعبة بالنسبة لهم .

الجانب الشرعي يؤكد اذا لم يوفر المطلوب لدى المسلمين مع ضروريته يحق للمسلم التعامل مع غير المسلم في هذا المجال الضروري ، فهل حياة طفل ليست من الضرورية ؟ الامر الاخر المهم الجانب المادي فالعرب الاشقاء يطلبون تكاليف اجراء العملية الواحدة والبالغة تقريبا 15 الف جنيه استرليني وهذا المبلغ لو كان بحكم المتعسر لذوي الاطفال المرضى يصبحون امام خيارين لاثالث لهما اما الموت واما القبول بالعلاج المجاني الاسرائيلي !!!.ستقف آريا، التي تبلغ من العمر 18 شهرا من كركوك امام الله يوم القيامة مع عائلتها الذين وافقوا على علاجها في مركز طبي مجاني في اسرائيل وتمت العملية بنجاح واعادت الامل والحياة لها ، مضافا اليها 11 عائلة اخرى وافقت على العرض الاسرائيلي فهل ستشكو الطفلة اريا عائلتها امام الله عز وجل ؟

عند توفر البديل الشرعي وبنفس كفاءة الغير شرعي مع نفس الامتيازات من عناية ومجانية يكون المسلم ملزم باتخاذ الجانب الشرعي ولكن اذا ما شكك المريض بالبديل الشرعي وانه يخشى على حياته مع توفر اسباب الشكوك وصدق النية في خوفه على حياته او حياة مريضه فهل ياترى يبقى ملزم بالالتزام بالبديل الشرعي ؟ اجعلوه سؤال صعب الاجابة واسالوا ذوي الاختصاص من فقهاء ومشرعين ليجيبوا على هذا السؤال .

حياة ولدي امانة في رقبتي واعمل المستحيل من اجل ان احافظ على حياته فلا ابالي بمن يعنف او ينتقد ما اقدم عليه طالما اصل لغايتي وهي انقاذ ولدي ، هذا راي وراي مردود عليّ .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو حيدر.....3
2008-05-27
5-كما قلت:لا جدال ولا خلاف على الانتهاكات الاسرائيلية واجرامها بحق الشعب العربي المسلم الفلسطيني:اذ ليس هنا البحث وانما الموضوع هو قول الحق وتقبل الحق لك او عليك؛معك او مع عدوك وهنا بيت القصيد وهو الفرق بين مذهبنا مذهب اللبيت-ع-او مذهب غيرنا فعندما يقف بطل المقاومة السيد حسن ويثني على محاسبة اسرائيل لرؤساهم عندما يخطء هو قول حق ولو لصالح العدو.....فكم رئيسا منا وقف امام العدالة للمسائلة؟ نعم نحن نعادي ونصادق بشرف ونرضخ للحق ولو علينا ولا نفقد البوصلة خاصة بوجود علمائنا ومجتهدينا وفقهائنا التقات
ابو حيدر.....2
2008-05-27
2-من هو او هم السبب لهذه الجرائم بحق العراق عامة والاطفال خاصة؟اليسوا هم من يرسلون البهائم المفخخة من ال سلول والوهابية؟هل تفعل اسرائيل هكذا مع اليهود؟ 3-هل تستخدم اسرائيل علاج اطفالها كدعاية واعلام ل(الحاخام والرئيس والخ)كما يفعل ال مرخان والاعراب ام تراه واجبا لايستحق الذكر 4-طالما هي دعاية اعلامية لماذا لا تسبقون انتم اسرائيل وتعلنوا انكم ومن باب الانسانية ستعالجون اطفالهم على نفقة دولكم مجانا لتكون للاسلام رفعة واعلاءا وهو دين الانسان اجمع؟الا يجوز ذلك شرعا عند الوهابية الظالة المظلة؟يتبع
ابو حيدر --1--
2008-05-27
الكثير من الاقلام تكتب ولكن القليل منها تختار الاصعب.فالموضوع الصعب يحتاج الى القلم الصعب وقلمك السيف اهل للصعب وهو ما نهجته بمقارعة الحجة بالحجة وبالدليل والمنطق. قراءت حول الموضوع مقالات عدة من مصر والاردن وال سلول وكلها تستنكر وتشجب وتعادى وللتوضيح اشير الى: 1-هناك برامج تلفزيونية في السعودية ودبي تتحدث عن علاج لاطفال من الدول العربية واحيانا من الدول الاسلامية الفقيرة ةعلى نفقة {صاحب السمو}او احد اغنيائهم فهل سائلوا او الم يروا معانات هؤلاء الاطفال لكي (ينعموا)برعاية اصحاب السوموم هؤلاء؟
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك