المقالات

محاولة اولى لتقييم حكومة السوداني (الجزء الاخير)


محمد عبد الجبار الجبار الشبوط ||

 

المعيار الخامس والاخير في تقييم الحكومة هو حجم الانجاز، والذي تستمد منه الحكومة ما يسميه ديفيد ايستون "شرعية الانجاز" وهذه تختلف عن شرعيات ماكس فيبر الثلاث )التقاليد، الكاريزما، العقلانية)، كما تختلف عن شرعية التمثيل القائمة على اساس الانتخاب. تحصل الحكومة على شرعية الانجاز من خلال ادائها الناجح في تحقيق السعادة للناس في مختلف المجالات التي تتعلق بها تطلعاتهم الامر الذي يُكسبها مقبولية ورضا الناس عنها.

تلزم الحكومة نفسها بمنهاج وزاري وبرنامج عملي تعتقد انه سوف يحوز على رضا الناس، وبالاخص عامة الناس الذين تنتمي اليهم فئة الفقراء والمحرومين وذوي الدخل المحدود. وهو الامر الذي اوصى به الامام علي في كتابه الى مالك الاشتر بقوله: "وليكن احب الامور اليك اوسطها فى الحق، و اعمها فى العدل، و اجمعها لرضى الرعيه، فان سخط العامه يجحف برضى الخاصه، و ان سخط الخاصه يغتفر مع رضى العامه."

يعتمد رضا العامة، اي عامة الناس، على ما يستطيع ان تقدمه الحكومة من انجازات مادية ملموسة خلال مدة ليست بالطويلة. ليس بالضرورة ان تكون كل مطاليب الناس معقولة وممكنة ومن ضمن صلاحيات الحكومة، لكن هذا لا يخلي ساحة الحكومة من ضرورة ان تحقق الانجاز المطلوب بالدرجة التي يُكسبها المقبولية ورضا الناس.

معيار الانجاز في التقييم يحتاج الى وقت قبل تفعيله. لا يمكن تقييم الحكومة على اساس هذا المعيار منذ اليوم الاول. ربما نحتاج الى ١٠٠ يوم او ربما سنة او غير ذلك. وفي كل الحالات لا يمكن اغفال عامل الزمن. وفي القراءة الاولى يبدو ان المنهاج الوزاري اغفل عامل الزمن في الكثير من صفحاته. وكان بالامكان تقسيم منظومة اهداف الحكومة الى ثلاثة انواع زمنيا: النوع العاجل، والنوع المتوسط، والنوع بعيد المدى. وتطبيق معيار الانجاز على اساس هذا التقسيم الزمني، ومن ثم مراقبة تطور شرعية الانجاز وفق هذه المراحل الثلاث.

وفي كل الحالات فان الانجاز يتوقف على عوامل كثيرة يجب اخذها بنظر الاعتبار، مثل العامل المالي وتوفر الامكانات المادية الاخرى، والعامل القانوني والتشريعي والاداري، والعامل السياسي، والعوامل الخارجية، وقوى التأثير المحلية الحزبية والاجتماعية والدينية وغيرها. ولا يمكن اغفال التأثير الكبير للفساد المالي والاداري على قدرة الحكومة على الانجاز. وقبل ذلك وبعده، فان الانجاز يتوقف على سلامة المركب الحضاري للدولة والمجتمع ومنظومة القيم العليا الحافة بعناصره الخمسة وهي: الانسان والارض والزمن والعلم والعمل. ونحن نعلم ان هذا المركب الحضاري يعاني من اختلالات حادة في جوانب كثيرة تعيق الاداء الجيد للمجتمع برمته بما في ذلك مؤسساته التنفيذية والتشريعية. ولا يمكن معالجة هذه الاختلالات دون ان يملك اصحاب القرار في التشريع والتنفيذ والادارة روية حضارية حديثة للدولة والمجتمع والافراد. وهذا امر لم تثبت السنوات الماضية ان الطبقة السياسية التي تولت الامور بعد سقوط النظام الدكتاتوري تملكه بدرجة من الوضوح تمكنها من تشكيل حكومات حسنة الاداء بالدرجة الكافية للحصول على درجة النجاح في مادة "شرعية الانجاز".

حكومة السوداني بنت هذه الطبقة، كما كانت حكومة الكاظمي من اسوأ افرازات هذه الطبقة بطبعة اخرى. ويتوقف نجاح السوداني على قدرته في تجاوز ذاته وطبقته السياسية و قدرته على ممارسة الحكم والادارة بنموذج حضاري حديث يتخلص بالصورة الممكنة من عيوب التأسيس والتحيزات الفئوية المتنوعة وقياس اعماله بنموذج الدولة الحضارية الحديثة وليس بنموذج الادارات السيئة التي سبقته.  استطيع ان اتمنى في هذه المرحلة، ولكني لا استطيع ان احكم اكثر من هذا، لكني سوف اتابع عن كثب تصرفات هذه الحكومة وسوف اعلن عن ارائي بشأن تصرفاتها تباعا.

تم

 

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك